عبور 6 من سائقي الشاحنات العالقة على معبر «نصيب» إلى لبنان وتوقعات بالإفراج عن محتجزين

نقابتهم تحث الحكومة على نقل 5 شاحنات عالقة إلى بيروت بحرًا

عبور 6 من سائقي الشاحنات العالقة على معبر «نصيب» إلى لبنان وتوقعات بالإفراج عن محتجزين
TT

عبور 6 من سائقي الشاحنات العالقة على معبر «نصيب» إلى لبنان وتوقعات بالإفراج عن محتجزين

عبور 6 من سائقي الشاحنات العالقة على معبر «نصيب» إلى لبنان وتوقعات بالإفراج عن محتجزين

وصل 6 من السائقين اللبنانيين الذين كانوا عالقين على الحدود اللبنانية - السورية أمس إلى لبنان، بعد 4 أيام من المعارك التي اشتعلت على معبر نصيب الحدودي، مما دفعهم للجوء إلى مدينة السويداء في جنوب سوريا قبل عودتهم إلى لبنان، بينما ينتظر أن يعود 6 آخرون خلال اليومين المقبلين، بحسب نقيب أصحاب الشاحنات اللبنانية شفيق القسيس لـ«الشرق الأوسط».
وقال قسيس إن 30 سائقا لبنانيا علقوا على الحدود السورية - الأردنية يوم الخميس الماضي، إثر الاشتباكات التي اندلعت في معبر نصيب، وأسفرت عن سيطرة قوات المعارضة السورية على المعبر، موضحا أن 6 شاحنات على الأقل «تضررت نتيجة المعارك، ويوجد سائقوها مع فصائل المعارضة السورية»، لافتا إلى أنهم «يتواصلون مع عائلاتهم، ويطمئنونهم إلى أنهم بخير، وأنه من المرجح أن يعودوا خلال أيام».
وارتفعت نسبة تفاؤل عائلات السائقين بإمكانية عودتهم قريبا إلى لبنان، مع إعلان «دار العدل في حوران» أمس، مطالبتها الفصائل المقاتلة في الجنوب «تسليم كل السائقين المحتجزين لديها لمحكمة دار العدل، خلال مدة أقصاها 24 ساعة ليتم تسليمهم إلى ذويهم».
وكان 5 سائقين لبنانيين وصلوا إلى معبر «جابر» الأردني الحدودي مع سوريا يوم اشتعال المعركة، فعادوا أدراجهم إلى داخل الأراضي الأردنية حيث أفرغوا حمولتهم. وقال القسيس لـ«الشرق الأوسط» إن هؤلاء «يطالبون الدولة اللبنانية بتسهيل عودتهم إلى لبنان وفق طريقة يجدونها مناسبة، لأنهم لا يستطيعون سلك طريق العراق - سوريا إذا قرروا تحويل اتجاههم باتجاه بغداد، نظرا إلى خطورة تلك الطريق». وقال: «سنتواصل مع الحكومة اللبنانية غدا الثلاثاء بهدف مساعدتنا على تأمين عبارة أو باخرة لنقل الشاحنات اللبنانية بحرا من الأردن إلى بيروت»، مؤكدا أن السائقين الخمسة العالقين في الأردن «بحاجة للمساعدة الحكومية».
وتحركت عائلات هؤلاء أمس في شمال لبنان، مطالبة الحكومة بالتحرك. وناشد عدد من سائقي الشاحنات اللبنانية العالقين على الحدود السعودية - الأردنية الحكومة اللبنانية والسلطات السعودية تأمين عبارة أو باخرة لإعادتهم مع شاحناتهم إلى لبنان، بعدما تم إقفال معبر «نصيب» بين الأردن وسوريا.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، أن السائقين «لم يعودوا يملكون الأموال الكافية كي يتمكنوا من الاستمرار، ونفذ منهم الطعام والمأكل، وهم في وضع صعب جدا على الحدود السعودية»، وأنهم أشاروا إلى أن «المهلة المحددة لدخول الشاحنات إلى المملكة والخروج منها باتت محدودة»، آملين من الحكومة اللبنانية «العمل السريع على تأمين وسيلة لإعادتهم إلى أراضي الوطن مع شاحناتهم».
سياسيا، رأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب شانت جنجنيان أنه «من غير المقبول أن يتحول اللبنانيون إلى ضحية حرب أرداها النظام السوري متمسكا بعرشه الرئاسي على رأس نظام كان السبب الرئيس في استقدام الإرهاب إلى المنطقة، كما أنه من غير المقبول أن يتحول اللبنانيون أيضا إلى فريسة تلاحقها تلك العصابات المسلحة على الأراضي السورية، وتدفّعهم وعوائلهم ثمن مواجهاتها مع قوات النظام، سيما أن سائقي الشاحنات مدنيون عزل يعملون على الخط البري الدولي من أجل لقمة العيش بعيدا من السياسة».
وطالب جنجنيان «جبهة النصرة»، في بيان له أصدره أمس، بأن «تبقي الصراع في سوريا بينها وبين نظام الأسد، وأن تبادر فورا إلى إطلاق سراح اللبنانيين سائقي الشاحنات إضافة إلى العسكريين الأسرى لديها؛ إذ من المخزي أن تعتبر (جبهة النصرة) النظام السوري إرهابيا وقمعيا ودمويا، فيما هي تعمد إلى الممارسات نفسها تحت مسمى وعنوان مختلف».
وكانت «دار العدل في حوران»، وهي محكمة شرعية معارضة تحظى بإجماع الفصائل السورية المقاتلة في درعا، اتخذت قرارا مساء السبت بوضع حد لتداعيات السيطرة على معبر نصيب، المتمثلة في الاستحواذ على مواد كانت تحملها الشاحنات، واحتجاز سائقين. وقالت إنه «حرصا على إظهار الصورة المشرقة لثورتنا المباركة، وسعيا لإعادة تأهيل المعبر والمنطقة الحرة، فقد اجتمعت فعاليات حوران العسكرية والمدنية والإعلامية، تحت مظلة دار العدل في حوران، وتم الاتفاق على تسليم كل السائقين المحتجزين»، و«إرجاع كل ما تم أخذه سواء من قبل المدنيين أو العسكريين خلال مدة أقصاها 48 ساعة.. وذلك تحت طائلة المسؤولية»، كما قالت بـ«اعتبار معبر نصيب الحدودي منطقة مدنية محررة تخضع لإدارة مدنية مباشرة ممثلة بمجلس محافظة درعا».
كما قررت «دار العدل» أن «تتولى قوة شرطية من فصائل الجبهة الجنوبية حماية وحراسة المنشآت من الخارج تكون تابعة للإدارة المدنية، وإخلاء المعبر من كل الفصائل قبل الساعة العاشرة مساء.. وضبط المنطقة الحدودية المحررة بالكامل وإنهاء جميع المخالفات.. وتشكيل لجنة قضائية مهمتها تسجيل الدعاوى للأشخاص المتضررين من حادثة المعبر»، إضافة إلى «تشكيل لجنة تخليص البضائع والسيارات التي كانت موجودة داخل المنطقة الحرة المشتركة وتسليمها لأصحابها بعد إبراز الأوراق الثبوتية التي تؤكد صحة الملكية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.