استنكار دولي وعربي وعراقي واسع لاستهداف الكاظمي

الرياض تؤكد وقوفها مع بغداد... وبايدن يوجّه «الأمن القومي» بمساعدة العراق

استنكار دولي وعربي وعراقي واسع لاستهداف الكاظمي
TT
20

استنكار دولي وعربي وعراقي واسع لاستهداف الكاظمي

استنكار دولي وعربي وعراقي واسع لاستهداف الكاظمي

أثارت عملية استهداف منزل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ردود أفعال غاضبة ومنددة محلياً وعربياً ودولياً، ونُظر للحادث بوصفه أخطر محاولة إرهابية منذ عام 2003 تستهدف رأس السلطة التنفيذية والقائد العام للقوات المسلحة. وعدّ البعض الهجوم من بين أخطر التحولات التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة وموقف بعض القوى الخاسرة من نتائجها.
وأدانت غالبية الشخصيات والجهات الحزبية والسياسية العراقية الاعتداء، ووصفه رئيس الجمهورية برهم صالح بـ«تجاوز خطير وجريمة نكراء بحق العراق»، مضيفاً: «لا يمكن أن نقبل بجرّ العراق إلى الفوضى والانقلاب على نظامه الدستوري».
وتصدرت المملكة العربية السعودية لائحة الدول العربية والإقليمية التي سارعت إلى إدانة الحادث، وقالت الخارجية، في بيان، إن السعودية أدانت بشدة العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. وأضافت أن «المملكة تؤكد وقوفها صفاً واحداً إلى جانب العراق الشقيق، حكومة وشعباً، في التصدي لجميع الإرهابيين الذين يحاولون عبثاً منع العراق الشقيق من استعادة عافيته ودوره، وترسيخ أمنه واستقراره، وتعزيز رفاهيته ونمائه».
وأجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً بالكاظمي، ليطمئن على سلامته، ونقلت الرئاسة المصرية عن السيسي أنه أعرب عن تمنياته لـ«رئيس الوزراء ولشعب العراق الشقيق بالأمن والاستقرار والسلام»، فيما أكدت الخارجية المصرية «وقوفها مع العراق الشقيق ضد كل ما يُهدد أمنه واستقراره، أو ينال من تماسك جبهته الداخلية».
وتلقى الكاظمي اتصالاً هاتفياً مماثلاً من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وآخر من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، وشددوا على استنكارهم محاولة الاغتيال، وأكدوا الوقوف مع العراق وشعبه.
دولياً، أدان الرئيس الأميركي جو بايدن «الهجوم الإرهابي» الفاشل، الذي استهدف منزل رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، مطالباً بمحاسبة المسؤولين عنه، والحفاظ على استقرار العراق.
وقال بايدن، في بيان صادر عن البيت الأبيض أمس، إنه شعر «بالارتياح» لأن رئيس الوزراء لم يصب بأذى، مثمناً الدعوة التي نادى بها الكاظمي إلى ضبط النفس، والهدوء، والقيادة التي أظهرها رئيس الوزراء العراقي في الدعوة إلى الحوار، لحماية مؤسسات الدولة وتعزيز الديمقراطية التي يستحقها العراقيون.
وأضاف: «يجب محاسبة مرتكبي هذا الهجوم الإرهابي على الدولة العراقية. إنني أدين بأشد العبارات أولئك الذين يستخدمون العنف لتقويض العملية الديمقراطية في العراق».
وأكد بايدن أنه أصدر تعليماته إلى فريق الأمن القومي الخاص به، لتقديم «كل المساعدة المناسبة» لقوات الأمن العراقية، أثناء قيامهم بالتحقيق في هذا الهجوم، وتحديد المسؤولين عنه، مضيفاً: «تقف الولايات المتحدة بحزم مع حكومة وشعب العراق، وهم يسعون جاهدين لدعم سيادة العراق واستقلاله».
وقال نيد برايس، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة تابعت ما تردد عن هجوم بطائرة «درونز» بدون طيار، استهدفت مقر إقامة رئيس الوزراء العراقي الكاظمي، وإن واشنطن «شعرت بالارتياح» عندما علمت أن رئيس الوزراء لم يصب بأذى. واصفاً هذا العمل بـ«الإرهابي الظاهر».
وأدانت الهجومَ دول أوروبية، بينها فرنسا وبريطانيا، وكذلك الاتحاد الأوروبي ومنظمات إقليمية ودولية، على رأسها الأمم المتحدة، ورابطة العالم الإسلامي، وقال الدكتور محمد العيسى الأمين العام للرابطة: «إن مثل هذه الأعمال الإرهابية، التي تستهدف زعزعة استقرار العراق، وضرب أمنه، وإرهاب شعبه، مصيرها الفشل والخذلان»، وأضاف أن العراق الكبير والقوي «سيواصل دحرها والمضي في مسيرة تقدمه وازدهاره وتعزيز لُحمته الوطنية».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.