«ذا ستيج»... نُزُل حوارات يجمع شباب العاصمة السعودية

الموسى: نصنع أسباب تجمع تضيف التأثير الحقيقي

جانب من حضور مجتمع «ذا ستيج» (الشرق الأوسط)
جانب من حضور مجتمع «ذا ستيج» (الشرق الأوسط)
TT

«ذا ستيج»... نُزُل حوارات يجمع شباب العاصمة السعودية

جانب من حضور مجتمع «ذا ستيج» (الشرق الأوسط)
جانب من حضور مجتمع «ذا ستيج» (الشرق الأوسط)

نُزُل يجمع العالم بالمتعلم، والأديب بالمتذوق، يقلص المسافات ويصنع الفروقات بخلقه حوارات مثرية، اختلفت مسمياتها ما بين مجالس ثقافية أو صالونات أدبية أو حلقات تعليمية، ولكنها شكّلت صورة للتقارب الاجتماعي تهدف إلى تكوين مجتمع ثقافي ملهم ومتجدد لروادها.
تمتعت المجالس الثقافية والصالونات الأدبية بخصوصيتها واستقلالها على الرغم من أنّها تُعد موازية في نشاطها للمنابر الرسمية مثل جمعيات الثقافة والفنون التابعة للجهات الحكومية التي تعمل على آليات تنظيم عالية.
تأتي المجالس الثقافية بوظيفة اجتماعية مهمة حيث تعمل على ردم الفجوة بين المثقف أو المسؤول والمتلقي في المجتمعات العربية، كما أنّها تُتيح لروادها وقتاً أكبر، وفُرصاً أكثر للنقاش والحوار والتعليق والمُشاركة؛ وهو ما لا نراه في غيرها من المؤسسات.
تشكلت المجالس الثقافية عبر مبادرات من شخصيات اجتماعية بارزة فتحت الأبواب للالتقاء والتعارف الاجتماعي، ولكنها كانت محدودة بدائرة اجتماعية مغلقة، حيث كان يتطلب أن يوجد في محيط الفرد عدد من الشخصيات الاجتماعية ذات العلاقات المتعددة ليحصل على مقعد في أحد هذه المجالس.
في حديث سابق للمؤثر في شبكات التواصل الاجتماعي محمد الموسى، على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، الذي ذكر فيه أهمية الخروج عن دائرة الراحة والإقدام على تكوين مجتمع مختلف وجديد، تلقى تعليقاً متسائلاً عن المكان الذي يجمعه بأشخاص يضيفون قيمة ثقافية مختلفة، ومن هنا تراءى لمحمد بدء مشروع ثقافي يستقطب رواد الثقافة في العاصمة السعودية الرياض.
ومن «ذا ستيج»، حيث مبادرة محمد الموسى في خلق دائرة مفتوحة للجميع سواء كان مسؤولاً أو مثقفاً أو طالباً، يروي الموسى لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «نحن نصنع أسباب تجمع صحيحة وهذا لا يعني أنّ التجمعات اليومية خاطئة، ولكنها لا تضيف تأثيراً حقيقياً على الحياة اليومية للفرد».
وعلى الرغم من شعبية المبادرات الاجتماعية المماثلة للمجالس الثقافية في الرياض، فإنّ «ذا ستيج» تميز بتكوين لقاءات متخصصة دورية، وكل لقاء يستهدف جمهوراً مختلفاً كالقانونيين أو صناع المحتوى، ولا تعتمد على الأسماء اللامعة والمحترفة، فعلى مستوى اللقاءات هناك مقدمون من دون خبرات مما يجعلها مساحة مستدامة تتجدد باستمرار.
ويشارك الموسى تجربته في تكوين مجتمع «ذا ستيج» مع «الشرق الأوسط» موضحاً: «لدينا القدرة على صنع لقاءات عالية الجودة، ونقطة القوة تكمن في معدل الاستعداد والتنفيذ قبل اللقاء وبعده، والذي لا يتجاوز الساعة».
«رغم التكلفة إلّا أنّنا لم نرضَ بالأقل» حيث يدعم الموسى ومجتمع «ذا ستيج» نظام التذاكر الإلكترونية، والبث المباشر على التواصل الاجتماعي ويعتمد على الاحترافية والنوعية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».