«بوليفارد المواهب»... صناعة مختلفة لهوية فنية محترفة

10 مشتركين يخضعون لتدريبات مكثفة في السعودية

مواهب «البوليفارد»

قلما تركّز برامج اكتشاف المواهب الغنائية على احتراف المشترك كـهمٍ أول وأخير. بعضها يرميه تحت الضوء، وحين ينتهي مشواره يجد نفسه وحيداً. يأتي «بوليفارد المواهب» ليقلب القاعدة ويغيّر واقعاً غالباً ما يصيب النجم الموعود بالخيبة. يرافق المشتركين اسمان في عالم إدارة الأعمال يلاحقان التفاصيل: حمدي بدر وحسن طالب. يقيّمان الصوت واختيار الأغنيات لتفادي الخطأ. ويعاملان المشتركين كنجوم يلتقون موزّعين ويجتمعون مع شعراء وملحّنين. مسؤولية هائلة على أكتاف لا تزال طرية، لكنها بالدعم الاستثنائي الذي تفوز به، تختصر الطريق.
يقدّم موسم الرياض، بالتعاون مع «الهيئة العامة للترفيه» في السعودية، حدثاً فريداً على مستوى صناعة النجوم، يكشف الكواليس الممهّدة لبلوغ الهدف الكبير. لا يؤتى بالمشتركين لزجّهم أمام الأضواء الساحقة فيحترقون كفراشة. يؤتى بهم للتعلّم وإدراك أهمية النصيحة الحكيمة في صقل هوية فنية خاصة. التوجيه نهج البرنامج، فيشهد المتابع على تطوّر المواهب من حلقة إلى أخرى. كل التفاصيل أمامه، في السهرات المباشرة ليل الأحد عبر «إم بي سي» و«إم بي سي العراق»، والحلقات اليومية عبر «إم بي سي 4»، و«بوليفارد بلس» مع «إكسترا بوليفارد» على «شاهد».
يستمر البرنامج طوال موسم الرياض، خاطف الأنظار. هو ببساطة اكتشاف جدّي للمواهب. لا مزاح أثناء العمل، رغم لحظات اللهو والأوقات اللطيفة بين المشتركين في مقر «البوليفارد». الوقت يمر، مرة بضغط رهبة المنافسة وهيبتها، ومرة بالضحك والتمارين ومفاجآت الرفقة. كل المشاعر والإمكانات والفرص تجتمع لولادة نجم.
ضيّعت مواهب في غير برامج بطاقة الانتقال إلى مرحلة متقدّمة، لسبب لا يمكن الاستخفاف به: الخيارات. في «البوليفارد»، مديرا أعمال يضعان الموهبة على سكة الوصول. للفنان صوت وأغنية تتناسب مع الصوت. مَن يغني كل شيء، يقع في حفرة الثقة المفرطة. تماماً، كما لا يمكن للمرء ارتداء كل المقاسات. هناك ما يناسب وما يبدو فضفاضاً على الأجساد وعلى الحناجر. هنا، يدوزن مديرا الأعمال الإيقاع، فيصدر من المشترك نغم عذب. للجميع حنجرة خاصة تغني ألحاناً على مقاساتها. نوعية الأغنيات وفق الصوت، تصنع الفارق وتُراكم الخبرة.
عشرة مشتركين توزّعوا بين فريقين بعد انتهاء تجارب الأداء في السهرة الأولى، يخضعون لتدريبات مكثفة: فريق حسن طالب وفريق حمدي بدر. الأخيران خرقا القوانين، وبينما افترض البرنامج انتقال ثمانية مشتركين إلى المنافسة، لم يفرّط مديرا الأعمال بموهبتين وجدا أنّ الأمانة الفنية تقتضي الخرق بهما. بالإذن من النُظم والقواعد.
شبان وشابات من العالم العربي، متحمّسون وحالمون: فادي فتال، زينب حسن، نادين لمنور، هيثم رافي وبدر حكيم، من فريق حمدي بدر. وياسر شمال، جوري قطان، سالم الحمد، عزيز مامي وبيسان إسماعيل، من فريق حسن طالب. المشتركة الأخيرة المذكورة بين الأسماء، أطربت بصوتها الحضور في تحية للراحل صباح فخري. قدود حلبية من ابنة سوريا، و«فوق النخل فوق، مدري لمع خده مدري القمر فوق».
معياران للبقاء في «البوليفارد» أو للاستبعاد من المنافسة، تعددهما مقدّمة البرنامج السعودية أجواء الجودي: تفاعل الجمهور مع المشتركين في مواقع التواصل، وجمع النسبة الأكبر من الأرباح لإنتاجهم أغنياتهم الخاصة خلال جولات البرنامج، مما يتيح تقديمها لاحقاً في السهرة المباشرة. الصوت ليس وحده الحصان الرابح في عصر «السوشيال ميديا». هناك التفاعل ومدى التقبّل الجماهيري للموهبة وشخصية صاحبها. «باكيدج» كاملة يعمل عليها البرنامج، من الخامة والقماشة الصوتية، والخيارات الغنائية الأنسب، إلى تطوير الأداء وإشراك الناس في القرار والرأي. صاحب التفاعل الأقل، ينتقل إلى منطقة الخطر. هنا دور الخيار الصح في النجاح المُستحق.
يُمنح المشتركون ما قد لا يُمنح غيرهم في برامج مواهب أخرى: تغطية إعلامية متقنة تُظهر جوانبهم القريبة من الفن والبعيدة عنه. ويُمنحون فرصة إصدار أغنية خاصة للعدد الأكبر منهم، عوض أن تكون حصراً من نصيب الفائز في النهاية. فرص أكبر وأضواء أكثر. ما يميّز جهداً عن جهد، هو مقدار الاهتمام بالمحتوى. بعضٌ همّه الإبهار. وبعضٌ يطارد أروع الأصوات، فلا يبقى أخيراً في السلة سوى صوت واحد. وبرامج ينوص وهج مواهبها بعد أيام من إطفاء الكاميرات. المشتركون في «البوليفارد» أمام ما يشتهيه الهاوي للتحوّل إلى محترف: مديرا أعمال مع اختصاصيين في التقييم والملاحظة والنقد، مشاركة غنائية مباشرة على مسرح موسم الرياض، حيث يسطع أشهر النجوم، وفرصة الحصول على أغنية. ذلك، لا يتوافر لآخرين. الفرص لمن يقطفها ويثبت أنه يستحقها.
تُوزّع المواهب على حفلات النجوم بين مسارح أبو بكر سالم ومحمد عبده وغيرهما، وتنال اختصار الطريق نحو الشهرة. الموهبة في الميدان من دون تضييع الوقت، ولا مجال لخذلان الثقة. يبذل الجميع أقصى القدرة على إثبات النفس ولفت النظر، في حين ينقل المخرج اللبناني عماد عبود السهرات المبهرة من عمق العاصمة السعودية المشعّة بالصخب. حركة لا تهدأ وعيون لا تغفو. تنشأ الصداقات بين المشتركين وتتضاءل المسافات. وحدها الخيارات الصحيحة تنقذ البشر. يعلّم البرنامج أصول الغناء والحياة.