3 نساء مسلمات يقتحمن مجال الطيران في الهند

سارة حميد.. أول قائدة لطائرة تجارية

سيدة سالفا فاطيما داخل قمرة القيادة ({الشرق الأوسط})
سيدة سالفا فاطيما داخل قمرة القيادة ({الشرق الأوسط})
TT

3 نساء مسلمات يقتحمن مجال الطيران في الهند

سيدة سالفا فاطيما داخل قمرة القيادة ({الشرق الأوسط})
سيدة سالفا فاطيما داخل قمرة القيادة ({الشرق الأوسط})

مع تركز أنظار وسائل الإعلام على مريم المنصوري، أول طيارة مقاتلة في تاريخ الإمارات العربية المتحدة، نجحت 3 مسلمات في الهند من تحقيق حلمهن بالتحليق في السماء.
وقد نجحت سارة حميد (27 عاما) في أن تصبح أول قائدة لطائرة تجارية داخل الهند، وتعمل لدى شركة «سبايس جيت» للخطوط الجوية. وتتولى خلال عملها قيادة طائرة طراز «بوينغ 737» فوق مدن بون ومومباي وكوتشي وبورت بلير وأغارتالا ودلهي وغيرها، وأنجزت بالفعل قرابة 1.200 ساعة طيران.
نشأت سارة في بنغالورو بولاية كارناتاكا في جنوب غربي الهند. وتمكنت من تحطيم الصور النمطية المرتبطة بالمرأة داخل المجتمع الهندي في خضم مساعيها لتحقيق حلم طفولتها بالطيران.
وقد داعب حلم الطيران مخيلتها منذ طفولتها المبكرة، وعشقت الرياضات التي تنطوي على مغامرة مثل تسلق الجبال. ويتذكر والدها أنها عندما أخبرته برغبتها في العمل بمجال الطيران، شعر بالصدمة لأنه لم يسبق لفتاة مسلمة من الهند تولي مثل هذا العمل.
وأضاف الأب، حميد حسين أحمد، مصور محترف: «حاولت ثنيها عن هذا الأمر نظرا لأن الفتيات في مجتمعنا لا يلتحقن عادة بأعمال تبقيهن بعيدا عن المنزل وتجبرهن على المبيت في فنادق من دون مرافق»، لكنها تمسكت بحلمها.
أما والدة سارة، نسيمة أحمد، فلم يخالجها شك قط في أن ابنتها ستصبح طيارة. وأشارت إلى أن ابنتها كانت تعشق في طفولتها اللعب بالطائرات على خلاف الفتيات الأخريات اللائي فضلن اللعب بالدمى.
عام 2007، عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها، تدربت سارة لدى مدرسة «باريس إير إنك» للطيران في فيرو بيتش بفلوريدا في الولايات المتحدة، ثم عادت للهند بعد إنجازها التدريب. حاليا، أصبح قرابة 20 في المائة من الطيارين داخل الهند من النساء.
وعن ذلك، قالت سارة: «ينتابني شعور رائع لكوني قد أقررت سابقة أمام الكثير من النساء الأخريات بغض النظر عن ديانتهن. وبالنسبة للفتيات المسلمات، أشعر بالحزن لأنهن لا يشعرن بالتشجيع الكافي كي يلتحقن بالتعليم العالي أو يلتحقن بمهنة من اختيارهن. إنني محظوظة لأن والديَّ مهدا الطريق أمامي كي ألتحق بمهنة من اختياري».
تعمل سارة حاليا مساعد طيار، وتنوي السعي لأن تصبح قائد طائرة بحيث تصبح لها الكلمة النهائية في التقدير وصنع القرارات داخل الطائرة. وأضافت: «أرغب في الاستمرار في الطيران حتى التقاعد. ولا أفكر في الزواج قبل 3 سنوات أو 4 سنوات من الآن».
وبطبيعة الحال، مرت سارة خلال عملها بمواقف صعبة، فعلى سبيل المثال أشارت إلى أنها تعرضت لقدر بالغ من الكراهية جراء تنامي العداء للإسلام بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، لكنها استطردت بأنها في كل مرة تمكنت من كسب الناس لصفها عبر إبداء مزيج من روح الفكاهة واللياقة.
وأوضحت أن المخاطر التي انطوت عليها مهنتها ظهرت منذ البداية، وعن ذلك قالت: «كنت أتساءل بيني وبين نفسي: ألن تفكر القنصلية الأميركية في تشيناي مرتين قبل أن تصدر فيزا لفتاة مسلمة بعد هجمات 11 سبتمبر؟ لكن بفضل الله، لم يستغرق الأمر منهم سوى 5 دقائق. ولم يطرحوا علي أي أسئلة وخرجت من القنصلية أحمل الفيزا في يدي في غضون دقائق. وبدا الأمر وكأن كل قوى الطبيعة تتضافر خلفي لدفعي نحو تحقيق هدفي».
وأوضحت أن العائق الأساسي أمام الفتيات يكمن في أسلوب تربيتهن، لكنها أوضحت أنها لم تتعرض لأي مشاعر تحامل سلبية بسبب ديانتها.
وبينما لم تشكل التكلفة المادية للتدريب مشكلة بالنسبة لسارة، فإن حلم الطيران بالنسبة لسيدة سالفا فاطيما، ثاني مسلمة تقتم مجال الطيران في الهند، فقد بدا الطيران حلما بعيد المنال لانتمائها لأسرة متواضعة ماديا واجتماعيا، حيث يعمل والدها خبازا.
وأشارت إلى أن ولعها بالطيران بدأ عندما كانت في عامها الدراسي التاسع. وقالت: «خلال إحدى مشروعاتي المدرسية، اطلعت بالصدفة على مقال بإحدى الصحف ضم قائمة بالنساء اللائي يعملن طيارات على متن طائرات تجارية في الهند، ولم يكن بينهن مسلمة واحد. ورأيت هذا الأمر لافتا بالنظر للإنجازات التي كانت المسلمات تحققها في مجالات أخرى. وفي هذا اليوم، قررت أن أسد هذا الفراغ».
خلال فترة المراهقة، حرصت سيدة على جمع مقالات وصور تتعلق بالطائرات وحلم الطيران، لكنها كانت مدركة للحقيقة المؤلمة المتعلقة بارتفاع تكاليف التدريب بمجال الطيران بما يتجاوز قدرات أسرتها المادية.
لكنها تلقت منحة سماوية كبرى عندما تكفل رئيس تحرير صحيفة «السياسة» الصادرة باللغة الأردية، زاهد علي خان، بتكاليف تدريبها التي قاربت مليوني روبية. وقد نجحت سيدة بفضل هذا الدعم المالي في الالتحاق بأكاديمية أندهرا براديش للطيران عام 2007.
وعن هذه الفترة، قالت: «كان التدريب والامتحانات صعبة. وخلال عام، كان لزاما علينا اجتياز 4 امتحانات بالغة الصعوبة. وقد لجأ زملائي من الميسورين لدروس خصوصية في دلهي كي يتمكنوا من اجتياز هذه الامتحانات، أما أنا فلم يكن أمامي سوى الاعتماد على ذاتي تماما. وقد أخفقت بضع مرات، لكن بفضل الله تمكنت نهاية الأمر من اجتياز التدريب».
وبعد حصولها على رخصة طيار تجاري عام 2013، وجدت أن هذا غير كاف للحصول على وظيفة طيار بشركة طيران، لذا تخوض حاليا دورة تدريبية لقيادة طائرات ضخمة مثل «بوينغ 737» و«إيرباص إيه 320».
وتبدو سيدة في مظهر مثل أي مسلمة أخرى عادية من منطقتها، فهي هادئة وخجولة. كما أنها ترتدي الحجاب بوصفه جزءا من هويتها، وأكدت في هذا الصدد أنها لم تشعر يوما بأن هويتها أو خلفيتها الاجتماعية تشكل عائقا أمامها، وإنما على العكس شكلت حافزا لها.
أيضا، كانت سيدة مدركة تماما للنجاحات والإخفاقات التي تنتظرها. وقالت: «اعتاد الناس أن يسألوني: «أنت فتاة، فماذا ستجنين بعدما تصبحين طيارة؟ بعد الزواج، ستصبحين ربة منزل فحسب. لكنني لم أهتم قط بهذه التعليقات لأن أسرتي كانت تدعمني».
أيضا تضم القائمة عائشة عزيز (20 عاما) التي تتدرب بمجال الطيران. وتعتبر عائشة، المنتمية لإقليم كشمير، أصغر طالبة تحصل على رخصة تدريب بمجال الطيران من مؤسسة عريقة هي نادي مومباي للطيران. كما أنها عضو باتحاد الطيارات الهنديات.
ومثل الأخريات، بدأ عشق الطيران لدى عائشة منذ طفولتها حيث كانت تعشق مشاهدة الطائرات. وقد وقع الاختيار عليها هي وطالبتين أخريين من قبل لجنة تتبع وكالة ناسا لخوض برنامج تدريبي للطيران في الفضاء داخل الولايات المتحدة. وبالفعل، أنجزت عائشة تدريبها في أكاديمية ناسا للفضاء. وعن هذا الأمر قالت: «من المذهل الوجود داخل ناسا... إنها تجربة يتعذر وصفها بالكلمات».
وتنوي عائشة استكمال تعليمها العالي بمجال الطيران وهندسة الطيران. وقالت: «حلمي أن أقود طائرة لمكة أولا، ثم أقود طائرة لكشمير». ويعد هؤلاء الفتيات من النماذج المشرفة على صعيد تمكين المسلمات الهنديات داخل دولة حيث يتميز 38 في المائة من 67 مليون مسلمة بالقدرة على القراءة والكتابة، مقارنة بـ46 في المائة من 430 مليون سيدة غير مسلمة في الهند.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».