أداة مبتكرة لانتقاء البروتينات لأبحاث الأدوية والتكنولوجيا الحيوية

عند صبغ الهلام بالمعقّد وإنارته بالأشعة فوق البنفسجية  يمكن رؤية البروتينات الموسومة بـ«الهستيدين» بالعين المجردة
عند صبغ الهلام بالمعقّد وإنارته بالأشعة فوق البنفسجية يمكن رؤية البروتينات الموسومة بـ«الهستيدين» بالعين المجردة
TT

أداة مبتكرة لانتقاء البروتينات لأبحاث الأدوية والتكنولوجيا الحيوية

عند صبغ الهلام بالمعقّد وإنارته بالأشعة فوق البنفسجية  يمكن رؤية البروتينات الموسومة بـ«الهستيدين» بالعين المجردة
عند صبغ الهلام بالمعقّد وإنارته بالأشعة فوق البنفسجية يمكن رؤية البروتينات الموسومة بـ«الهستيدين» بالعين المجردة

يحتاج الباحثون في مجالات أبحاث الأدوية والتكنولوجيا الحيوية والتحقيقات الأساسية في بيولوجيا الخلية إلى إنتاج بروتينات معينة ثم تنقيتها، لتقصي أنشطتها من أجل أبحاثهم.
وفي هذا الإطار طوّر باحثون بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) طريقة بسيطة لاكتشاف «علامة جزيئية» شائعة الاستخدام لتكون بمثابة مقبض لالتقاط البروتينات المطلوبة، وبذلك تصبح تنقية جزيئات بروتين معينة من وسط خلائط معقدة أسهل من ذي قبل.
وجدير بالذكر أن البروتينات التي تتألف من عديد من جزيئات الأحماض الأمينية المترابطة تشكل «القوة العاملة» الرئيسية في البيولوجيا الجزيئية، وتؤدي عديداً من المهام الكيميائية، ومن بينها تحفيز كيمياء الحياة، وتشغيل الجينات وإيقافها، واستقبال الإشارات بين الخلايا والاستجابة لها. والبيولوجيا الجزيئية هي الدراسة التي تعنى بالأساس الجزيئي للنشاط البيولوجي في الخلايا وفيما بينها، بما في ذلك التخليق الجزيئي والتعديل والآليات والتفاعلات. وتركز البيولوجيا الجزيئية أكثر على التقنيات القائمة على الحمض النووي والتعبير عن الجينات.
وكثيراً ما تُصنع البروتينات المهمة عن طريق إدراج الجينات المشفرة لها في الخلايا التي ستنتجها، لكن هذا يترك مشكلة تحديد البروتين المطلوب وتنقيته من وسط خليط يُحتمل أن يكون معقداً. تتمثل إحدى الاستراتيجيات الشائعة في تعديل الجين المشفر للبروتين بحيث يجعل البروتين يحمل سلسلة من جزيئات الحمض الأميني الذي يسمى «هيستيدين»، فتتكون «علامة متعدد الهيستيدين».
والهيستيدين هو حمض أميني يستخدم في تخليق البروتين، وهو من الأحماض الأساسية لنمو الأطفال ويؤدي وظائف فسيولوجية مهمة جداً للإنسان.
يوضح الباحث الأول في الدراسة، الدكتور فلاد ستيفان رادوكانو، بقسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في «كاوست»: «تعمل العلامة كمقبض متصل بحقيبة، ومن الأسهل كثيراً أن تقتنص بروتيناً عن طريق الإمساك بالعلامة».
ويمكن فصل البروتينات المختلفة في عينة غير نقية باستخدام مجال كهربائي لسحبها عبر هلام بمعدلات مختلفة، وهي عملية تسمى «الرحلان الكهربائي للهلام» التي تساعد العلماء على فرز الجزيئات الحيوية الصغيرة وإظهارها بناءً على خاصيتي الحجم والشحنة. ومن ثم، يُنقل الهلام إلى غشاء ويجري تصوير المنطقة التي تحمل البروتينات الموسومة بـ«متعدد الهيستدين» باستخدام الأجسام المضادة - وهي أيضاً شكل من أشكال البروتين - لترتبط انتقائياً بالعلامة، غير أن هذه الطريقة في الكشف قد تكون شاقة. ولتسهيل إجراء تلك العملية، طوّر رادوكانو وزملاؤه أخيراً إجراءً كاشفاً أبسط يتفادى خطوة نقل الغشاء واستخدام الأجسام المضادة.
للوصول إلى غايته، بنى الفريق معقّداً كيميائياً يرتبط بعلامات «متعدد الهستيدين» ويمكن تحفيزه بالأشعة فوق البنفسجية (UV) ليتألق بالضوء المرئي. ويمكن اكتشاف مناطق البروتينات الموسومة الحاملة للهلام بسهولة من خلال الضوء المنبعث من معقدات «الفلوروفور»، وهي الأجزاء الموجودة في جزيئات معينة مسؤولة عن التألق أو اللون، حيث تمت استثارتها بالأشعة فوق البنفسجية والمرتبطة بالعلامات.
يقول رادوكانو موضحاً: «كان من الصعب ابتكار فلوروفور مناسب قابل للاستثارة بالأشعة فوق البنفسجية». كان على الفريق أن يقرن المكون الفلوري المتألق من المعقد الذي ابتكروه بجزء آخر يحتوي على أيون معدني يمكنه الارتباط بعلامة «متعدد الهيستيدين». ويعرب رادوكانو عن أمله في إمكانية اعتماد فائدة «الفلوروفورات» القابلة للاستثارة بالأشعة فوق البنفسجية على نطاق أوسع لمساعدة الباحثين على اكتشاف البروتينات التي يحتاجون إليها.
وعن خطواتهم المستقبلية، يضيف: «نخطط الآن للتعاون مع الكيميائيين في (كاوست) لتطوير أصباغ أكثر تألقاً».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة
TT

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

إن مسألة ما إذا كان الانحباس الحراري العالمي يتسارع، هي مسألة مثيرة للجدال بشدة بين علماء المناخ، ففي حين زعم ​​البعض أن معدل الانحباس الحراري الحالي -الذي بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في العام الماضي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة انبعاثات الوقود الأحفوري وبالتالي يتماشى مع نماذج المناخ الحالية؛ يُحذر آخرون من أن الأرض أضحت أكثر حساسية لتأثيرات الوقود الأحفوري مما كان يُعتقد سابقاً، وأن البشرية تتجه نحو نقاط تَحوّل لا يمكن العودة منها.

وتيرة ارتفاع الحرارة أقل داخل مومباي والقاهرة

في دراسة حديثة، زادت مجموعة من الباحثين من جامعة ملبورن تعقيد هذا النقاش من خلال تحليل معدلات الانحباس الحراري في جميع أنحاء العالم والأسباب المحتملة للاختلافات الإقليمية.

النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها: تزداد حرارة الكرة الأرضية بمعدل أسرع، لكن هذا التسارع يحدث بشكل غير متساوٍ. ولكن من المثير للدهشة أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مع التركيزات الكبيرة من الفقر -المدن الكبرى مثل القاهرة ومومباي-ـ ترتفع درجة حرارتها ببطء أكثر من المراكز الحضرية في أوروبا وأميركا الشمالية.

دقائق الهباء الجوي تعكس أشعة الشمس

لماذا؟ وجد الباحثون أن الكمية الكبيرة من دقائق الهباء الجوي في الهواء في المدن شديدة التلوث تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، وعلى الأقل في الأمد القريب، يمكن أن يكون لها تأثير تبريدي صافٍ على السكان.

وأشادت إديث دي جوزمان، المتخصصة في سياسة التكيف في مركز لوسكين للابتكار بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، بالباحثين، على عملهم.

وأكد مؤلفو الورقة البحثية أن النتيجة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها علامة جيدة. فمن ناحية، من المرجح أن تكون مؤقتة فقط. وثانياً، تأتي الحماية، كما هي، فقط من الملوثات الضارة. ووافقت دي جوزمان على هذا الاستنتاج، قائلةً إن الاحترار المتسارع يعني أن «السكان الذين هم بالفعل عُرضة بشكل صارخ لمجموعة متنوعة من الظلم البيئي والمناخي سوف يكونون أكثر عرضة للخطر».

التخلص من التلوث الجوي يزيد الحرارة

ومع تطور البلدان اقتصادياً، تميل حكوماتها إلى تبني سياسات لتنقية البيئة من التلوث، ولكن مع صفاء الهواء، سوف تتعرض الفئات السكانية الضعيفة لخطر التعرض للحرارة الشديدة. وقد قدم كريستوفر شوالم، مدير برنامج المخاطر في مركز «وودويل لأبحاث المناخ»، مثال الصين، حيث بدأت الحكومة في تجهيز محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بتقنيات الحد من الانبعاثات مثل أجهزة التنظيف، لمنع السخام من التسرب من المنشأة. وقال إن مثل هذه التدابير جيدة لجودة الهواء، لكنها ستسمح بتسرب مزيد من الحرارة من الشمس.

الفقر يزيد تأثيرات ارتفاع الحرارة

وسوف يكون الأكثر تضرراً هم أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى مكيفات الهواء والمناطق المظللة. وأضاف شوالم: «كلما كنت أكثر فقراً، ارتفعت درجة الحرارة، حيث تكون الحرارة استعارة لجميع أشكال اضطراب المناخ».

وأوضح شوالم أن المجتمع العلمي لديه نحو ثلاثين نموذجاً مناخياً متطوراً للغاية يُنظر إليه بشكل جماعي على أنه «لجنة من الخبراء» حول مسار الانحباس الحراري العالمي. يعتقد أن دراسة الاحترار المتسارع مفيدة لأنها يمكن أن تساعد البلدان على التخطيط لتدابير التكيف مع المناخ وفهم مدى واقعية أهداف سياسة المناخ الحالية -أو عدمها.

تغيرات مناخية مؤثرة

في العام الماضي، لم يحقق العالم أهداف الانبعاثات من اتفاقية باريس لعام 2015، وهو في طريقه لفعل نفس الشيء هذا العام. أصبح العلماء أكثر صراحةً بشأن ما تسمى وفاة التزام اتفاقية باريس بالحفاظ على العالم دون زيادة في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، في محاولات لإجبار صناع السياسات على التعامل مع حتمية موجات الحر المتفاقمة والأحداث الجوية المتطرفة القادمة.

يقدم مؤلفو ورقة ملبورن رؤى مطلوبة بشدة حول شكل المستقبل وكيف يجب على الدول الاستعداد: «يجب أن تشجع نتائجهم «استراتيجيات التكيف مع المناخ المستهدفة» الموجهة إلى أفقر المجتمعات الحضرية في جميع أنحاء العالم.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».