القضاء العراقي يعرض اعترافات مساعد لزعيم «داعش»

TT

القضاء العراقي يعرض اعترافات مساعد لزعيم «داعش»

عرض مجلس القضاء الأعلى، أمس (الأحد)، اعترافات لأحد أبرز مساعدي زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي الذي قتله الطيران الأميركي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وجاءت الاعترافات على شكل مقابلة أجرتها معه داخل السجن صحيفة «القضاء» التابعة لمجلس القضاء الأعلى التي ذكرت أن اسمه سامي جاسم الجبوري، وينحدر من قضاء الشرقاط في محافظة صلاح الدين، ويكنى داخل التنظيم بـ«حجي حامد».
وطبقاً للمعلومات الواردة، فإن عملية مخابراتية شاقة قادها ضباط عراقيون استمرت نحو 6 أشهر، بإشراف مباشر من قاضي أول محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا الإرهاب، استدرج أهم إرهابيي «داعش» وأشدهم خطورة (حجي حامد) عبر مدن أوروبية عدة، لينتهي أخيراً في قبضة جهاز المخابرات العراقي خارج الحدود في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكشف حجي حامد تفاصيل مهمة عن عمل التنظيم الإرهابي، والموارد المالية الضخمة التي كان يتحكم بها، إلى جانب المبالغ المالية التي كان يرصدها لضرب القوات الأمنية العراقية والسورية، والمكافآت عن العمليات المفخخة، فضلاً عن بيانه للتقسيمات الإدارية لـ«داعش». وبعد حديثه عن استثمار الجماعات المسلحة للفراغ الذي وقع في العراق بعد انهيار نظام صدام حسين عام 2003، وسيطرة تلك الجماعات على أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وحتى الثقيلة، من معسكرات الجيش، وظهور أكثر من 12 فصيلاً مسلحاً، انتقل للحديث عن المرحلة التي شغل فيها أبو مصعب الزرقاوي قيادة تنظيم «القاعدة» في بلاد الرافدين.
وقال المتهم سامي الجبوري إن «أبو بكر البغدادي أمر بقتلي في عام 2013، كوني اتهمت بالعمل لـ(جبهة النصرة)، بإمرة الجولاني المنشق عن العصابات. وبعد تدخل عدد من القيادات، وتزكيتي أمام البغدادي، أصدر عفواً بحقي، وألحقني بمفصل المالية في ولاية نينوى جابي أموال مع مجموعة من الجباة، وكنا نأخذ الإتاوات من ميسوري الحال وأصحاب محطات الوقود والشركات والتجار والأطباء بحجة مساعدة مقاتلي التنظيم، وتم قتل عدد من الميسورين لامتناعهم عن الدفع، وبعضهم الآخر فجرنا داره أو خطفناه، هو أو أحد أفراد عائلته، وكانت تصل قيمة إتاوات ولاية نينوى إلى نحو (500 ألف دولار) شهرياً، يذهب النصف إلى البغدادي، والنصف الآخر يوضع تحت تصرف والي نينوى».
وعن مرحلة ما بعد يونيو (حزيران) 2014، وسيطرة «داعش» على مناطق واسعة في العراق، ذكر الجبوري (حجي حامد) أن «القيادات العليا وجهتنا بالإعلان عن أن العصابات هدفها تحرير سنة العراق من القوات الكافرة، ورفع القيود والحدود بين الدول المسلمة وتوحيدها. وبعد الإعلان بفترة وجيزة، أبلغني أحد المتهمين المقربين من الأمير (البغدادي) بالاستعداد للمشاركة في عملية فتح محافظة نينوى. وبالفعل، جهزنا الأسلحة والمعدات، وتم احتلال المحافظة، وبعدها تمكن (داعش) من محافظة صلاح الدين والأنبار ومناطق من ديالى، وتم الاستيلاء على أثاث الدوائر الحكومية ومنازل الميسورين، كما قمنا بإطلاق سراح المتهمين والموقوفين كافة، وصادرنا بقايا الأسلحة في مراكز الشرطة، وصدر توجيه بجمع قوائم أسماء منتسبي الأجهزة الأمنية ليتسنى لنا ملاحقتهم».
وحول الأموال التي كان التنظيم يحصل عليها، أشار الجبوري إلى أن «ديوان الركاز (الأموال المستخرجة من باطن الأرض) يعتبر من الدواوين المهمة في التنظيم، حيث يختص ببيع المشتقات النفطية، وعمل الآبار والحقول النفطية، وكل ثمر يخرج من الأرض وباطنها».
وتابع أنه «عيّن مسؤول الركاز في التنظيم بعد عملية الفتح، ومن هذا الديوان بدأ باستغلال احتياطيات الوقود الأحفوري في العراق وسوريا لضمان استمرار العصابات وتطويرها، حيث يتكون ملاك الركاز من 2500 عنصر موزعين حسب الحقول والمحطات النفطية، إذ يتم استخراج النفط وباقي المشتقات من حقلي (القيارة وعلاس) بالقسم العراقي، وحقول (التنك وعمر والشولة وصعيوة وكوناكو) في الجانب السوري».
وأضاف أنه «باستخدام الآليات الموجودة أصلاً في الحقول لتجهز الصهاريج النفطية من الخزانات، ويباع النفط العراقي إلى الأفراد من أصحاب المعامل ومحطات التكرير الصغيرة، وجزء يهرب إلى خارج الولاية، ليصل إلى دول مجاورة يتحفظ ذكرها، والجزء الأخير يباع في السوق السوداء عبر ميناء ضمن الأراض المسيطر عليها في سوريا بـ(180 دولاراً) للطن الواحد، حيث وصلت واردات (داعش) خلال سنتي عملي في الركاز لما يزيد على مليار وربع المليار دولار سنوياً تسلم إلى ديوان بيت المال للتصرف بها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.