محاكمة أول «داعشية أميركية».. واعتقال اثنتين

بعد اعتقال 20 «أميركيًا داعشيًا»

كوينا توماس، اول «داعشية اميركية» تمثل امام محكمة فيدرالية « الشرق الاوسط «
كوينا توماس، اول «داعشية اميركية» تمثل امام محكمة فيدرالية « الشرق الاوسط «
TT

محاكمة أول «داعشية أميركية».. واعتقال اثنتين

كوينا توماس، اول «داعشية اميركية» تمثل امام محكمة فيدرالية « الشرق الاوسط «
كوينا توماس، اول «داعشية اميركية» تمثل امام محكمة فيدرالية « الشرق الاوسط «

بعد اعتقال، أو محاكمة، 20 مواطنا أميركيا بتهمة الانضمام إلى تنظيم داعش، أو مساعدته، أو محاولة السفر إلى الخارج للقتال معه، وفي نفس يوم بداية محاكمة أول «أميركية داعشية»، اعتقلت الشرطة الأميركية في نيويورك امرأتين بتهمة تجهيز قنبلة لتفجيرها في مناسبة رياضية، وأيضا، بتهمة التعاون مع تنظيم داعش.
أول من أمس، أعلنت لوريتا لنش، وزيرة العدل الجديدة (خلفت إيريك هولدر)، القبض في نيويورك على نويل فيلينتزاس، وآسيا صديقي، اللتين تعيشان في حي كوينز بتهم التآمر والإرهاب ومحاولة استخدام أسلحة دمار شامل.
وقالت الوزيرة: «صار واضحا، حسب الأدلة التي حصل عليها المحققون، أن المتهمتين في هذه القضية درستا بعناية كيفية صنع عبوة ناسفة لشن هجوم في البلاد يهدد أمنها».
وإن المرأتين بحثتا في مواقع في الإنترنت عن الأساليب التي استخدمت في هجمات سابقة، مثل تفجير سيارة عام 1993 في مركز التجارة العالمي (قبل 9 أعوام من تفجيره عام 2001)، ومثل هجوم عام 1995 في مدينة أوكلاهوما، حيث استخدم إرهابي أميركي قنبلة مصنوعة من أسمدة وكيماويات.
حسب الأدلة، فعلا، حصلت المرأتان على أنابيب من غاز «بروبين» (الذي يستخدم في الطبخ) واطلعتا على تعليمات من منشور إرهابي في الإنترنت عن كيفية استخدام «بروبين» لصنع متفجرات.
في نفس يوم إعلان القبض على المرأتين، ولم تقدم وزيرة العدل تفاصيل عن شخصية كل واحدة منهما، مثلت، في محكمة في فلادلفيا (ولاية بنسلفانيا)، كوينا توماس، أول «داعشية أميركية» تمثل أمام محكمة.
حسب صحيفة «فلادلفيا انكوايارار»، قدمت شرطة مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي أي) وثائق أمام المحكمة بأن توماس كتبت، في حسابها في موقع «تويتر»، أنها تحلم بأن تموت «شهيدة» لتنظيم «داعش». وجمعت تبرعات في الإنترنت لمساعدات التنظيم، واشترت تذكرة للسفر إلى تركيا، ومن هناك إلى سوريا.
عندما وقفت توماس (30 سنة) أمام القاضي، لبست حجابا أسود كاملا، من الرأس إلى القدمين، وهو نفس الحجاب الذي كانت اعتقلت به. ومعه حذاءان من النوع الذي يستعمل لتسلق الجبال.
حسب وثائق «إف بي آي»، كانت توماس تسمي نفسها في «تويتر» أسماء من نوعية: «بنت الخلافة» و«اللبؤة الشابة». وفي سلسلة تغريدات، تراسلت مع عضو قيادي في «داعش» في سوريا. وعندما سألها إذا ما تقبل السفر إلى سوريا، والاشتراك في عملية انتحارية، أجابت: «سيكون هذا شيئا مدهشا.. لا تحلم بنت بغير مثل هذا». وكانت شرطة «إف بي أي» اعتقلت توماس بعد أن تابعت تغريداتها، وتصرفاتها، لعدة شهور. اعتقلتها في منزلها، في منطقة فقيرة في شمال فلادلفيا، بعد أن اشترت تذكرة طائرة للسفر إلى خارج الولايات المتحدة. وقدمت الشرطة صورة التذكرة إلى القاضي، وفيها أنها كانت تريد السفر، يوم 29 في الشهر الماضي، من فلادلفيا إلى برشلونة. واشترت، أيضا، تأشيرة دخول إلكترونية لتركيا. وبحثت في الإنترنت عن خطوط حافلات من برشلونة إلى إسطنبول، نقطة العبور الشعبية للذين يريدون الانضمام إلى «داعش».
أمام المحكمة، قالت جانيفار أربيتير، المدعية الفيدرالية: «إذا لم تفتش الحكومة منزل المتهمة، بعد إذن من قاض، كانت المتهمة الآن في سوريا، أو في طريقها إلى سوريا».
في نهاية جلسة المحكمة، أمرت القاضية لين ستارسكي باستمرار اعتقال المتهمة حتى يوم الأربعاء، عندما تنظر القاضية في الإجراءات القانونية لطريقة سير المحاكمة. وأمرت القاضية، أيضا، بتعيين محامي حكومي للدفاع عن المتهمة.
وأمس (السبت)، في نشرة أخبار قناة تلفزيونية محلية في فلادلفيا، ظهرت صورة منزل المتهمة، وعند بابه علم أميركي يرفرف مع الهواء.
وعندما دقت الصحافية التلفزيونية الباب، خرجت امرأة، وصرخت فيها محذرة: «اذهبي من هنا. إذا لم تذهبي من هنا، سأنادي الشرطة».
بينما صارت توماس أول «داعشية أميركية»، ليست أول إرهابية أميركية.
نوجد أشهر واحدة في سجن في ولاية يوتا: «جين الجهادية». تقضي 10 سنوات سجنا بتهمة الاشتراك في مخططات إرهابية. اسمها الحقيقي هو «كولين لاروس»، وبعد أن اعتنقت الإسلام، غيرت اسمها إلى «فاطمة لاروس». لكن، تظل وسائل الإعلام، ومواقع الإعلام الاجتماعي، تسميها «جين الجهادية».
وفي الشهر الماضي، اعتقلت شرطة نيويورك 3 رجال بتهمة التخطيط للانضمام إلى تنظيم داعش.
وفي الأسبوع الماضي، أصدرت وزارة العدل تقريرا عن الحرب ضد «الإرهاب الداخلي»، جاء فيه أنه، خلال العامين الماضيين، وجهت اتهامات بالإرهاب إلى 30 مواطنا ومواطنة أميركية. منهم 20 مواطنا لمحاولة الانضمام إلى تنظيم داعش.
وبهذا، تصير توماس أول «داعشية أميركية» تقدم إلى المحاكمة. وتنضم المرأتان في نيويورك إلى قائمة «داعشيات أميركيات». ويوم الخميس الماضي، في مؤتمر صحافي، قال جيه جونسون، وزير الأمن الداخلي: «يمثل كثير من هؤلاء حالة (الذئب الوحيد/ تصرفات فردية تلقائية). يمثل كثير من هؤلاء دور وسائل الإعلام الاجتماعية والإنترنت».
يوم الجمعة، في محاكمة توماس في فلادلفيا، قدمت الشرطة فيديوهات تبرهن على دور الإعلام الاجتماعي في تجنيد توماس، وغيرها من الإرهابيين والإرهابيات. من بين هذه:
فيديو شاب متشدد يحمل بندقية، ويقول: «اسألوا أنفسكم. أحمل أنا هذا السلاح في سبيل (داعش). ماذا تفعلون أنتم؟».
وفيديو فيه جثث، وجماجم، وحرائق، وتفجيرات. وعلقت عليه توماس: «أريد إجازة أبدية، أريد شيئا واحدا (الاستشهاد)».
ومراسلات مع مجاهدين في الخارج، من بينهم: عضو في «داعش» في سوريا، وشيخ كبير في السن وإسلامي متطرف في جامايكا، في البحر الكاريبي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.