شركتان في «كاوست» ضمن الفائزين العشرة في مسابقة «تحدي الغذاء في الفضاء»

«ناتوفيا» و«إدامة» طرحا حلولاً مبتكرة لنظام غذائي صحي

نجاح «كاوست» في مسابقة تحدي الغذاء في الفضاء العميق التي تنظمها وكالة ناسا الأميركية (الشرق الأوسط)
نجاح «كاوست» في مسابقة تحدي الغذاء في الفضاء العميق التي تنظمها وكالة ناسا الأميركية (الشرق الأوسط)
TT

شركتان في «كاوست» ضمن الفائزين العشرة في مسابقة «تحدي الغذاء في الفضاء»

نجاح «كاوست» في مسابقة تحدي الغذاء في الفضاء العميق التي تنظمها وكالة ناسا الأميركية (الشرق الأوسط)
نجاح «كاوست» في مسابقة تحدي الغذاء في الفضاء العميق التي تنظمها وكالة ناسا الأميركية (الشرق الأوسط)

في إنجاز عالمي بارز لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، اختيرت كل من شركة «ناتوفيا» وشركة «إدامة»، وهما من شركات التقنية الزراعية الناشئة في كاوست، ضمن قائمة الفائزين العشرة في مسابقة تحدي الغذاء في الفضاء العميق التي تنظمها وكالة «ناسا» الأميركية.
وهذا التكريم المشترك من قبل «ناسا» ووكالة الفضاء الكندية (CSA) هو بمثابة اعتراف بتميز «ناتوفيا» و«إدامة»، في طرح حلول مبتكرة وتطوير تقنيات جديدة لإنتاج الغذاء في الفضاء. وسيتم بث برنامج يسلط الضوء على هذا التحدي بتاريخ 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، على تلفزيون «ناسا» مع تفاصيل حول الحلول الفائزة والخطوة القادمة للشركات المتنافسة.
ويحظى مجال تكنولوجيا الفضاء في الوقت الحالي باهتمام بارز وتطور كبير في جميع أنحاء العالم، حيث يبحث المبتكرون عن طرق لتوسيع الوجود البشري خارج كوكب الأرض وإدارة الموارد الأساسية في الفضاء. ونظراً لأن رواد الفضاء يحتاجون إلى نظام غذائي صحي خلال رحلاتهم المكوكية، تحاول «ناسا» عبر تنظيمها لهذه المسابقة فتح المجال أمام الشركات العالمية الرائدة لتطوير تقنيات جديدة لإنتاج أغذية صحية ولذيذة للرحلات الفضائية الطويلة تتطلب الحد الأدنى من الموارد وتنتج نفايات محدودة.
ومن مقرهما في مجمع الأبحاث والتقنية في «كاوست»، تضافرت جهود وخبرات «ناتوفيا» و«إدامة»، كشريكين في المسابقة، لطرح حلول مبتكرة لمواجهة تحدي «ناسا»، حيث يجمع الحل المشترك لهذا الثنائي المتميز بين تقنيات الزراعة المائية (دون تربة) الذاتية المتقدمة وأنظمة زراعة الطحالب الكبيرة وأنظمة التسميد، والتي يتم دمجها في نظام بيئي لإنتاج الغذاء سهل الاستخدام وبتكلفة صيانة منخفضة ويعمل ضمن حلقة تكرارية مغلقة. وتتمحور الفكرة الأساسية لهذا النظام على استعادة الموارد من النفايات وإعادة استخدامها بكفاءة لزيادة الإنتاجية وتقليل الاعتماد على المدخلات الخارجية. ويمكن أن يوفر هذا النظام قائمة طعام متنوعة ومغذية تضم كلاً من الفواكه والخضراوات والمكملات الغذائية المصنعة من الطحالب.
وقال الدكتور كيفن كولين، نائب الرئيس للابتكار في «كاوست»: «يسعدنا مشاهدة هذا التعاون المثمر بين (ناتوفيا) و(إدامة)، وهو ما يعكس جودة وتقدم بيئة ريادة الأعمال التي تؤسس لها كاوست السعودية لتسخير العلوم والتقنية لمعالجة المشكلات ذات الصلة بالعالم أسره».
وعبّر مؤسس «ناتوفيا» غريغوري لو، عن سعادته الكبيرة بهذا التكريم، بقوله: «هذه الجائزة من وكالة ناسا هي اعتراف كبير بجودة ابتكارات (ناتوفيا)، وأنا على يقين أنه بشراكتنا الناجحة مع (إدامة)، والتقنيات المتطورة في (كاوست)، سنتمكن من معالجة تحديات العديد من الصناعات. وفي حال تمكننا من زراعة النباتات في الفضاء، سنتمكن من زراعتها في أي مكان: في المنزل أو المكتب أو المطعم».
من جانبه، قال ميتشل مورتون، مدير التقنية التنفيذي والشريك المؤسس لشركة «إدامة» للحلول العضوية: «اختيار وكالة ناسا لشركتنا هو شرف عظيم وتشجيع كبير لنا للمضي قدماً في عملية تطوير حلولنا المبتكرة».
ومن ناحية أخرى، تعمل الشركتان الناشئتان في «كاوست» على وضع حلول ناجعة لمعالجة مشكلة الأمن الغذائي في المملكة عبر تطوير الزراعة المائية (دون تربة) والتي تعتبر أداة قوية في الزراعة المستدامة، خاصة في كفاءة استخدام المياه. و«إدامة» هي الشركة الأولى من نوعها في السعودية التي تقدم حلولاً متقدمة لإعادة تدوير النفايات العضوية للبلديات والمجتمعات الصغيرة، بهدف تطوير معالجة وإدارة النفايات في المملكة. أما «ناتوفيا» فهي شركة أنشأتها «كاوست» كمختبر أبحاث متخصص في أنظمة الزراعة المائية، حاصل على العديد من الجوائز، ويضم تقنية فريدة تمكن النباتات والأعشاب الطازجة من النمو على مدار العام.



معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)
يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».