الفلسطينيون يتمسكون بالقنصلية الأميركية في القدس

بعد إعلان بنيت ولبيد أن مكانها الوحيد هو رام الله

لافتة احتجاج إسرائيلية على إعادة فتح القنصلية الأميركية للفلسطينيين في القدس (أ.ف.ب)
لافتة احتجاج إسرائيلية على إعادة فتح القنصلية الأميركية للفلسطينيين في القدس (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يتمسكون بالقنصلية الأميركية في القدس

لافتة احتجاج إسرائيلية على إعادة فتح القنصلية الأميركية للفلسطينيين في القدس (أ.ف.ب)
لافتة احتجاج إسرائيلية على إعادة فتح القنصلية الأميركية للفلسطينيين في القدس (أ.ف.ب)

تفجرت أزمة القنصلية الأميركية على نحو حاد، بعد نجاح الحكومة الإسرائيلية في تمرير الميزانية السنوية، وهو الحدث الذي يعتقد الفلسطينيون أن الأميركيين ينتظرونه من أجل الاطمئنان على وضع الحكومة الإسرائيلية، ثم فتح القنصلية فعلياً حتى من دون موافقة تل أبيب.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن القيادة الفلسطينية لن تقبل إلا بإعادة فتح القنصلية الأميركية في مدينة القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، في معرض ردِّه على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، ووزير خارجيته يائير لبيد، رفضهما القرار الأميركي، واقتراحهما على واشنطن فتحها في رام الله إذا أرادت ذلك.
وأعلن أبو ردنية، أن الإدارة الأميركية أكدت التزامها باستمرار إعادة فتح قنصليتها في القدس الشرقية، «وهو ما أُبلغنا به رسمياً، وننتظر تنفيذه في القريب العاجل». وتابع: «إن أي توجهات إسرائيلية تحاول عرقلة مسار فتح القنصلية في مكانها الذي أُقيمت فيها عام 1844 هي توجهات مرفوضة، وتأتي في سياق المحاولات الإسرائيلية لفرض سياسة الإجراءات أحادية الجانب كالاستيطان المدان دولياً، والذي جميعه نعدّه غير شرعي، إلى جانب سياسة القتل، والتدمير، والاستيلاء على الأراضي، وطرد السكان الفلسطينيين من بيوتهم».
وأردف: «هذا التحدي الإسرائيلي للإدارة الأميركية وللمجتمع الدولي وللشرعية الدولية، يؤكد مرة أخرى أنها أصبحت سلطة معزولة عن مجرى التاريخ». وأكد: «طريق السلام واضح، وهو الاعتراف بحقوق شعبنا الفلسطيني، وتحقيق الاستقرار والأمن يمر عبر تحقيق السلام العادل والشامل، وأن هذا السلام لن يكون بأي ثمن».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، قد ظهر متفقاً مع وزير خارجيته يائير لبيد ضد إعادة فتح الولايات المتحدة قنصليتها للفلسطينيين في القدس. وقال بنيت لوسائل الإعلام بعد المصادقة على ميزانية إسرائيل لعام 2021 – 2022: «لا مكان لقنصلية أميركية تخدم الفلسطينيين في القدس، وقد تم إبلاغ واشنطن بهذا الموقف من قِبلي ومن قِبل وزير الخارجية يائير لبيد».
وأضاف: «نحن نعبّر عن موقفنا باستمرار، بهدوء ومن دون دراما، وآمل أن يتم فهمه. القدس عاصمة إسرائيل وحدها». وأيّد الشريك في الحكم يائير لبيد، بنيت، قائلاً: «إذا أراد الأميركيون فتح قنصلية في رام الله، فليس لدينا مشكلة في ذلك» لكن «السيادة في القدس تعود إلى دولة واحدة هي إسرائيل». ورفض الفكرة القائلة بأنه بعد أن أصبحت الحكومة أكثر استقراراً في أعقاب إقرار الميزانية، فقد يكون القادة أكثر استعداداً للتعامل مع مثل هذا الموضوع الحساس سياسياً. لافتاً: «إنها ليست مسألة سياسة. هذا اعتراض إسرائيلي مبدئي على فتح قنصلية في القدس. هناك سفارة أميركية هنا».
وتسرب في إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، أن الإدارة الأميركية ستفرض فتح القنصلية الأميركية في القدس، على الحكومة الإسرائيلية، من طرف واحد، إذا لم تكن تجاوبت مع الأمر حتى الانتهاء من إقرارها الميزانية العامة في الكنيست. وتحول الأمر إلى نقطة شائكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وحتى داخل الولايات المتحدة.
وفي أواخر الشهر الماضي، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية لأعضاء مجلس الشيوخ، إن موافقة إسرائيل ستكون مطلوبة من أجل فتح القنصلية في القدس، وذلك بعد أسبوعين من تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، نية إدارة بايدن المضي قدماً في الخطوة، «كجزء من تعميق تلك العلاقات مع الفلسطينيين».
ويشكل إصرار الولايات المتحدة على إعادة فتح القنصلية الأميركية التي تُعنى بشؤون الفلسطينيين والتي أغلقتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، دلالة أوضح على التغيير الدراماتيكي الذي أدخله بايدن على سياسة سلفه ترمب فيما يخض الملف الفلسطيني. وكانت إدارة ترمب قد أغلقت القنصلية في القدس عام 2019، بعد نقل سفارتها إلى المدينة، من تل أبيب، واعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، ودمجت القنصلية بالسفارة آنذاك.
والقنصلية الأميركية محل صراع «سياسي» و«سيادي» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكانت على مدار أكثر من عشرين عاماً، الممثلية الدبلوماسية الأميركية لدى السلطة الفلسطينية، وتعد حلقة الوصل الأقرب مع الفلسطينيين، وتُعنى بإصدار التأشيرات لهم، وتشرف كذلك على مشاريع واسعة في مختلف المجالات بما في ذلك تقديم المساعدات.
ويأمل الفلسطينيون في أن تمضي إدارة بايدن في توجهها، ويقولون إن الأمر تحول إلى تحدٍّ وإثبات وجود للإدارة الأميركية في مواجهة «أسوأ» حكومة إسرائيلية. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الوزير حسين الشيخ، إن تصريحات بنيت حول القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، تحدٍّ جديد لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي أعلنت أكثر من مرة عن قرارها فتح القنصلية في القدس الشرقية.
وقال وزير الخارجية رياض المالكي: «إنها أسوأ حكومة (حكومة بنيت) بالنسبة لنا. أسوأ من سابقاتها». وقالت وزارة الخارجية إن بنيت يتحدى بشكل سافر قرارات وسياسة الإدارة الأميركية التي أعلنت إصرارها على إعادة فتح القنصلية. وأوضحت الخارجية في بيان صحافي، اليوم (الأحد)، أن خطورة تصريحات بنيت أنها تأتي بُعيد إقرار الميزانية، «بما يعني أن مواقف الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي على محكّ الاختبار النهائي للمصداقية».
وتوجد قنصليات لكثير من الدول في القدس لإقامة علاقات مع الفلسطينيين، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا والسويد وإيطاليا وحاضرة الفاتيكان.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.