بلدان شرق أوروبا تواجه أسوأ موجة وبائية

«الصحة العالمية»: الجائحة ليست قريبة من خواتيمها

بلدان شرق أوروبا تواجه أسوأ موجة وبائية
TT

بلدان شرق أوروبا تواجه أسوأ موجة وبائية

بلدان شرق أوروبا تواجه أسوأ موجة وبائية

حطمت ألمانيا، أمس، الرقم القياسي في العدد التراكمي للإصابات بـ«كوفيد - 19» منذ بداية الجائحة في خريف عام 2019، إذ أفاد معهد روبرت كوخ بتجاوز هذا العدد 213 إصابة لكل مائة ألف مواطن خلال 7 أيام متتالية، مضاعفاً بذلك الرقم الذي سجله في الأسبوع الفائت.
ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي تشهد فيه المستشفيات الألمانية ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الحالات التي تقتضي علاجاً سريرياً لأكثر من 10 أيام، مع ازدياد مطرد في الإصابات التي تحتاج إلى العناية الفائقة، علماً بأن التغطية اللقاحية في ألمانيا تجاوزت 67 في المائة من مجموع السكان، في الوقت الذي زاد فيه عدد الإصابات العالمية بفيروس «كورونا المستجد» على 250 مليوناً، بعد أسبوع من تجاوز عدد الوفيات عتبة الخمسة ملايين، وفقاً لجامعة جونز هوبكنز.
وكان المكتب الإقليمي الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية قد حذر، أمس (الثلاثاء)، من أن أرقام المشهد الوبائي الراهن في أوروبا «يظهر بما لا يقبل الشك أن جائحة (كوفيد - 19) ما زالت بعيدة عن خواتيمها»، في الوقت الذي تعيش فيه بعض بلدان الشرق الأوروبي أسوأ موجة وبائية منذ ظهور الفيروس، إن من حيث عدد الإصابات الجديدة أو الحالات التي تحتاج إلى العلاج في المستشفيات.
وأفاد المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها أنه حتى البلدان التي تجاوزت تغطيتها اللقاحية التامة 70 في المائة من مجموع السكان، مثل المملكة المتحدة وهولندا والدانمارك، بدأت تواجه ظروفاً وبائية حرجة، وتلجأ تدريجياً لفرض تدابير وقائية كانت قد رفعتها في الأشهر أو الأسابيع المنصرمة.
يذكر أن خبراء المركز الأوروبي كانوا قد نبهوا مراراً منذ الربيع الفائت من احتمال ظهور موجة رابعة قاسية، خاصة في البلدان التي تسجل معدلات متدنية من التغطية اللقاحية، مثل رومانيا وبلغاريا، حيث لم تعد وحدات العناية الفائقة في المستشفيات قادرة على استقبال مزيد من الحالات، وتضطر لنقلها إلى بعض المستشفيات المجاورة في ألمانيا والمجر وبولندا.
وتجدر الإشارة إلى أن نسبة التغطية اللقاحية في هذه البلدان ما زالت دون 30 في المائة من السكان الذين ترفض نسبة كبيرة منهم تناول اللقاح بسبب عدم الثقة بالسلطات الصحية والمعلومات الخاطئة أو المزيفة التي تتناقلها بكثافة وسائل التواصل الاجتماعي حول اللقاحات.
ويلاحظ خبراء منظمة الصحة أن نسبة السريان الوبائي المرتفعة التي ما زالت تشهدها بعض البلدان التي تسجل معدلات عالية من التغطية اللقاحية تبين أن اللقاحات وحدها ليست كافية للسيطرة على الفيروس، وأن التدابير الوقائية ما زالت ضرورية في هذه المرحلة التي تتزامن مع موسم الإنفلونزا التقليدية الذي ينتظر أن يكون قاسياً في معظم البلدان الأوروبية.
ويتوقف الاختصاصيون عند الموازنة بين حالتي إسبانيا والدانمارك، حيث إن الأولى تسجل ثاني أعلى معدلات التغطية اللقاحية في أوروبا بعد مالطا، وأعلى معدلات الإقبال على تناول الجرعة الإضافية المعززة من اللقاح، لكنها مع ذلك ما زالت تفرض استخدام الكمامات الواقية في الأماكن المغلقة، وتنوي تمديد هذا الإجراء حتى نهاية فصل الشتاء. أما الدانمارك، فقد ألغت جميع التدابير الوقائية في العاشر من سبتمبر (أيلول) الفائت، ولم تعلن بعد عن الجدول الزمني لتوزيع الجرعة الإضافية.
ويتوقع المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها أن يستمر عدد الإصابات الجديدة بالارتفاع، مدفوعاً بانخفاض درجات الحرارة الذي بدوره يدفع المواطنين إلى تمضية فترات أطول داخل الأماكن المغلقة، ومن دون تهوية. وإذ يشير المركز إلى أن إصابات الموجة الجديدة لن تكون بخطورة الإصابات في الموجات السابقة، وذلك بفضل اللقاحات، فإنه ينبه إلى أن هذه ليست فعالة بنسبة 100 في المائة، و«هي قطعاً ليست سترة واقية من الرصاص تحي من الإصابة، كما يعتقد كثيرون، وبالتالي لا بد من الاستمرار في تطبيق تدابير التباعد الاجتماعي، وتهوية المنازل والأماكن العامة المغلقة، واستخدام الكمامات الواقية».
ويقول عالم الوبائيات الألماني هاجو زيب، من معهد لابنيز، إن تدهور المشهد الوبائي في بلدان أوروبا الشرقية والوسطى يعود لأسباب ثلاثة رئيسية، هي «بطء حملات التلقيح، والانخفاض الموسمي في درجات الحرارة، وتخفيف القيود الوقائية التي كانت مفروضة على التواصل الاجتماعي».
ويضيف أن نسبة غير الملقحين ما زالت عالية في هذه البلدان، مذكراً بأن حزباً سياسياً تشكل مؤخراً في النمسا من معارضي اللقاحات ضد «كوفيد - 19»، وقد نال 6.2 في المائة من الأصوات في أحد الانتخابات الإقليمية مؤخراً.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة النمساوية قد أعلنت مطلع هذا الأسبوع أن شهادة التلقيح أصبحت إلزامية لارتياد الأماكن العامة المغلقة، ولم تعد إفادة التعافي من الإصابة بـ«كوفيد - 19» أو الاختبارات السلبية كافية لذلك.
وكانت الحكومة الألمانية قد قررت وقف التوزيع المجاني للاختبارات السريعة بدءاً من مطلع الشهر الفائت، على أمل أن هذا التدبير سيدفع المواطنين للإقبال أكثر على تناول اللقاح للدخول إلى المقاهي والمطاعم والأماكن الترفيهية الأخرى. لكن بعد شهر ونصف الشهر تقريباً من سريان هذا القرار، لم يطرأ أي تغيير ملحوظ على نسبة التغطية اللقاحية بالدورة الكاملة، ما دفع بالاختصاصيين إلى المطالبة بالعودة إلى توزيع الاختبارات المجانية لرصد أكبر عدد ممكن من الإصابات، بهدف تحديد سلاسل السريان ووقفها.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الألمانية لم تسجل مثل المعدل التراكمي الراهن من الإصابات إلا في أواخر العام الماضي، عندما قررت إعلان الإقفال التام لجميع المتاجر الأساسية والمقاهي والمطاعم.
ومن المؤشرات التي تبعث على القلق في المشهد الوبائي الألماني الراهن الذي تصفه السلطات الصحية بـ«جائحة غير الملقحين»، لأن 90 في المائة من المصابين بالفيروس في وحدات العناية الفائقة هم من غير الملقحين، أن بعض المستشفيات الكبرى بلغت 90 في المائة من قدرتها الاستيعابية في هذه الوحدات التي غالباً ما كانت تستقبل حالات من بلدان أخرى خلال الموجات الوبائية السابقة.
ومن الدلائل الأخرى على خطورة الوضع الوبائي الذي تشهده ألمانيا حالياً أن وزير الصحة، جينز سفان، أعلن مؤخراً أن الجرعة الإضافية من اللقاح يجب أن تعمم على جميع السكان خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر من الآن، وأنها «يجب أن تكون القاعدة، وليس الاستثناء»، وأن شهادة التلقيح ستصبح إلزامية لارتياد الأماكن العامة.
لكن على الرغم من كل ذلك، لا تزال بلدان أوروبية كثيرة، مثل إيطاليا والنمسا وهولندا والمجر والدانمارك وبلجيكا، تشهد مظاهرات أسبوعية للحركات المناهضة للقاحات، في الوقت الذي يستعد فيه المجلس الأوروبي لوزراء الداخلية والعدل لمناقشة حزمة من التدابير لضبط هذه المظاهرات التي يخشى أن تتحول إلى بؤر وبائية متنقلة، إذ إن المشاركين فيها يرفضون استخدام الكمامات أو الالتزام بأي تدابير وقائية أخرى.


مقالات ذات صلة

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

آسيا قوات أمنية تقف خارج معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (رويترز)

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

حذر خبراء من أن العلماء الصينيين يخططون لإجراء تجارب «مشؤومة» مماثلة لتلك التي ربطها البعض بتفشي جائحة «كوفيد - 19».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ وسط ازدياد عدم الثقة في السلطات الصحية وشركات الأدوية يقرر مزيد من الأهل عدم تطعيم أطفالهم (أ.ف.ب) play-circle

مخاوف من كارثة صحية في أميركا وسط انخفاض معدلات التطعيم

يحذِّر العاملون في المجال الصحي في الولايات المتحدة من «كارثة تلوح في الأفق» مع انخفاض معدلات التطعيم، وتسجيل إصابات جديدة بمرض الحصبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك جائحة كورونا نشأت «على الأرجح» داخل مختبر ولم تكن طبيعية (أ.ف.ب)

فيروس كورونا الجديد في الصين... هل يهدد العالم بجائحة جديدة؟

أثار إعلان علماء في معهد «ووهان» لعلم الفيروسات عن اكتشاف فيروس كورونا جديد يُعرف باسم «HKU5 - CoV - 2» قلقاً عالمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عالمة تظهر داخل مختبر معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (إ.ب.أ)

يشبه «كوفيد»... اكتشاف فيروس كورونا جديد لدى الخفافيش في مختبر صيني

أعلن باحثون في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات في الصين، أنهم اكتشفوا فيروس «كورونا» جديداً في الخفافيش يدخل الخلايا باستخدام البوابة نفسها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» بنيويورك (أ.ب)

دراسة: بعض الأشخاص يصابون بـ«متلازمة ما بعد التطعيم» بسبب لقاحات «كوفيد-19»

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن اللقاحات التي تلقّاها الناس، خلال فترة جائحة «كوفيد-19»، منعت ملايين الوفيات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

كندا تفرض رسوما جمركية انتقامية على سلع أميركية قيمتها 155 مليار دولار

شاحنة تنقل بضائع تعبر الحدود الأميركية متوجهة إلى كندا (رويترز)
شاحنة تنقل بضائع تعبر الحدود الأميركية متوجهة إلى كندا (رويترز)
TT

كندا تفرض رسوما جمركية انتقامية على سلع أميركية قيمتها 155 مليار دولار

شاحنة تنقل بضائع تعبر الحدود الأميركية متوجهة إلى كندا (رويترز)
شاحنة تنقل بضائع تعبر الحدود الأميركية متوجهة إلى كندا (رويترز)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن كندا ستفرض رسوما جمركية 25 بالمئة على سلع أميركية قيمتها 155 مليار دولار كندي (107 مليارات دولار) اعتبارا من اليوم الثلاثاء إذا مضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قدما في فرض رسومها الجمركية المقترحة على السلع الكندية.

وأضاف في بيان إن كندا ستفرض رسوما 25 بالمئة على سلع أميركية قيمتها 30 مليار دولار كندي اعتبارا من اليوم الثلاثاء بينما ستدخل الرسوم على بقية المنتجات البالغ قيمتها 125 مليار دولار كندي حيز التنفيذ في غضون 21 يوما.وأردف «ستظل رسومنا الجمركية سارية لحين سحب التدابير التجارية الأمريكية، وإذا لم تتوقف الرسوم الجمركية الأميركية فنحن في مناقشات نشطة ومستمرة مع المقاطعات والأقاليم لمتابعة العديد من الإجراءات غير الجمركية».