إيران «تتوسع» عسكرياً في وسط سوريا وشمالها

معارضون يتحدثون عن «صراع خفي» مع روسيا

TT

إيران «تتوسع» عسكرياً في وسط سوريا وشمالها

تشهد مناطق في وسط سوريا وشمالها في الفترة الأخيرة جهوداً حثيثة ونشاطاً عسكرياً من إيران، تتمثل في نشر أعداد كبيرة من ميليشياتها الإيرانية والأجنبية والمحلية، ويشمل ذلك خطوط المواجهة مع فصائل المعارضة السورية المسلحة، شمال غربي سوريا، وخطوط التماس مع «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في شمال سوريا، مع تركز في عمق سوريا وشرقها لميليشياتها إيرانية الجنسية.
وقال مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط» إن مناطق البادية السورية وسط سوريا تشهد خلال الآونة الأخيرة «نشاطاً غير مسبوق من قبل الميليشيات الإيرانية في التمدد وتوسيع مناطق وجودها ونفوذها، مقارنة بالقوات الروسية والتشكيلات العسكرية السورية الموالية لها مثل (الفيلق الخامس)، ضمن المناطق الإدارية التابعة لمحافظات حماة وحمص وسط سوريا، تتمثل في إنشاء مقار ونقاط عسكرية حول المدن والمناطق الرئيسية في بادية حمص (تدمر والسخنة وشرق مدينة القريتين) بالإضافة إلى إنشاء مقرات عسكرية في مناطق (أثريا والسعن وشرق مدينة سلمية) في بادية حماة».
من جهته، قال مسؤول في «وحدة الرصد والمتابعة 80» المعارضة: «بلغ تعداد القواعد والنقاط العسكرية الإيرانية ومراكز التدريب خلال الفترة الأخيرة الماضية، نحو 190 موقعاً، تنتشر في مناطق بادية حمص وبادية حماة وسط سوريا، وأخرى في مناطق حلب وريفها، فضلاً عن وجودها الضخم في شرق سوريا والمناطق المحاذية للحدود السورية - العراقية».
ويضيف: «في محافظة حلب يتخذ (الحرس الثوري) الإيراني من مدرسة المدفعية ومطار النيرب وجبل عزان والبحوث العملية في منطقة السفيرة، ومعمل السكر في منطقة مسكنة وخناصر وجبل عزان ومطار كويرس، مقار قيادية وغرف عمليات عسكرية، يديرها ضباط من (الحرس الثوري) الإيراني، لقيادة الميليشيات الأجنبية الموالية له (زينبيون - فاطميون - حركة النجباء العراقية - حزب الله السوري - حزب الله اللبناني) التي تخضع لنفوذها مناطق الشيخ نجار وكتيبة حندرات ونبل والزهراء غرب حلب وقبتان الجبل وعويجل وعاجل وكفر داعل والمنصورة وبسرطون وجمعيات الرحال وجمعية الزهراء والرضوان والمهندسين وحرش كفر حلب والكسيبية والبوابية والحاضر وعبطين في محافظة حلب شمال سوريا».
وفي محافظة حماة «يتخذ (الحرس الثوري) الإيراني من مطار حماة العسكري ومعسكر جورين وقلعة ميرزا مقرات قيادية تشرف على إدارة وتوجيه ميليشيات إيران الأفغانية والعراقية في مناطق خرايب الشيخة وخربة قيطاز غرب حماة، ومحمية الغزلان وأثريا والسيرتيل في بادية حماة شرقاً».
أما في محافظة حمص؛ «فيخضع مطار التيفور في ريف حمص الشرقي للنفوذ الإيراني ويشرف على إدارة العمليات العسكرية لميليشياتها في مناطق القريتين وتدمر والسخنة وجبل أبو الرجمين والجبال الغربية في منطقة السخنة وجبال دلة والأبتر وجزء من طريق تدمر - دير الزور ضمن مناطق شولا وكباجب شرق حمص». وفي مدينة القصير غرب محافظة حمص ومطار الضبعة «يتخذ قادة في (الحرس الثوري) الإيراني مقرات لقيادة عدد من المواقع العسكرية التابعة له في مناطق وسكرة والفرقلس وتنتشر فيها ميليشيا (حزب الله اللبناني) و(لواء فاطميون) الأفغاني، و(حركة النجباء العراقية) و(لواء القدس الفلسطيني)»، حسب المصدر. وقال: «في محافظة إدلب تنتشر الميليشيات الإيرانية في مناطق سراقب والشيخ منصور ومعرة النعمان وحاس وكفرنبل وحزارين جنوب إدلب».
وقال الناشط عمر حاج بكور إن هناك ثمة «صراعاً خفياً بين روسيا وإيران، وتناقض في المصالح، خلافاً لما كانت عليه العلاقات الإيجابية بين الجانبين في الملف السوري وإنقاذ النظام السوري من السقوط. ويبدأ هذا الصراع انطلاقاً من مصلحة روسيا في إرساء التهدئة وبلوغ سوريا حالة الاستقرار، من خلال إعادة تنظيم المؤسسة العسكرية وباقي المؤسسات الحكومية، وإبعاد الحالة الميليشياوية التي أفرزتها الحرب السورية والتدخل الإيراني، والمساهمة في بناء مؤسسة عسكرية منضبطة تخدم مصالحها مستقبلاً، فضلاً عن مطالبة المجتمع الدولي وإسرائيل لها بالحد من التمدد الإيراني على الأراضي السورية.
في المقابل؛ ترى إيران أن الخطة الروسية في حل الميليشيات (السورية) المقربة منها التي أسسها الجنرال حسين همداني أحد أبرز القادة المؤسسين لـ(الحرس الثوري)، تمهيد لمطالبتها بإخراج الميليشيات الأجنبية من سوريا؛ الأمر الذي دفع بها مؤخراً إلى مراجعة حساباتها الميدانية التي تتماشى مع أهدافها بعيدة المدى وتعزيز وجودها بشكل كبير على الساحة السورية، وتوسيع مناطق نفوذها في وسط وشمال سوريا، من خلال إنشاء عدد كبير من المقار والنقاط والقواعد العسكرية، معتمدة في ذلك على الميليشيات (العراقية والأفغانية والمحلية)، وتركز في مناطق نفوذها على البادية السورية (بادية حمص وحماة والرقة ودير الزور)؛ لأنها المنطقة الأكثر تأثيراً على المصالح الروسية، فضلاً عن أنها واقعة على طرق إمدادها لـ(حزب الله اللبناني)».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.