مسؤول أمني إسرائيلي في القاهرة لبحث صفقة الأسرى

مصر تسعى إلى تهدئة بعيدة المدى... ومصالحة بين السلطة و{حماس}

استعراض في غزة أمس لعناصر من الجناح العسكري لحماس (أ.ف.ب)
استعراض في غزة أمس لعناصر من الجناح العسكري لحماس (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أمني إسرائيلي في القاهرة لبحث صفقة الأسرى

استعراض في غزة أمس لعناصر من الجناح العسكري لحماس (أ.ف.ب)
استعراض في غزة أمس لعناصر من الجناح العسكري لحماس (أ.ف.ب)

وصل المستشار ورئيس مجلس الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، إيال حولتا، إلى القاهرة، أمس الأحد، بدعوة من وزير شؤون المخابرات في الحكومة المصرية، اللواء عباس كامل. وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، إن حولتا سيتباحث مع كامل «في مستقبل الوضع في قطاع غزة، ودفع الجهود للتوصل إلى تهدئة بعيدة المدى بين إسرائيل وحركة حماس، ومصالحة بين السلطة الفلسطينية في رام الله وبين حماس، وربما كيفية التقدم في صفقة تبادل أسرى».
وأضافت المصادر، أن مصر أنهت إعداد مشروع متكامل حول هذه المواضيع، وتوصلت إلى تفاهمات في غالبية هذه القضايا مع الأطراف الفلسطينية، وتنتظر موافقة إسرائيل عليها. وتابعت، أن اللواء كامل، ينوي زيارة إسرائيل في نهاية الشهر الجاري لإتمام الاتفاق؛ ولذلك فإن زيارة الوفد الإسرائيلي برئاسة حولتا، تعتبر خطوة متقدمة في هذا المسار.
ونقل المراسل السياسي في موقع «واللا» الإخباري، باراك رافيد، أمس، عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم، إنهم يتوقعون أن يتناول اللقاء بين حولتا وكامل، أيضاً الوساطة المصرية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس. وأكد أن هذه الصفقة ستشمل في المرحلة الأولى، إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين مسنين وأسيرات وأطفال مقابل إفراج حماس عن جثتي الجنديين والمواطنيْن الإسرائيليين، والتعهد الإسرائيلي بإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين الآخرين، على عدة مراحل.
واعتبر الإسرائيليون هذه التطورات تعبيراً عن التوجه الذي أعلنه اللواء كامل، خلال وجوده في مؤتمر المناخ في غلاسكو، في الرابع من الشهر الجاري. فعلى غير عادته، وافق كامل على التكلم إلى الصحافيين الإسرائيليين، نداف إيال من صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وباراك رفيد من موقع «واللا»، خلال استراحة من لقاءاته في مؤتمر المناخ، فقال إن «مصر تبذل كل جهد ممكن وتعمل ليل نهار من أجل حل قضية الأسرى، الملحة لدى الطرفين، وهي تتغلب على الكثير من العقبات. ويمكن القول إن هناك تقدماً في عدد من البنود».
وكشف أنه سيزور إسرائيل ورام الله في غضون الشهر الجاري، في هذا الإطار.
وأوضح كامل، أن «ما تسعى مصر إلى تحقيقه هو إبرام اتفاقيات متعددة الجوانب لا تقتصر على حماس، بل تشمل أيضاً عودة السلطة الفلسطينية بشكل تدريجي إلى غزة». وأكد أن المسؤولين في المخابرات المصرية، يتحدثون يومياً مع المسؤولين في كل من إسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية، حول الوضع في غزة، وشدد على أنه ينبغي حل الأزمة في القطاع بواسطة صفقة كبيرة وشاملة، تشمل وقف إطلاق نار طويل المدى، وتسهيلات إنسانية للسكان، وإعادة إعمار القطاع وحل قضية الأسرى.
وسئل إن كانت حماس قد تخلت عن معارضتها لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، فأجاب: «تعود في البداية بخطوة رمزية، ثم نتقدم في هذا الاتجاه إلى مراحل أخرى بشكل تدريجي وفقاً للتطورات الإيجابية لهذا المسار». وقال إن جهود الوساطة التي يديرها تهدف إلى إبرام صفقة شاملة بين إسرائيل وحماس، تعالج جميع القضايا، والتهدئة طويلة الأمد، وتبادل الأسرى وتحسين الأوضاع في قطاع غزة، ولكي تتغلب على العقبات الماثلة، تقترح أن يتم الاتفاق أولاً على الصفقة برمتها ومن ثم يتم تنفيذها بنداً بنداً بشكل تدريجي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».