ميريام فارس مع جيسيكا عازار... إصابة الهدف!

افتتحت الموسم الثاني من «40» بعد غياب عن المقابلات

الفنانة اللبنانية ميريام فارس بعد غياب عن المقابلات - ميريام فارس وجيسيكا عازار في برنامج «40»
الفنانة اللبنانية ميريام فارس بعد غياب عن المقابلات - ميريام فارس وجيسيكا عازار في برنامج «40»
TT

ميريام فارس مع جيسيكا عازار... إصابة الهدف!

الفنانة اللبنانية ميريام فارس بعد غياب عن المقابلات - ميريام فارس وجيسيكا عازار في برنامج «40»
الفنانة اللبنانية ميريام فارس بعد غياب عن المقابلات - ميريام فارس وجيسيكا عازار في برنامج «40»

كانت ستُحاط الحلقة بمزيد من الإقناع، لو أنها أُجريت بعد إطلاق ميريام فارس وثائقي حياتها. لم يخدم التوقيت جيسيكا عازار العائدة إلى برنامجها «40» بموسمه الثاني عبر «إم تي في». بدت كأنها حلقة من إعادات الصيف التي تبرع بها معظم الشاشات اللبنانية المتعثرة، ذلك لأن الحديث تركز على الوثائقي بنَفَس دعائي، وحين جربت المُحاوِرة الذهاب بعيداً، سألتها أول سؤال يخطر على البال: «كيف تعرفتِ إلى زوجك؟». ليتها لم تعِد بـ«معلومات تُكشف للمرة الأولى»، فذلك كان ليُريحها أكثر. غياب ضيفتها عن المقابلات منذ نحو ست سنوات، لم يشكل دافعاً عميقاً للخروج بلقاء قيم.
بدا كأن الضيفة على مسافة قريبة من الأسئلة المُحضرة لها. أفصحت خلال الحوار عن تدخلها عادة في التفاصيل ووضع يدها على سير الأمور في فنها وحياتها. تترك للناس هذا الانطباع، لفرط ما بدا الحوار مُعداً على قياسها، لا يحيد سنتيمتراً عما جاءت من أجله. ضابطة إيقاع الحلقة من أولها إلى آخرها. لم تدع حرفاً يتسرب من دون إذنها، أصابت الهدف وغادرت.
ربما لم تكن لتوافق على الحضور لو لم تطمئن له. أربعون سؤالاً لتجيب عن كل سؤال بدقيقتين. بدت دقيقة فلم تحتج في كثير من إجاباتها إلى تخطي الدقيقة! بعض الأسئلة باللون الأحمر، شرطها الأهم الصراحة وكسر الهالة حول جانب أو فكرة. لكن مع ميريام فارس عبرت «الخطورة» بسلام. تحط الطائرة بهناء بعد رحلة سعيدة. لا مطبات هوائية ولا طنين يصم الآذان.
ضيوف مروا في موسم البرنامج الأول، إلا أن لمرور ميريام فارس انطباعاً آخر. صحيح أن قماشة الحوار ليست خشنة، ولا نية لإحراج الضيف وإزعاجه. ولا مقاصد مبطنة لتحريك اضطراباته واستفزاز أعصابه. البرنامج أرقى من محاولات إشعال النار الدارجة على بعض شاشات لبنان. نقدُه لسببين: الأول هو فقدان التوازن خلال وضع الأسئلة، والثاني هو صبغها بلون تسويقي. في الحالتين، يُسحب البساط من تحت قدمَي عازار التي تكتفي هنا بدور قراءة المكتوب على الورق، بعدما قدمت في حلقات سابقة دوراً أكثر فاعلية في النقاش وشد الأحزمة.
سيُقال الآن: حسناً، لا مفر من حوار ميريام فارس في سيرتها الوثائقية التي حققت أرقاماً مرتفعة على «نتفليكس»، وهي رحلة حياة على غرار نجمات عالميات كبيونسيه وتايلور سويفت وليدي غاغا، تُعد الأولى عربياً لفنانة من لبنان. صح. بشرط محاولة نبش جوانب أخرى في الضيفة لم تصورها بنفسها بكاميرا هاتفها خلال الحجر المنزلي وتُخضع اللحظات للمونتاج ثم تعرضها في فيلم. انتهاء الحلقة من دون الخروج بجديد عن الضيفة المُبتعدة من الإعلام، والاكتفاء بالأسئلة «السهلة» ذاتها عن الوثائقي والزوج المغطى وجهه دائماً، والمرض الغامض الذي أصابها، أضرا بالمحتوى أكثر مما أفادا.
ميريام فارس جدلية، تحرك الفضول. خلف الفنانة والزوجة والأم، امرأة لم تكترث لها الحلقة برغم طرح السؤال: «ماذا تغير بها وكيف تنظر اليوم إلى الأمور؟». سيحلو للناس سماعها وهي تستعيد بدايات علاقتها بزوجها والوقوع في الحب. وسيروق لمن لم يشاهد الوثائقي التعرف أكثر إلى فنانة تعود في السابعة مساء إلى منزلها للاهتمام بإطعام الطفلين وموعد استحمامهما. لكن ماذا عن ميريام من الداخل؟ صحيح أن للمرء أوجاعاً لا يبوح بها، يُخبئها ويُشدد حولها الحراسة، إنما الحوارات اللماعة هي القادرة على مسّ الجرح من دون خدش صاحبه، ومسحه برفق.
تُبارك الفنانة للإعلامية انتقالها إلى عالم المتزوجين وتتمنى لها التوفيق. في الخلاصة، قدمتا معاً مقابلة «خالية من العيوب»، تخدم «صورة» الضيفة التي تريدها «مثالية». التسويق المتأخر للوثائقي، في مقابل أسئلة عامة عن حياة تتوافر معظم فصولها على «نتفليكس»، عطل محرك الحلقة وهدأ بعض نبضها.
فيما الجذع يتوه، يضرب الوهن أطراف الأوراق. ذلك لا يعني أن ثمار الحلقة تفقد جميعها حلاوة الطعم. فميريام فارس لم تُسئ إلى أحد ولم تقلل من شأن أحد. كل ما أرادته هو ربما التسويق لنفسها، وإقناع الناس باحترام خصوصيتها. فلا تُجلد إن أخفت وجه طفلها وأبعدت زوجها عن العيون. تطل لتقول: «أنا إنسانة عادية، أشارك في اجتماعات الأمهات المدرسية، وأنضم إليهن في مجموعات (واتساب). لكني أريد لابني أن يكبر بلا أضواء الشهرة، فلا يعاتب يوماً على زجه تحتها من دون استشارته». حقها، والاحترام واجب.
تصبح العائلة أولوية، في مسيرة فنية عمرها نحو 20 عاماً، تبحث فيها ميريام فارس عن الاختلاف. تُحسب لها شطارة الاستعراض وليونة الحضور المسرحي والأفكار من خارج الصندوق. الجدليات الحائمة حولها لا تستهدف الفنانة من حيث الغناء والفيديو كليب وإحياء الحفلات والأفراح في الخليج، بل تلاحقها في مبالغتها بالدراميات وفي مفهوم «المصيبة» ورد الفعل حيالها، وفي بعض «الشخصي» الذي أطلت في الحلقة للدفاع عنه.
عتبان على اللقاء: زعمه أنه سيكشف المستور وانزلاقه خلف «تلميع الصورة». الغياب التلفزيوني الطويل لم يُعوض.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».