«قرية زمان»... تستدعي الماضي وناسه إلى «موسم الرياض»

مناطق تضم الحوش و{أنتل الطيبين» وسينما مفتوحة

ألعاب شعبية ضمن المنطقة التراثية (تصوير: عبد الرحمن السالم)
ألعاب شعبية ضمن المنطقة التراثية (تصوير: عبد الرحمن السالم)
TT

«قرية زمان»... تستدعي الماضي وناسه إلى «موسم الرياض»

ألعاب شعبية ضمن المنطقة التراثية (تصوير: عبد الرحمن السالم)
ألعاب شعبية ضمن المنطقة التراثية (تصوير: عبد الرحمن السالم)

شكلت منطقة «قرية زمان»، إحدى مناطق موسم الرياض، ملتقى يجمع سبعة أجيال، منذ ستينات القرن الماضي حتى الحاضر، حيث يجد الزوار من مختلف الأعمار، فرصة التعرف على عادات وتقاليد كل جيل، عبر مجموعة من الفعاليات والألعاب والعروض.
في استدعاء للماضي بكل مؤثراته، يعيش المتجول في هذه المنطقة فترات زمنية مضت، دفعت أبناء الأجيال السابقة للحنين إلى الماضي، بل التفاعل معه من خلال فعاليات المنطقة.
تضم القرية 7 مناطق على مساحة 65 ألف متر مربع، تستقبل زوارها على مدى شهرين، وقد سُمّيت مناطق القرية بعناية وإبداع، ابتداءً من منطقة «انتل الطيبين»، وهي مسرحٌ يحوي 300 مقعد، صُمم كالتلفاز القديم ويقدم عروضه يومياً.
ويعيد هذا المسرح الحضور يومياً إلى حقبة الستينات حتى التسعينات من القرن الماضي، عن طريق فرقة طربية من أمهر العازفين على عديد من الآلات الموسيقية.
وتوفر القرية لزوارها تجربة فريدة في منطقة «سينما الطيبين» بعرض مجموعة من أفضل الأفلام القديمة، في منطقة مكشوفة بجلسات أرضية ذات طابع تراثي أنيق. كما سيجد صغار السن من الزوار متعة مختلفة في منطقة «الحوش»، وهي تضم بطابعها التراثي ثلاثة أقسام، أولها «السافية» المخصص للألعاب الثابتة كالأرجوحة والزلاقات وغيرها.
وثاني الأقسام هو «اللعابيب»، الذي يمنح الأطفال تجربة صنع الألعاب القديمة، وآخر أقسام «الحوش» هو قسم «الحارة»، الذي يحاكي حارات الماضي بألعابها التي من أشهرها «طاق طاق طاقية» و«عظيم ساري».
وسيكون زوار القرية على موعد مع المذاقات التي جاءت من الماضي في منطقة «التكية»، وهي تضم مطاعم ومقاهي من خلال الجلسات الشعبية، وتقدم المأكولات التقليدية بأسلوب عصري.
وفي منطقة «الميدان» يمكن للزوار أيضاً تذوق الذكريات بأشهى وأشهر الأطعمة الشعبية، كالحنيني والبليلة والعريكة وغيرها، وتقدم المنطقة أيضاً، عروضاً فلكلورية من مناطق المملكة كافة.
وتتيح القرية لزوارها فرصة الحصول على ذكرى من الزمن الجميل، أبدعتها أيادٍ سعودية بمهارة عالية في منطقة «الخوص»، ويمكنهم أيضاً مشاهدة طريقة صنع السدو والفخار ودهن العود.
وتقدم منطقة «الدكاكين»، الشبيهة في تصميمها بالأسواق القديمة، منتجات الزمن الجميل، من خلال 12 متجراً من كل المناطق السعودية تتنوع معروضاتها لتلبي رغبات الزوار.
وأعاد الفنان طارق العربي «طرقان» للكبار ماضياً جميلاً مضت عليه عقود من الزمن، بغنائه على مسرح القرية مقدمة مسلسلات الرسوم المتحركة القديمة التي كانت محببة لهم في صغرهم.
واحتضن مسرح «إنتل الطيبين» الحفلة الغنائية لطرقان وأبنائه محمد وديمة وتالة، وفرقة أوركسترا قديرة بقيادة المايسترو تامر فيضي، ليبدعوا في إسعاد جمهورهم العريض بأداء لأغاني عدة مسلسلات، كان أبرزها: «المحقق كونان، وماوكلي، وكابتن ماجد، وهزيم الرعد، وعهد الأصدقاء، إضافة إلى الصيّاد الصغير وأبطال الديجيتال، والرمية الملتهبة، وسابق ولاحق، وبابار». وتفاعل الحضور مع أسطورة طفولتهم، الذين كبروا على صوته.
ويرسّخ طارق العربي، وهو مؤلفٌ وملحنُ أغاني أطفالٍ سوري، في ذاكرة الكبار منذ طفولتهم، أغانيَه التي انفردت بألحان رائعة ومميزة، وكلمات هادفة أُلّفت بإتقان، ليحفظها الأطفال جيلاً بعد جيل ورددوها على مرّ الزمن.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».