توثيق «بقايا وأطلال» أول محطة قطار في أفريقيا

عبر معرض فوتوغرافي لـ «جمعية الآثار» بالإسكندرية

المبنى الرئيسي لمحطة القبّاري من الداخل قبل هدمها  -  من أعمال المعرض
المبنى الرئيسي لمحطة القبّاري من الداخل قبل هدمها - من أعمال المعرض
TT

توثيق «بقايا وأطلال» أول محطة قطار في أفريقيا

المبنى الرئيسي لمحطة القبّاري من الداخل قبل هدمها  -  من أعمال المعرض
المبنى الرئيسي لمحطة القبّاري من الداخل قبل هدمها - من أعمال المعرض

إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، يأخذنا هذا المعرض الفوتوغرافي في رحلة للوقوف على «بقايا وأطلال» محطة قطار القباري بمدينة الإسكندرية (نسبة إلى منطقة القباري بغرب المدينة)، راوياً وراصداً جانباً من تاريخ أول محطة قطارات في مصر وأفريقيا.
المعرض، الذي تستضيفه جمعية الآثار بالإسكندرية حتى نهاية الشهر الجاري، يضم 52 صورة فوتوغرافية، التقطت بعدسة الدكتور زياد مرسي، المحاضر بمركز الآثار البحرية بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، الذي تنبع أهمية لقطاته أنها توثق لتاريخ ومعمار هذه المحطة، التي تم هدمها خلال الصيف الماضي. وعن تاريخ المحطة، يقول مرسي، لـ«الشرق الأوسط»: «محطة قطار القباري يؤرخ لها على أنها أول محطة قطارات على الأراضي المصرية وفي أفريقيا، حيث تعاقد عباس حلمي الأول حاكم مصر مع المهندس الإنجليزي روبرت ستيفنسون، نجل مخترع القطار البخاري، لإقامة هذا المشروع، في عام 1851 من أجل تسهيل نقل البريد والمسافرين، حيث كانت المواصلات بين أوروبا والهند تمر عن طريق مصر، فيما قام بتصميم محطة قطار القباري ومحطة باب الحديد في القاهرة المهندس المعماري إدوارد باينز، وبشكل تقريبي بنيت المحطة في حدود عامي 1852 و1856، وقد عملت المحطة لعدة عقود متتالية، إلى أن تم هجرها بعد ذلك، قبل هدهما خلال الأشهر الماضية».
وقد التقطت صور المعرض قبل نحو عام، أثناء زيارة صاحبها للمحطة مع مجموعة من المهتمين بالتراث والآثار: «كانت أول زيارة لي للمحطة المهجورة، بعد أن سمعت عنها طويلا، وبالتالي كانت فرصة سانحة للتجول والتصوير، فالمكان كان رائعا ذا تاريخ معماري وقيمة أثرية وتراثية كبيرة خصوصاً المبنى الرئيسي، الذي كان يأخذ شكلاً مستطيلاً بطول رصيف المحطة، وبه فناء في المنتصف لاستقبال الركاب والتجار، وكان ملحقا به غرف تتنوع بين مخازن وجمارك وتخزين للبضائع، وكذلك استراحة للركاب، حيث كانت المحطة في بداياتها تستخدم للركاب والبضائع في وقت واحد».
ويؤكد مرسي «ما لفت نظري أن المبنى كان بحالة جيدة للغاية من الناحية المعمارية، رغم مرور السنوات الطويلة، ما يدل على دقة البناء، كما أن أسقفه الخشبية كانت قائمة وبحالة ممتازة وغير مشرخة أو مهدمة»، مشيراً إلى أن «محطة القباري تتشابه معماريا مع (باب الحديد)، الاسم الأقدم لمحطة (سكك حديد مصر)، المعروفة باسم محطة مصر أو المحطة الرئيسية للقطارات بالقاهرة». وينقسم المعرض إلى 6 أقسام، اختار مرسي أن ينقل من خلالها للزائر نفس مراحل زيارته لمحطة القباري، بما يجعله يعيش إحساس الرحلة، ففي أول الأقسام بعنوان «في الطريق»، تعكس الصور ما يوجد بمحيط المحطة من مبانٍ قديمة ذات أشكال معمارية مميزة، تقف شاهدة على الزمن، وفي القسم الثاني نرى لقطات للمحطة نفسها من الداخل والخارج والمبنى الرئيسي والرصيف القديم، أما ثالث الأقسام فهو بعنوان «الخطوط الجانبية»، حيث يستعرض المباني الجانبية والعلامات الإرشادية وأبراج الإشارات والتحويلات. وجاء رابع الأقسام بعنوان «المظلات»، والذي يرصد مجموعة كبيرة من المظلات (التندات) المقامة بمحطة القباري، وقد هدمت قبل المحطة نفسها، والتي تتنوع أشكالها بين خشبية وحديدية، ذات سقف جملوني، تم تغطيته وتزيينه بـ«القرميد» (طوب). لذا جاء القسم الخامس ليقص «حكاية القرميد»، حيث يعرض فيه بعض عينات من القرميد المستخدم بمباني المحطة، وهي من مخلفات هدم مظلات المحطة، وتم عرضها بجانب الصور، بحيث يمكن لزائر المعرض لمسها والتعرف على شكلها. وجاء آخر الأقسام عن «أطلال» المحطة، ومنه يستمد المعرض عنوانه «بقايا وأطلال»، عارضاً لبعض اللقطات التي آلت إليها المحطة.
لا يخفي صاحب اللقطات أن زيارته إلى محطة القباري قد أثارت شغفا كبيرا لديه، حيث جعلته يعود للمراجع وعما كتب عنها، خاصةً مع ندرة المعلومات المتوفرة عنها، إلى جانب أنها فتحت مجالات للبحث، خصوصاً مع كون المحطة تتمتع بمستويات عالية لا مثيل لها في التصميم المعماري وهندسة البناء، وعلى سبيل المثال ما يخص «القرميد».
يقول مرسي: «مع التدقيق وجدنا أن هناك حكايات عديدة خلف هذا القرميد، فهناك نوع تم استيراده خصيصاً للمحطة، مدموغ عليه اسم المصنع المنتج له في مرسيليا بفرنسا، كما يوجد قرميد محلي الصنع مدموغ عليه اسم شركة (مرنجاكي وزيريفوس) وشركة (كانيلاتوس)، ومع البحث تبين أن هذه الشركات المصرية أخذت توكيل تصنيعه، بما يعني أنه يعكس تراثاً صناعياً بدأ مع نشأة محطة القباري».


مقالات ذات صلة

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».