أورتيغا يفوز برئاسة نيكاراغوا قبل فرز الأصوات

بايدن يصف الانتخابات بـ«الصورية»

أورتيغا وزوجته (على يمينه) يفوزان قبل إعلان النتائج والمعارضة تقول إن نسبة المقاطعة بلغت أكثر من 80% (أ.ف.ب)
أورتيغا وزوجته (على يمينه) يفوزان قبل إعلان النتائج والمعارضة تقول إن نسبة المقاطعة بلغت أكثر من 80% (أ.ف.ب)
TT

أورتيغا يفوز برئاسة نيكاراغوا قبل فرز الأصوات

أورتيغا وزوجته (على يمينه) يفوزان قبل إعلان النتائج والمعارضة تقول إن نسبة المقاطعة بلغت أكثر من 80% (أ.ف.ب)
أورتيغا وزوجته (على يمينه) يفوزان قبل إعلان النتائج والمعارضة تقول إن نسبة المقاطعة بلغت أكثر من 80% (أ.ف.ب)

ندد الأميركيون والأوروبيون بانتخابات نيكاراغوا، معتبرين أنها «مهزلة» و«مسرحية»، منكرين أي شرعية لها. وهاجم الرئيس الأميركي جو بايدن النتائج ووصفها بأنها «صورية»، وذلك بعد إعلان فوز الرئيس دانيال أورتيغا وزوجته نائبة الرئيس روزاريو موريللو للمرة الثالثة، قبل الانتهاء من فرز الأصوات؛ مما يعني بقاءه في السلطة لمدة 20 عاماً. أُعيد انتخاب أورتيغا الأحد لولاية رابعة تمتدّ على خمسة أعوام بحصوله على 75 في المائة من الأصوات، بحسب النتائج الأولية الرسمية الجزئية التي أعلنتها الاثنين المحكمة الانتخابية. وقالت المحكمة، إن هذه النتائج الجزئية الرسمية ترتكز على فرز الأصوات في 49 في المائة من مراكز الاقتراع، وتُبيّن أن نسبة المشاركة بلغت 65.34 في المائة. لكن أفاد مرصد «أورناس أبيرتاس» المقرّب من المعارضة، بأن نسبة الامتناع عن التصويت بلغت 81.5 في المائة، بناءً على معطيات 1450 مراقباً غير مرخص لهم كانوا موجودين في 563 مركز اقتراع أثناء الانتخابات الرئاسة.
في المقابل، هنأ رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو نظيره، من دون انتظار النتيجة. وقال رئيس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوسيب بوريل، إنها «انتخابات صورية نظمتها ديكتاتورية».
ووصفت إسبانيا، من جهتها، الانتخابات الرئاسية بأنها «مهزلة». ومُنِع صحافيون من وسائل إعلام دولية عدة من دخول البلاد ورفضت الحكومة وجود مراقبين مستقلين. وكان يحق لنحو 5.‏4 مليون شخص في نيكاراجوا الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وقال بايدن في بيان قبل إعلان نتيجة الانتخابات، إن الرئيس أورتيغا وزوجته قاما بتدبير الانتخابات بطريقة لم تكن حرة أو نزيهة، مشيراً إلى سجن ما يقرب من 40 شخصية معارضة منذ مايو (أيار) «بما في ذلك سبعة مرشحين رئاسيين محتملين، ومنع الأحزاب السياسية من المشاركة. زوروا النتيجة قبل وقت طويل من يوم الانتخابات». وأضاف بايدن الذي ندد بالحكم أورتيغا وموريللو «لقد أغلقوا وسائل الإعلام المستقلة، وحبسوا الصحافيين وأعضاء القطاع الخاص، وتسلطوا على منظمات المجتمع المدني لإغلاق أبوابها». وتعهد الرئيس الأميركي استخدام «كل الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية المتاحة لدعم شعب نيكاراغوا ومحاسبة حكومة أورتيغا موريللو وأولئك الذين يسهلون انتهاكاتها».
ومن المتوقع أن يوقّع بايدن قانوناً تم تمريره الأسبوع الماضي لتوسيع العقوبات المفروضة على سلطات نيكاراغوا ومراجعة عضوية نيكاراغوا في اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الوسطى.
ويقول المحللون، إن فوز أورتيغا معناه ترسيخ نسخة القرن الحادي والعشرين لصورة الديكتاتور الذي قاد في السابق احتجاجات ضد النظام السابق ونجح في الإطاحة به. وجاء أورتيغا إلى السلطة باعتباره ثورياً خلال حرب العصابات منذ أكثر من 40 عاماً، وأطاح بالديكتاتور أناستاسيو سوموزا عام 1979، ثم قاد نيكاراغوا من عام 1985 حتى عام 1990، عندما هُزم أمام فيوليتا باريوس دي تشامورو، ثم عاد إلى السلطة في عام 2007.
وقد حذرت وزارة الخارجية الأميركية والبرلمان الأوروبي ومنظمة الدول الأميركية قبل التصويت من أن الانتخابات في نيكاراغوا «ستفتقر إلى كل المصداقية». وقد تسببت حملته القمعية المستمرة التي اتبعها أورتيغا في فرار الآلاف من نيكاراغوا في الأشهر القليلة الماضية إلى دول لاتينيه مجاورة.
وبعد إدلائه بصوته، اتهم أورتيغا خصومه بأنهم «شياطين (...) يختارون العنف والتشهير والافتراء والحملات حتى تقع نيكاراغوا مجدداً فريسة للمواجهات العنيفة والحرب». وأضاف، أن المرشحين المعتقلين «تآمروا ولم يرغبوا في إجراء هذه الانتخابات؛ لأنهم باعوا أرواحهم منذ فترة طويلة للإمبراطورية (الولايات المتحدة) ويعيشون جاثين على ركبهم داعين لشن هجمات ضد نيكاراغوا».
وصعدت الولايات المتحدة بثبات العقوبات على حكومة أورتيغا - بما في ذلك زوجته وأطفاله الذين وضعهم في السلطة - بعد أن شنت حملة قمع عنيفة تسبب بموجة من الاحتجاجات في عام 2018؛ مما أسفر عن مقتل 328 نيكاراغوياً. وفرضت وزارة الخارجية الأميركية قيوداً على التأشيرات على 100 عضو في الجمعية الوطنية والنظام القضائي في نيكاراغوا في يوليو (تموز) الماضي بسبب انتهاكات منها انتهاكات حقوق الإنسان، كما فرضت عقوبات على عدة مسؤولين نيكاراغويين مرتبطين بأورتيغا في يونيو (حزيران).
وقال السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز، إن حملة أورتيغا المستمرة على المعارضين «تفوح منها رائحة تكتيكات على غرار بوتين». «ما يفعله هو في الأساس اتخاذ خطوات لإقامة نظام سلالة حاكمة، تماما مثل السوموزاس من قبله». لكن واشنطن تواجه معضلة، فإذا فرضت عقوبات اقتصادية أكثر صرامة، فإنها يمكن أن تلحق الضرر بالناس العاديين في نيكاراغوا؛ مما يؤدي إلى مزيد من الهجرة، وإذا لم يواجه أورتيغا أي تداعيات على إجراء انتخابات مزورة، فإن الديمقراطيات المؤقتة الأخرى في المنطقة يمكن أن تتجه بالمثل إلى الاستبداد.



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».