«المركزي» الأميركي يبدأ تقليص الدعم النقدي للاقتصاد

أعلن {الاحتياطي الفيدرالي} مساء الأربعاء خفض الدعم النقدي الذي يقدمه للاقتصاد منذ بداية أزمة «كوفيد - 19» (أ.ب)
أعلن {الاحتياطي الفيدرالي} مساء الأربعاء خفض الدعم النقدي الذي يقدمه للاقتصاد منذ بداية أزمة «كوفيد - 19» (أ.ب)
TT

«المركزي» الأميركي يبدأ تقليص الدعم النقدي للاقتصاد

أعلن {الاحتياطي الفيدرالي} مساء الأربعاء خفض الدعم النقدي الذي يقدمه للاقتصاد منذ بداية أزمة «كوفيد - 19» (أ.ب)
أعلن {الاحتياطي الفيدرالي} مساء الأربعاء خفض الدعم النقدي الذي يقدمه للاقتصاد منذ بداية أزمة «كوفيد - 19» (أ.ب)

أطلق الاحتياطي الفيدرالي، مساء الأربعاء، خفض الدعم النقدي الذي يقدمه للاقتصاد منذ بداية الأزمة، مشيراً إلى أن النشاط والتوظيف «واصلا تعززهما»، وفي مواجهة تضخم «مرتفع»... لكنه تمسك باعتقاده بأن التضخم سيكون «عابراً» ولن يحتاج على الأرجح إلى زيادة سريعة في أسعار الفائدة.
وسيبدأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إبطاء عمليات شرائه للأصول في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. وستُخفض من 120 مليار دولار شهرياً في الوقت الحالي بمقدار 15 ملياراً كل شهر إلى أن تبلغ الصفر. وسمحت عمليات ضخ السيولة هذه في النظام المالي بمنع حدوث أزمة مالية تضاف إلى الأزمة الاقتصادية المرتبطة بـ«كوفيد – 19».
وفي التفاصيل، سيشتري الاحتياطي الفيدرالي كل شهر سندات خزينة تقل قيمتها بمقدار عشرة مليارات عن الشهر السابق، ومنتجات مدعومة بقروض عقارية أقل بخمسة مليارات دولار، كما ورد في بيان صدر في ختام اجتماع لجنته للسياسة النقدية.
وسيوقف الاحتياطي الفيدرالي جميع عمليات شراء الأصول في منتصف يونيو (حزيران) 2022، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أنه مستعد لتعديل هذه السياسة «إذا بدا ذلك مبرراً بتطور الآفاق الاقتصادية».
بعبارة أخرى، إذا بقي التضخم مرتفعاً جداً، ستتسارع وتيرة خفض شراء الأصول لأن مسؤولي المؤسسة يريدون استكمال هذه الخطوة الأولى، قبل البدء في رفع معدلات الفائدة الأساسية، ما سيبطئ الطلب، وبالتالي سيبطئ ارتفاع الأسعار.
لذلك لم يكن من المستغرب أن يبقي البنك المركزي الأميركي على معدلات فائدته الأساسية بين 0 و0.25 في المائة، بعدما خفضها في مارس (آذار) 2020 عندما كان وباء «كوفيد – 19» ينتشر في الولايات المتحدة، ما تسبب في تباطؤ تاريخي.
وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في مؤتمر صحافي: «لا نعتقد أنه الوقت المناسب لرفع أسعار الفائدة، لأننا نريد أن نرى مزيداً من التعافي في سوق العمل». وأضاف: «نعتقد أننا نستطيع أن نصبر»، مؤكداً أن المؤسسة لن تتردد في رفعها إذا تطلب الوضع ذلك.
وتأثر انتعاش الاقتصاد الأميركي فعلياً بانتشار متحورة «دلتا» التي رفعت عدد الإصابات وهزت ثقة المستهلكين بالعودة إلى المطاعم أو ركوب الطائرة أو حتى الذهاب إلى السينما، مثلاً.
من جهة أخرى، ما زال النشاط يتباطأ بسبب الصعوبات التي تواجهها الإمدادات العالمية وقلة عدد المرشحين لملء الوظائف الشاغرة، ما يمنع الشركات من العمل بكامل طاقتها ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار. واعترف جيروم باول بأن «التضخم أعلى مما كان متوقعاً».
وفاجأ هذا الوضع غير المسبوق المراقبين. وقال باول إن «نقاط الاختناق أكثر استمراراً وانتشاراً» ويفترض أن تستمر «حتى العام المقبل». وأضاف: «لم نتوقع ذلك نحن أو الاقتصاديون الآخرون»... وقالت المؤسسة التي تتمتع بنفوذ كبير إن هذا يعكس «إلى حد كبير عوامل يفترض أن تكون مؤقتة».
وقال باول إنه «مع انحسار الجائحة فإن الاختناقات في سلاسل الإمداد ستتراجع ونمو الوظائف سيعاود الارتفاع... وبينما يحدث ذلك، فإن التضخم سينخفض من مستوياته المرتفعة اليوم. بالطبع التوقيت غير مؤكد إلى حد كبير».
وتسارع ارتفاع الأسعار في سبتمبر (أيلول) الماضي على مدى عام لتصل إلى 4.4 في المائة، وهي أعلى نسبة منذ 1991، لكنها ظلت مستقرة خلال شهر واحد عند 0.3 في المائة، حسب مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي.
من جهة أخرى، قال باول الذي تنتهي ولايته لأربع سنوات على رأس الاحتياطي الفيدرالي في فبراير (شباط) المقبل، إنه «أطلع مسؤولي الإدارة وأعضاء الكونغرس بالتفصيل على ما فعلناه ولماذا فعلناه». ويعود إلى البيت الأبيض أمر إعادة تعيينه في المنصب أو اختيار حاكم آخر للمؤسسة ليحل محله، قبل أن يصادق الكونغرس على التعيين. وأكد جو بايدن، الثلاثاء، أنه سيعلن قراره في «أسرع وقت ممكن».


مقالات ذات صلة

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

عائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل أعلى مستوى منذ أبريل

سجلت عائدات سندات الخزانة قفزة كبيرة يوم الأربعاء، حيث سجلت عائدات السندات القياسية لمدة عشر سنوات أعلى مستوى لها منذ أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام على الرغم من ارتفاع التضخم واحتمال فرض تعريفات جمركية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».