الحوثي لكوادر صحية وإدارية: العمل بدون مقابل أو السجن

TT

الحوثي لكوادر صحية وإدارية: العمل بدون مقابل أو السجن

في أعقاب التصعيد الأخير من قبل موظفي هيئة مستشفى الثورة العام في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق رفضهم لقمع وفساد الميليشيات الحوثية، هددت الأخيرة باعتقالهم وسجنهم وفصلهم من الوظيفة، في حال رفضوا العمل من دون مقابل مادي، بحسب ما ذكرته مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط».
وأكدت تلك المصادر أن القيادي في الميليشيات المدعو عبد الملك جحاف، المنتحل صفة مدير هيئة مستشفى الثورة، أصدر خلال اليومين الماضيين تهديداته العلنية لنحو 30 موظفاً، بينهم أطباء وصيادلة وممرضون وكادر فني وإداري، بالاعتقال والسجن والفصل النهائي من الوظيفة وإحلال آخرين مكانهم، في حال رفضهم مواصلة العمل في المستشفى بشكل مجاني.
ورداً على تلك التهديدات، نظّم العشرات من الأطباء والكادر التمريضي في مستشفى الثورة العام بصنعاء وقفة احتجاجية جديدة استنكاراً لتلك التهديدات ورفضاً لكل الانتهاكات والتعسفات الحوثية المتبعة بحقهم.
وقال مشاركون في الاحتجاج، لـ«الشرق الأوسط»، إن الوقفة التي نظمت أمام إحدى بوابات المستشفى طالبت بوقف سرقة الجماعة الحوثية لمستحقاتهم المخصصة لهم من عوائد ذلك المرفق الحكومي. وعبّروا عن رفضهم للممارسات كافة التي ينتهجها بحقهم القيادي الحوثي جحاف.
وأضافوا أن الميليشيات لم تكتفِ كعادتها منذ أعوام بنهب رواتبهم، بل تجاوزت ذلك وصولاً للتضييق عليهم وأسرهم من خلال سرقة مستحقاتهم المخصصة من عائدات المستشفى، وكذا إجبارهم على العمل دون مقابل والسكوت على الجور والبطش المتكرر بحقهم.
ورغم تهديدات الجماعة الانقلابية لهم بالفصل والاعتقال والإيداع في السجون، فإن كثيراً من المحتجين أكدوا أن انتفاضتهم تلك ستتواصل حتى إطلاق جميع مستحقاتهم المالية ورفع الظلم والانتهاك الحوثي المرتكب ضدهم.
ولا يزال غالبية العاملين بذلك المرفق الصحي الحكومي الخاضع تحت سيطرة الحوثيين يعيشون منذ أشهر ظروفاً معيشية ومادية صعبة، وصلت حد عجزهم عن توفير أجور المواصلات لحضور الدوام اليومي.
ويؤكد مسؤول بنقابة الموظفين في المستشفى أن الاحتجاجات ضد جرائم وفساد الانقلابيين مستمرة. ويشير إلى أنها اكتسبت مؤخراً زخماً متصاعداً من خلال تكثيف الإضرابات في عدة أقسام وتزايد الوقفات الاحتجاجية المطالبة بالمستحقات المنهوبة، والوقوف ضد تعسفات وفساد القيادي الحوثي المدعو جحاف.
ومع تكرار شكاوى الأطباء والعاملين بهيئة مستشفى الثورة العام في صنعاء من مواصلة تعرضهم لجرائم وانتهاكات يومية تمارسها الجماعة ومسلحيها بحقهم، جدد المسؤول النقابي مطالبته للموظفين ورؤساء النقابات وموظفي القطاع الصحي بمناطق سيطرة الميليشيات بالتضامن مع مطالب موظفي الهيئة بإطلاق جميع مستحقاتهم.
كما جدد دعوته لجميع المنظمات الدولية والمحلية المعنية بالمجال الصحي والحقوقي إلى إدانة الإجراءات الحوثية القمعية التي تتم ممارستها بحق أطباء وكوادر هيئة مستشفى الثورة الذين كثيراً ما يخرجهم الجوع والحرمان للاحتجاج والمطالبة برواتبهم.
وعبّر المسؤول النقابي الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية بطش الميليشيات، عن استنكاره لمواصلة تجاهل الحوثيين لما يزيد عن 10 وقفات احتجاجية نفذها العاملون بهيئة المستشفى خلال الأشهر الماضية للمطالبة بصرف مستحقاتهم المخصصة من عائدات المستشفى حتى تُعينهم وأسرهم على العيش واستمرار الحياة وتقديم الخدمات للمرضى.
ومنذ مطلع العام الحالي، تصاعدت حدة الإجراءات التعسفية من قبل الميليشيات الحوثية بحق مئات الأطباء والعاملين بمستشفى الثورة في صنعاء ومشافي حكومية أخرى بمناطق سيطرة الجماعة، في حين واصلت المنشأة الطبية حصر خدماتها، إما على الجرحى والمرضى الحوثيين، أو لمن يدفع مبالغ أكثر من المرضى اليمنيين.
وكانت مصادر طبية بصنعاء كشفت في وقت سابق عن اختطاف الميليشيات أواخر مارس (آذار) الماضي 6 أطباء وعاملين بمستشفى الثورة بصنعاء بعد أيام على رفع الشارات الحمراء والاعتصام تمهيداً للإضراب الشامل احتجاجاً على الانتهاكات الممارسة بحقهم.
وقالت المصادر حينها لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة بررت حملة الاعتقال تلك بأن المعتقلين يحرضون زملاءهم ويطالبونهم بتنفيذ وقفات احتجاجية وإضرابات.
وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي، شنّت ذات الجماعة الموالية لإيران، حملات اختطاف طالت 12 طبيباً و17 عاملاً صحياً من مشافي الثورة والجمهوري والسبعين في صنعاء، وذلك عقب فشلها بإقناعهم في الالتحاق بجبهات القتال لمداواة جرحاها.
وتأتي تلك السلسلة من الممارسات غير القانونية بحق العاملين الصحيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في وقت لا تزال فيه الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية بذلك المجال تطلق عدة تحذيرات من انهيار الوضع الصحي في اليمن، الذي قالت عنه إنه لا يحتمل الانتظار مع دخول الحرب في البلد عامها السابع، ما أثّر على مختلف مناحي الحياة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.