ماريتا الحلاني: الشهرة لا تهمني... تركيزي على النجاح

تلعب بطولة المسلسل المحلي {حكايتي}

تستعد الحلاني لإصدار أغانٍ جديدة
تستعد الحلاني لإصدار أغانٍ جديدة
TT

ماريتا الحلاني: الشهرة لا تهمني... تركيزي على النجاح

تستعد الحلاني لإصدار أغانٍ جديدة
تستعد الحلاني لإصدار أغانٍ جديدة

هي ابنة بيت فني عريق، ترعرعت وكبرت والشهرة تحيط بها منذ صغرها. والدها هو المطرب عاصي الحلاني ووالدتها كوليت الحلاني، التي حصدت لقب ملكة جمال لبنان في عام 1989. بالنسبة إليها الشهرة لا تهمها، فهي اعتادت على هواها الذي يلفحها منذ نعومة أظافرها. «عشتها منذ صغري لأنني كنت أرافق والدي أحياناً كثيرة في تنقلاته بين الاستديوهات والمسارح. وهو ما أسهم في تعرف الناس إليّ بسرعة، لا سيما أني دخلت بعدها عالم الغناء. لذلك فالشهرة لا تعنيني بقدر تركيزي على نجاحي في أعمالي». هكذا ردت الفنانة ماريتا الحلاني على سؤال طرحته عليها «الشرق الأوسط» عن معنى الشهرة بالنسبة لها.
وماريتا التي تطل اليوم في مسلسل (حكايتي) في دور بطولي، تحصد النجاح لأدائها الناضج، على الرغم من أن مشوارها التمثيلي ليس بطويل. فهي سبق وخاضت هذه التجربة في مسلسل (2020) في موسم رمضان الفائت. يومها جسّدت دور «سعاد» الفتاة البسيطة، وكانت مساحة الدور صغيرة، مقارنةً بالذي تلعبه اليوم في (حكايتي) من خلال شخصية «سيرينا». تتابع ماريتا: «واجهت في بداياتي انتقادات كثيرة، بينها ما يتهمني بغياب الموهبة. هناك أشخاص يحبون التجريح ورمي انتقادات غير بنّاءة يميناً ويساراً، لكنني تجاهلتها كلها وقررت أن أعمل بجهد لأنني مهووسة بالمثالية، وعندي المسؤولية الكافية لأتلمس طريقي بثبات. حتى إن بعضهم اتهمني بوصولي إلى الفن بالواسطة، وعلى أكتاف والدي. لم أُعِر كل هذه العبارات اهتماماً، لأنني منذ صغري أحب الغناء والتمثيل معاً، وأعرف تماماً الأهداف التي أريد تحقيقها في حياتي».
كلام ناضج ومسؤول يصدر عن ماريتا ابنة الـ24 ربيعاً التي تستشفّ من حديثها أنها تتمتع بالهدوء وبالتسلسل الفكري، وعقلانية تخوّلها رؤية الأمور بوضوح واتزان. تقول في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أعلم تماماً أنني ما زلت في بداياتي التمثيلية، ولكنني سعيدة بالجهد الذي بذلته للوصول إلى هنا. لعل التفاعل الذي أشهده اليوم من الناس مع أدائي هو بمثابة مكافأة لي. صحيح أنني لم أدرس التمثيل، ولكنني خضعت لجلسات تدريب مكثفة مع الممثلة فيفيان أنطونيوس والمدرب بوب مكرزل. هذا الأمر زوّدني بالعلم والخبرة معاً، والموضوع تبلور عندما طبّقت ما تعلمته في موقع التصوير. فالدروس مهما بلغت من أهمية تحتاج إلى أرضية للاختبار. وعندما نقف أمام الكاميرا نذهب في منحى آخر، لأن الموهبة هنا تلعب دوراً كبيراً».
كثيرون اليوم يطالبون بممثلين أكاديميين لرفع مستوى الدراما، ألا يزعجكِ هذا الموضوع؟ تردّ: «أبداً لأن هناك لائحة أسماء طويلة من عمالقة التمثيل، لم يتخصصوا في هذا المجال، ولكنهم اجتهدوا وتعبوا كي يصلوا إلى ما هم عليه اليوم. وهذا الأمر يجوز في لبنان كما في دول عربية مجاورة وبلدان غربية. فأنْ تتثقف وتقرأ وتتابع، وتقوم بتجارب تمثيلية، هو أيضاً نوع من أنواع الدراسة».
تروي ماريتا الحلاني قصة دخولها المعترك التمثيلي، معتبرة أنّ موهبتها ترافقها منذ صغرها. «كنت أقلّد فنانين وشخصيات مشهورة، كما كنت أصور مقاطع أقدم فيها اسكتشات مختلفة وأنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. والدتي هي أول من لحظ عندي هذه الموهبة وكانت تردد دائماً على مسمعي أنني سأصبح يوماً ما ممثلة». وتتابع: «لم أكن أملك الجرأة بعد للموافقة على عروض تمثيل تُقترح عليَّ من هنا وهناك. كنت أتهرب منها لشعوري بالخجل من ناحية، وبأني لست جاهزة بعد، من ناحية أخرى. عندما عرض عليّ المنتج مروان حداد دور البطولة في (حكايتي) ترددت، ولم يكن بعد قد عُرض مسلسل (2020) الذي أقدم فيه دوراً صغيراً، لكنني حزمت أمري ووافقت وبدأنا التصوير. إنما بُعيد عرض (2020) وتلقي الثناءات على أدائي تحمست لإكمال ما بدأته. وانغمست بدور سيرينا في (حكايتي) واستمتعت كثيراً بذلك. فالتجربة التي خضتها في (2020) زادتني نضجاً، وساعدتني كثيراً على لعب دوري بإتقان في مسلسل (حكايتي)».
تؤكد ماريتا أنّ المنتج مروان حداد والممثلة فيفيان أنطونيوس، كانا أول من وثقا بموهبتها التمثيلية، رغم أنها كانت تمتهن الغناء يومها. «مروان حداد هو شخص رائع يزيد من حماسك، ويعطيك معنويات عندما يتحدث إليك. وهذا الأمر لا نجده لدى كثير من المنتجين الكبار. فغالبيتهم ولأسباب عدة يحاولون أن يُظهروا تفوقهم على الفنان الصاعد، ويرددون على مسامعه بأنهم يغامرون باللجوء إليه. لكن مروان حداد يتصرف على عكس ذلك تماماً، وهو ما ينعكس إيجاباً على فريق عمله». وماذا عن فيفيان أنطونيوس. ما طبيعة علاقتك بها؟ توضح ماريتا: «تعرفتُ إلى فيفيان أنطونيوس منذ عدة سنوات، عندما اخترتها أستاذة تمثيل لي، فتدربت على يديها واستفدت كثيراً من ورش العمل التي أقمناها معاً. بعدها وبالصدفة علمت أنّها كتبت مسلسل (حكايتي) فكانت فرحتي مضاعفة، وهي اختارتني بالاسم لألعب دور البطولة. فلطالما ساندتني وشجعتني ولعبت دوراً مهماً في اجتياز بداياتي التمثيلية بثبات. واليوم عندما أشعر أني بحاجة إلى من ينصحني أو يدلّني على الطريق الصحيح في مهنتي أتصل بها. فإضافة إلى كونها ممثلة قديرة، هي صاحبة شخصية قريبة من القلب وعفوية وصريحة ومحبة».
تتحدث ماريتا عن الصعوبات التي واجهتها بأول أدوارها البطولية الذي تطل فيه اليوم ضمن (حكايتي) على شاشة تلفزيون «الجديد». وتقول: «كوني ألعب دور البطولة، شكّل الأمر الصعوبة الكبرى لي. الموضوع بمثابة تحدٍّ كبيرٍ، وهمّي الأكبر، انحصر في تحقيق النجاح. فأنا متطلبة بطبيعتي ولا أرضى بالأمور الوسط. فنزلت الطريق وبعت الورد في الشوارع، لأقف على مشاعر (سيرينا) التي أجسّدها عن قرب لأنّها بائعة زهور. ومن ثم دخلتُ أجواء العمل واعتدتُ على الفريق وعلى كل شيء وانطلقت. وقوفي إلى جانب ممثلين رواد أعطاني الثقة بالنفس، فكنت أُصغي إلى نصائحهم باهتمام. اليوم أعد نفسي محظوظة كوني تعاونت مع أسماء كبيرة واستفدت من خبراتهم».
وعن النصيحة التي لا تزال ترن في رأسها وحفظتها منهم، تقول: «كانوا يطالبونني دائماً بأن أعيش الحالة وأطفئ جميع المحركات الدائرة في رأسي. فأنا من النوع الذي لا يكفّ عن التفكير على عدد الدقائق. عملت بنصيحتهم واستسلمت للدور بعيداً عن أي أمور أخرى كان يمكنها أن تشوش أفكاري».
وعن الثنائية التي تؤلفها مع بطل المسلسل الإعلامي محمد قيس، ترد: «تربطني صداقة قديمة بمحمد، وكوننا ندخل معاً نفس التجربة رحنا يساند أحدنا الآخر. فهو أيضاً يمارس التمثيل لأول مرة. يقولون إن العمل مع أسماء كبيرة وممثلين محترفين ينعكس إيجاباً على الممثل الصاعد لأنهم يزودونه بالقوة ويحفزونه على تقديم الأفضل، ولكني مع محمد ارتحت كثيراً لا سيما أننا كنا متناغمين ونتدرب ونحضّر لأدوارنا معاً. فكنا يشجع بعضنا بعضاً تلقائياً، وكل منّا يريد مصلحة الآخر».
تخبرنا ماريتا عن رأي والديها فيها كممثلة وتقول: «أمي صريحة جداً، وهي لا تتوانى عن انتقادي في حال أقدمت على شيء لا يعجبها. لكنها تفاجئني حتى اليوم لأنها لم تنتقدني بعد في مسلسل (حكايتي)، فهي سعيدة بالمسلسل ككل، وتؤكد لي أنها كانت ستتابعه حتى لو لم أشارك فيه. وعلى فكرة، والدتي تفضّلني ممثلة أكثر من مغنية، ما رأيك أليست صريحة بما فيه الكفاية؟».
وماذا عن والدك عاصي، ما رأيه فيكِ كممثلة؟ تردّ: «عندما كان مسافراً وفي رسالة إلكترونية، عبّر لي عن إعجابه بي، وبأني فاجأته بأدائي، لا سيما أن الدور مركب».
وعمّا ستحمله لنا الحلقات المقبلة من (حكايتي) تقول: «هناك مرحلة جديدة سترونني فيها بعد مرحلة بائعة الورد وزوجة الثري التي تسكن الفيلا. فتابعوا الحلقات المقبلة تعرفوا عمَّ أتحدث».
تتابع ماريتا الحلاني مسيرتها الغنائية، وهي تستعد لإنزال أغنيتين جديدتين، واحدة بالمصرية من كلمات مايكل بخيت توفيق وألحان سامر أبو طالب بعنوان «أقولك سلام»، أما الأخرى فهي لبنانية بعنوان «ولو» من كلمات وألحان نبيل الخوري وتوزيع سليمان دميان.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».