سفراء سودانيون يحثون حكومات غربية على رفض «الانقلاب»

TT

سفراء سودانيون يحثون حكومات غربية على رفض «الانقلاب»

في بيان رافض للانقلاب العسكري في السودان، خرج كثير من السفراء السودانيين عن صمتهم، منددين بأحداث العنف ضد المتظاهرين السلميين، مطالبين بالإفراج عن المعتقلين والمسؤولين المدنيين كافة، وعلى رأسهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وتأتي هذه الدعوات من الدبلوماسيين السودانيين في الوقت الذي تواصل فيه المؤسسات الحكومية الأميركية والتشريعية وقوفها مع المطالبات الشعبية بعودة الحكومة المدنية، ورفض الانقلاب العسكري في البلاد.
وأعربت سفارة الولايات المتحدة في الخرطوم، في تغريدة لها على صفحتها في تطبيق التواصل الاجتماعي «تويتر»، عن أسفها «العميق» للخسائر في الأرواح، وإصابة عشرات المتظاهرين الذين خرجوا من أجل «الحرية والديمقراطية»، مدينة في الوقت نفسه الاستخدام «المفرط للقوة».
وعبرت الوكالة الدولية الأميركية للتنمية عن أسفها لمواصلة انقطاع خدمات الإنترنت في السودان الذي صادف أمس مرور 3 أسابيع على تولي الجيش السلطة في السودان، وهو ما يقف ضد «إرادة الشعب»، مضيفة: «يستمر انقطاع الإنترنت لليوم الـ22، مما أدى إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية، وخنق حقوق حرية التعبير، والتجمع السلمي».
وأكد بيان من «اللجنة التنسيقية للسفراء والدبلوماسيين السودانيين المناهضين لانقلاب 25» رفض «القرارات الأحادية» التي اتخذتها القيادة العسكرية في البلاد، وذلك بتشكيل مجلس للسيادة جديد لقيادة البلاد، معتبرين أن القرارات الصادرة منه كافة تعد «باطلة» شكلاً ومضموناً.
وطالب البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه بضرورة إطلاق سراح رئيس الوزراء «الشرعي»، والسجناء المعتقلين كافة، والوقوف إلى جانب شعب السودان في نضاله من أجل «الحرية والسلام والعدالة». وأضاف: «نقف صفاً واحداً مع جماهير شعبنا الأبية في هبتها العظيمة في 13 من نوفمبر (تشرين الثاني) لوضع حد للانقلاب المشؤوم، واستعادة الشرعية الدستورية، والحكم المدني الديمقراطي في البلاد».
وحذر السفراء والدبلوماسيون، في بيانهم، بقيادة نور الدين ساتي السفير السوداني لدى واشنطن، من استخدام العنف والرصاص ضد المتظاهرين السلميين، معتبرين أن «حق التظاهر السلمي مكفول في الدساتير والقوانين الوطنية والدولية كافة، وقد أظهرت جماهير الثورة سلوكاً نموذجياً في كافة المليونيات السابقة».
وفي حوار مع شبكة «صوت أميركا»، قال ساتي إنه لا يزال يتحدث بانتظام إلى المسؤولين الأميركيين في وزارة الخارجية، وكذلك في الكونغرس بشقيه (مجلسي الشيوخ والنواب)، وذلك لشرح الموقف السوداني الشعبي الرافض للانقلاب، مؤكداً أن «هناك دعماً ساحقاً لموقفي ولموقف زملائي الذين اتخذوا الموقف نفسه الرافض للانقلاب».
وأشار ساتي الذي تم تعيينه في منصبه بعد رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في نهاية 2019 إلى أنه عقد اجتماعات مع ممثلي المغتربين السودانيين في الولايات المتحدة، وخرج الاجتماع بالاتفاق على «العمل معاً، وأعتقد أن زملائي أيضاً في السفارات الأخرى، مثل تلك الموجودة في بروكسل وباريس وجنيف وبكين وجنوب أفريقيا ونيويورك، يفعلون الشيء نفسه».
وأفصح السفير السوداني الذي طالبه المجلس العسكري السوداني بالامتثال للقرارات الجديدة أو الاستقالة أنه يعمل مع الأميركيين «بالضغط على الانقلابيين من أجل وقف ما قاموا به، وإعادة البلاد إلى ما كانت عليه». وأضاف: «يجب قبول الانخراط بإخلاص مع العنصر المدني من أجل إخراج البلاد من هذه الأزمة؛ الانقلاب العسكري لا يحل المشكلات أبداً. والولايات المتحدة عليها أن تضغط على مدبري الانقلاب من أجل التغيير؛ ليس لدينا شيء ضد الجيش، لكن مشكلتنا هي أن بعض الناس في الجيش لا يريدون أن تمضي هذه الثورة إلى الأمام».
وبدورها، كتبت هالة الكارب، المديرة الإقليمية للمبادرة الاستراتيجية للمرأة في منظمة «القرن الأفريقي»، في مقالة لها على موقع مجلة «نيوزويك» الأميركية، أن المتظاهرين السودانيين «الأبرياء العزّل» طالبوا مرة أخرى بحقهم في العيش في ديمقراطية سلمية، وهم مرة أخرى «دفعوا ثمن مطالبهم بحياتهم».
وقالت إنه بعد أسبوع من اعتقال الجيش لرئيس الوزراء، وحل القيادة المدنية في البلاد، احتشد عشرات الآلاف في العاصمة الخرطوم، وفي جميع أنحاء البلاد، في مواجهة قوات الأمن التي أطلقت الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية، وقُتل العشرات من المتظاهرين، وجُرح أكثر من 100 آخرين.
وانتقدت الكارب تبرير قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، بأن الانقلاب «كان ضرورياً للحفاظ على الاستقرار»، موضحة أن هدف البرهان ينكشف من خلال رفضه نقل قيادة مجلس السيادة المشترك إلى السيطرة المدنية، وهو ما يطالب به معظم السودانيين، محملة البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، المسؤولية عن «الجرائم التاريخية في السودان، وهم بذلك يهددون شبكاتهم الاقتصادية غير المشروعة»، وأكدت أن «الانقلاب العسكري» الأخير في السودان هو محاولة أخرى «لإعادة البلاد إلى الزاوية المظلمة، وسيفشل في النهاية».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.