المشري: تركيا وإيطاليا لا تريدان انتخابات ليبيا في موعدها

TT

المشري: تركيا وإيطاليا لا تريدان انتخابات ليبيا في موعدها

بينما رحّب «المجلس الرئاسي» الليبي بمشاورات ونتائج «مؤتمر باريس» حول ليبيا، وشدد على ضرورة إجراء الانتخابات بشكل شفاف ونزيه وضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، رجّح رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لمدة 3 أشهر، لافتاً إلى أن تركيا لا ترغب في إجراء الانتخابات في ظل الظروف الراهنة، وطمأنها في الوقت ذاته بعدم المساس بالتفاهمات الموقعة بينها وبين الحكومة السابقة برئاسة فائز السراج في مجال التعاون العسكري والأمني وتعيين مناطق الصلاحية في البحر المتوسط. وبدورها، اعتبرت تركيا وجودها العسكري في ليبيا بمثابة «قوة استقرار».
ولفت المجلس الرئاسي الليبي، في بيان أمس، إلى أهمية إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة وفقاً لما هو مقرر، واتخاذ كل ما من شأنه أن يضمن شفافية ونزاهة الانتخابات لقطع الطريق أمام أي محاولات لتزويرها أو الانقلاب عليها. وأشاد بجهود ونتائج أعمال اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) وخطواتها في وضع خطة شاملة لانسحاب كامل لجميع المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية.
في المقابل، رجّح المشري تأجيل انتخابات 24 ديسمبر (كانون الأول) لمدة 3 أشهر من أجل تحقيق التوافق على قوانينها. وقال خلال ندوة عقدت في إسطنبول، ليل السبت - الأحد، إن المجلس الأعلى لن يشارك في الانتخابات أو يعرقلها، وإن المجلس قدّم طعوناً لدى القضاء للفصل في قرارات مفوضية الانتخابات. وأشار إلى أن القضاء الإداري له صلاحية النظر في الطعون المتعلقة بقرارات مفوضية الانتخابات، مؤكداً أن المجلس لن يلجأ إلى القوة لمنع تنظيم الانتخابات، مع الدعوة لمقاطعتها، لأن بلوغ نسبة المشاركة صفر في عدد من الدوائر الانتخابية يجعلها باطلة قانوناً.
وذكر المشري أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى ترى أنه إذا كان من الممكن إجراء الانتخابات بالقوانين التي وضعها مجلس النواب، فهذا جيد، وإن كان لا بد من تعديلها فلا مشكلة، لافتاً إلى أن تركيا وإيطاليا لا تؤيدان إجراء الانتخابات في ظل «قوانين معيبة»، وتعتبران أن إجراء الانتخابات بهذا الشكل سيؤدي إلى الحرب وتقسيم البلاد.
وتوقع المشري، الذي التقى كلاً من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو ورئيس البرلمان مصطفى شنطوب في أنقرة يوم الأربعاء الماضي لبحث التطورات في ليبيا وملف الانتخابات، فوز رئيس حكومة تسيير الأعمال عبد الحميد الدبيبة بأغلبية الأصوات إذا جرت الانتخابات الرئاسية في أجواء نزيهة، مستبعداً فوز قائد الجيش الليبي خليفة حفتر بأكثر من 10 في المائة من الأصوات. وحول دعوة المشاركين في مؤتمر باريس حول ليبيا، الجمعة الماضي، لخروج القوات الأجنبية من ليبيا، اتهم المشري فرنسا بمساعدة حفتر بالسلاح والتقنية، قائلاً إنها تساوي الآن بين القوات التركية التي جاءت بشكل «شرعي» و«المرتزقة» و«المجرمين» الذي ساعدوا حفتر في «عدوانه» على طرابلس. وأضاف أن شركة «توتال» الفرنسية للنفط والغاز هي المتضرر الأكبر من عودة حقوق التنقيب في حوض شرق البحر المتوسط إلى تركيا وليبيا، وأن كلاً من الجانبين على وعي بما سماه بـ«المؤامرة الفرنسية» وأن هذه المؤامرة لن تنجح وسنعزز علاقاتنا مع تركيا.
وطمأن المشري تركيا بأن الحكومة و«القوى الثورية» على الأرض لن تسمح للمحكمة العليا بقبول أي طعن في مذكرتي التفاهم الموقعتين في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 بين إردوغان ورئيس الحكومة السابقة في ليبيا فائز السراج حول التعاون العسكري والأمني وتعيين مناطق الصلاحية البحرية.
في سياق متصل، نقلت وسائل إعلام ليبية عن مصادر لم تسمها، أن المشري يسعى للطعن في الانتخابات وقرارات المفوضية العليا، وينسق من إسطنبول لخروج مظاهرة للمطالبة بفتح الدائرة الدستورية المغلقة منذ اتفاق الصخيرات.
من جهة أخرى، اعتبر المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أن الوجود العسكري لبلاده في ليبيا يمثل «قوة استقرار»، وذلك رداً على مطالبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا وروسيا بسحب مرتزقتهما وقواتهما من ليبيا من دون تأخير. وقال كالين، في تصريحات أول من أمس: «أحياناً يثير حلفاؤنا هذه القضية كما لو كان الوجود التركي هو المشكلة الرئيسية في ليبيا... الأمر ليس كذلك... نحن هناك قوة استقرار ولمساعدة الشعب الليبي»، مضيفاً: «عسكريّونا هناك بموجب اتفاق مع الحكومة الليبية... لذلك لا يمكن وضعهم في مستوى المرتزقة الذين جيء بهم من دول أخرى».
وتحتفظ تركيا بعدد يقدر بنحو 20 ألفاً من عناصر المرتزقة من الفصائل المسلحة الموالية لها في سوريا، سبق أن دفعت بهم دعماً لحكومة السراج في طرابلس في مواجهة الجيش الوطني الليبي، وقامت بسحب عدد قليل منهم، وتتمسك ببقائهم بذريعة حماية قواعدها ومراكزها العسكرية في ليبيا.
وتساءل كالين عن مساعي الدول الغربية لانسحاب شركة «فاغنر» الروسية شبه العسكرية من ليبيا، قائلاً: «هناك وجود لفاغنر... المرتزقة الروس هناك... لا أعرف ما يفعله أصدقاؤنا وحلفاؤنا في أوروبا حيال ذلك... هل يتحدثون حقاً مع روسيا حول هذا الأمر؟ وهل يبذلون حقاً جهوداً جادة ومتضافرة لإخراج فاغنر من ليبيا؟». وكان ماكرون أكد، في ختام المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي عقد في باريس الجمعة، أن على تركيا وروسيا سحب «مرتزقتهما وقواتهما العسكرية» من ليبيا «من دون تأخير» لأن وجودهم يهدد الاستقرار والأمن في البلاد والمنطقة برمتها.
ودعم المؤتمر خطة العمل الشاملة لسحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية، التي أعدتها اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) المنبثقة عن الحوار الوطني الليبي.
وبحسب باريس، لا يزال آلاف من المرتزقة الروس من مجموعة «فاغنر» الخاصة، والتشاديين والسودانيين، والمقاتلين السوريين الموالين لتركيا، موجودين في ليبيا، ولا تبدي تركيا توجهاً لسحب قواتها والمرتزقة السوريين التابعين لها، فيما ينفي الكرملين إرسال عسكريين أو مرتزقة إلى ليبيا وكذلك أي صلة بشركة «فاغنر».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.