بروس لي الأفغاني يتطلع إلى الظهور في السينما الأميركية

عباس عليزاده يشبه النجم الهوليوودي.. ويتلقى عروضا من شركة أفلام صينية

عباس عليزاده يقوم بتمارين رياضية داخل قصر دار الأمان التاريخي
عباس عليزاده يقوم بتمارين رياضية داخل قصر دار الأمان التاريخي
TT

بروس لي الأفغاني يتطلع إلى الظهور في السينما الأميركية

عباس عليزاده يقوم بتمارين رياضية داخل قصر دار الأمان التاريخي
عباس عليزاده يقوم بتمارين رياضية داخل قصر دار الأمان التاريخي

عباس عليزادة اكتشف فجأة أنه يشبه تماما بطل «الكونغ فو» الأسطوري بروس لي وهو في الرابعة عشر من عمره عندما كان يعيش في مخيمات اللاجئين الأفغان في إيران، كانت الحياة صعبة وظروف المعيشة في المخيم لم تسمح لعباس بتحقيق حلمه في الالتحاق بنادٍ لتعليم الكونغ فو، لكنه لم يستسلم للواقع كما يقول فظل يتمرن داخل المنزل الواقع في أحد مخيمات اللجوء في إيران. تمرن لست شهور متواصلة إلى أن اكتشف أحد المدربين للعبة أن عليزاده يملك مهارات في الكونغ فو تفوق مهارات من تدرب على اللعبة عدة سنوات فكانت المفاجأة إلى أن تم قبوله في النادي ليواصل التمارين ويتعلم المهارات. كما أنه واصل التمارين داخل المنزل وهو يشاهد أفلام «بروس لي» الحقيقي ويقلد حركاته ويتعلم من مهاراته المختلفة. وبعد أن تمت الإطاحة بحكم طالبان نهاية 2001 انتقلت أسرة عباس عليزاده إلى العاصمة كابل مثل باقي الأسر الأفغانية التي فضلت العودة إلى أفغانستان بعد أن عاد إليها الهدوء النسبي واستقرت أسرته في ضاحية فقيرة غرب العاصمة الأفغانية كابل حيث تقطن فيها غالبية عرقية الهزارة الشيعية.
ينتمي عليزاده إلى أسرة فقيرة. توفي والده بعد أن أصيب بجلطة دماغية وكانت أمنيته أن يرى ابنه وهو يتحول إلى نجم في سماء لعبة الكونغ فو. بعد العودة إلى كابل وإكمال الدراسة في الثانوية العامة ترك عباس الدراسة وواصل التمارين في الضاحية التي يسكنها في كابل دون أن يكون لديه من يعلمه أو يدربه وظلت الأفلام الهوليوودية التي عمل فيها «بروس لي» الحقيقي الطرق الوحيدة التي تعلم منها الحركات والقفزات التي اشتهر بها. وبعد ستة أشهر من التمرين والتدريب دون معلم وداخل صالة صغيرة في منزل يفتقر إلى المعايير المناسبة وجد عليزاده ضالته، حيث عثر على ناد رياضي لتعليم لعبة الكونغ فو بالقرب من منطقته وسرعان ما انتقل إليه والتقى بالمدرب الأفغاني الذي أظهر إعجابا كبيرا بعد مشاهدة الحركات الرياضية التي يقوم بها «بروس لي أفغانستان». وانطلقت مسيرته في الشهرة والتألق. وأشار إلى أنه ومن دواعي الفضول التقط لنفسه صورة ووضعها على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». ويضيف «بروس لي الأفغاني» أنه لم يصدق الناس أنه أفغاني ويعيش في كابل. الكل كان يعلق على الصورة بأنه قام بعملية «فوتوشوب» لصورة بروس لي الأصل، وكان لا بد من إجراء عمل يتم فيه إقناع الأصدقاء والشبان الأفغان بأن الصورة تنتمي إليه وهو حقيقي ويعيش بينهم في كابل. فجاءت فكرة القيام بتمارين رياضية في قصر دار الأمان التاريخي، الذي يقع على أحد المرتفعات في غرب العاصمة الأفغانية كابل، وكان قد بني في عهد الملك الأفغاني الراحل أمان الله خان سنة 1920 للميلاد. ليكون مقرا لحكومته ولباقي مؤسسات الدولة آنذاك.
وبالعودة إلى بطلنا. بدأ عباس عليزاده يتمرن داخل القصر المدمر وقام بالتقاط عدد من الصور له ثم وضعها على شبكات التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» وسرعان ما لقي تعليقات إيجابية من زملائه وأصدقائه ووصل عدد أصدقائه في «فيسبوك» إلى عشرات الآلاف من المعجبين والجميع قام بتشجيعه. يتطلع عباس عليزاده إلى تحقيق أمنية والده وهو أن يصبح نجما كبيرا ومعروفا للجميع في الداخل والخارج الأفغاني ويتطلع إلى أن يأتيه العرض يوما ما من «هوليوود» للعمل في الأفلام الأميركية وأن يؤدي دورا في تلك الأفلام لم يتمكن بروس لي النجم الحقيقي من إكماله. يقول بروس لي الأفغاني إنه تلقى عروضا كثيرة من شركة أفلام صينية للعمل فيها كما تلقى اتصالا من ابنة بروس لي الحقيقي بعد ما شاهدت صوره على شبكات التواصل الاجتماعي وهي تشجعه وتطلب منه أن يواصل العمل في تعلم لعبة الكونغ فو. يقول عليزاده إنه من الصعب جدا أن يحل محل بروس لي الحقيقي لكنه يسعى إلى اكتساب شهرة وأن يتحول إلى رمز للقوة ويرفع علم بلاده أفغانستان في المحافل الدولية. في النادي الذي يتعلم فيه عليزاده هناك عشرات من الشبان يتطلعون إلى أن يصبحوا يوما أبطالا في رياضة الكونغ فو وأن يرفعوا اسم بلدهم في الملاعب الدولية، والجميع يؤكد على أن الفرصة إذا سنحت وتوفرت الإمكانات بأن الشبان الأفغان ليسوا بأقل موهبة في مختلف المجالات من أقرانهم في دول المنطقة والعالم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».