علاج «كوفيد ـ 19» بالأجسام المضادة الوحيدة النسيلة

خيار مهم لتقليل تأثيرات المرض الخطيرة وتوفير فرص التعافي الآمن في المنزل

علاج «كوفيد ـ 19» بالأجسام المضادة الوحيدة النسيلة
TT

علاج «كوفيد ـ 19» بالأجسام المضادة الوحيدة النسيلة

علاج «كوفيد ـ 19» بالأجسام المضادة الوحيدة النسيلة

عندما بدأ الوباء العالمي لـ«كوفيد - 19» لأول مرة، لم يكن هناك علاج محدد له. ومع ذلك، ومنذ ذلك الوقت، منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) ترخيصاً للاستخدام الطارئ لعدد من اللقاحات إلى جانب العديد من علاجات الأجساaم المضادة وحيدة أو أحادية النسيلة، كعلاج لفيروس كورونا المسبب له.

- أجسام مضادة مصنعة
وبالعودة للأشهر الثمانية الأولى من الوباء، كان هناك القليل جداً مما يمكن للأطباء فعله لأولئك الذين ثبتت إصابتهم بهذا الفيروس ولم يحتاجوا لدخول المستشفى - بخلاف اتباع نهج الانتظار والترقب، كما يوضح الدكتور هوارد جيه. هوانغ، المدير الطبي لمركز هيوستن ميثوديست لزراعة الرئة، في تقريره المنشور في موقع المركز (houstonmethodist.org) في 20 أغسطس (آب) 2021. حيث كان علاج الأعراض الشديدة والمضاعفات يدار عن طريق العلاج بالأكسجين، وتطبيق طرق أخرى.
لكن السيناريو المثالي للعلاج يتمثل في منع الأعراض الشديدة من التطور في المقام الأول. وقد أمكن منع ظهور الأعراض الشديدة لدى الأشخاص المعرضين لخطر كبير، مع العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة monoclonal antibody therapy (mAb)،. ورغم أن جسم الإنسان يصنع، بشكل طبيعي، أجساماً مضادة لمكافحة العدوى إلا أنه لا يحتوي على أجسام مضادة مصممة للتعرف على الفيروس الجديد المسبب لكوفيد - 19. وعليه، يتم تصنيع الأجسام المضادة وحيدة النسيلة، mAbs، في المختبرات لمحاربة هذه العدوى ومساعدة المرضى المعرضين لخطر كبير من الإصابة بأعراض حادة أو دخول المستشفى.
في الآونة الأخيرة، وسعت إدارة الغذاء والدواء الأميركية التطبيق المحتمل للعلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة للاستخدام الوقائي في الأشخاص المعرضين للخطر بسبب التعرض المؤكد للفيروس. واعتمد التفويض على نتائج تجربة سريرية كبيرة وجدت أن الأجسام المضادة تمنع الأعراض عند المخالطين في المنزل للأشخاص الذين ثبتت إصابتهم مؤخراً، مع التشديد على أن هذا العلاج ليس بديلاً عن التطعيم.

- لقاء وحوار
وقد أجرى محرر «صحتك» بـ«الشرق الأوسط» لقاء حاور فيه الدكتور رايموند رازونابل Raymund R. Razonable، M.D. اختصاصي الأمراض المعدية نائب الرئيس للأمراض المعدية في مايو كلينك - مينيسوتا، والمؤلف الرئيس للدراسة الرصدية الحديثة التي أجرتها مايو كلينك حول العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة، حيث تمت الإجابة على أهم الأسئلة الشائعة التي تدور حول العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة لكوفيد - 19 ودورها في تقليل المضاعفات والدخول للمستشفيات.
> ما هي الأجسام المضادة وحيدة النسيلة؟
- هي عبارة عن بروتينات مناعية مطورة مخبرياً، تلتصق بالفيروس الذي يطلق عليه علميا «كوفيد سارس 2» لمنعه من دخول الخلايا البشرية. وثبت أن هذه الأجسام المضادة وحيدة النسيلة تعمل على تحسين نتائج حالات مرضى كوفيد - 19 من خلال الحد من تفاقمها إلى مرض شديد، وتقليل نسبة دخول المستشفى.
> ما هي أنواع الأجسام المضادة وحيدة النسيلة؟
- لقد تم تطوير العديد من الأجسام المضادة وحيدة النسيلة. نذكر منها (أبجدياً وليس حسب الأفضلية): باملانيفيماب (Bamlanivimab) - كأسيريفيماب (Casirivimab) - إيتيسيفيماب (etesevimab)، إيمديفيماب (imdevimab)، وسوتروفيماب (Sotrovimab). وكل هذه الأجسام المضادة تعمل من خلال الارتباط بالبروتين الشوكي في الفيروس وتختلف فيما بينها في الموقع المحدد للالتصاق بالبروتين الشوكي.
> كيف يعمل العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة؟
- العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة (mAb)، والذي يطلق عليه أيضاً العلاج بالحقن (infusion) بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة، هي طريقة لعلاج كوفيد - 19 هدفه المساعدة في منع دخول المستشفى وتقليل الأحمال (load) الفيروسية في جسم المريض وتقليل شدة الأعراض.
يعتمد هذا النوع من العلاج على الأجسام المضادة وحيدة النسيلة، والتي تشبه تلك التي ينتجها الجسم بشكل طبيعي استجابة للعدوى. ومع ذلك، يتم إنتاج الأجسام المضادة وحيدة النسيلة بكميات كبيرة في المختبر، وهي مصممة للتعرف على مكون معين من هذا الفيروس – هو بروتين السنبلة الشائك (spike protein) الموجود على غلافه الخارجي. ومن خلال استهداف البروتين الشائك، تتداخل هذه الأجسام المضادة المحددة مع قدرة الفيروس على الالتصاق والدخول إلى الخلايا البشرية. إنها تمنح الجهاز المناعي قدماً حتى يتمكن من تكوين استجابته الخاصة.
يمكن أن يكون هذا العلاج فعالاً للغاية، لكنه ليس بديلاً عن التطعيم، ولا يزال المجتمع بحاجة إلى تكثيف التطعيم لكسر سلسلة انتقال الفيروس.

- مزيج علاجي
> أعطنا نبذة عن الدراسة الرصدية التي قمتم بها حول علاج كوفيد - 19 بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة؟
- قمنا بهذه الدراسة الرصدية في مايو كلينيك مع مجموعة من الباحثين، شارك في الدراسة حوالي 1400 مريض - 696 منهم حصلوا على مزيج عقار كاسيريفيماب وإيمديفيماب (Casirivimab plus imdevimab) - وهما علاجان بالأجسام المضادة أحادية النسيلة بموجب إذن الاستعمال الطارئ (EUA) من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية - بين ديسمبر (كانون الأول) 2020 وأوائل أبريل (نيسان) 2021، وهناك مجموعة مساوية أخرى لم تتلق المزيج. تم تقييم حالة المشاركين بعد 14 و21 و28 يوماً بعد العلاج. في كل مرحلة من المراحل المذكورة، كانت أعداد الدخول إلى المستشفى أقل بكثير في المجموعة الخاضعة للعلاج، فقد دخل المستشفى 1.3 في المائة، 1.3 في المائة، 1.6 في المائة فقط من المجموعة الخاضعة للعلاج، في مقابل 3.3 في المائة، في المائة4.2، 4.8 في المائة ممن لم يخضعوا للعلاج في الأيام الرابع عشر، الحادي والعشرين، الثامن والعشرين على التوالي. أي أنه يوجد انخفاض نسبي قدره 60 - 70 في المائة في نسبة الدخول إلى المستشفى بين المرضى الخاضعين للعلاج. وكانت معدلات التحويل إلى وحدة العناية المركزة والوفيات منخفضة بين من دخلوا المستشفى في وقت لاحق.
وأفاد باحثو مايو كلينك أن نتائج الدراسة أوضحت أن هذا المزيج من الدواءين يقي المرضى مرتفعي الخطورة من الدخول إلى المستشفى عند الإصابة المعتدلة إلى المتوسطة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، حيث يمنحهم فرصةً للتعافي دون الدخول إلى المستشفى. وبعبارة أخرى، هم يتعافون بأمان في المنزل. ونشرت تفاصيل النتائج في مجلة (eClinical Medicine) التابعة لمجلة ذا لانسيت.
وفي دراسة سابقة لمايو كلينك، نشرت نتائجها في مجلة التحقيقات السريرية (the Journal of Clinical Investigation)، تمت الإشارة إلى أن استخدام عقار باملانيفيماب وحده يقلل أيضاً الدخول إلى المستشفى لدى المرضى مرتفعي الخطورة بنسبة 40 - 60 في المائة. كما كانت معدلات الدخول إلى وحدة العناية المركزة والوفيات أقل. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية في نيسان 2021 ألغت إذن الاستعمال الطارئ بالنسبة لعقار باملانيفيماب «منفردا»، بينما تؤيد استخدام «مزيج» الأجسام المضادة وحيدة النسيلة.

- مجموعات المرضى
> من هم المؤهلون لتلقي العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة؟
- يمكن حصر المؤهلين لتلقي الأجسام المضادة وحيدة النسيلة لغرض العلاج أو الوقاية وفقاً لمعايير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، في الآتي:
- المرضى المعرضون لخطر تفاقم مرض كوفيد - 19 بشدة كبيرة.
- الأفراد المصابون بفيروس كوفيد - 19 ضمن الحالات الخفيفة إلى المتوسطة ولم يتم تنويمهم في المستشفيات بعد.
- المرضى الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً.
- الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.
- الذين يعانون من حالات طبية مثل أمراض القلب وأمراض الرئة وأمراض الكلى.
- الذين يعانون من ضعف في وظائف المناعة مثل مرضى زراعة الأعضاء، والمرضى الذين يتلقون العلاج الكيميائي، وكذلك أولئك الذين يتلقون المنشطات والعلاجات الأخرى للأمراض الالتهابية.
- الذين لم يتم تطعيمهم بشكل كامل أو تم تطعيمهم ولكنهم يعانون من نقص المناعة.
> من هم الأشخاص الذين تشملهم المخاطر العالية؟
- ذوو الأعمار 65 سنة أو أكبر.
- ذوو الوزن الزائد الذين يكون مؤشر كتلة الجسم لديهم أكثر من 25.
- الحوامل.
- المصابون بأمراض القلب والأوعية الدموية/ ارتفاع ضغط الدم، فشل كلوي مزمن، مرض الرئة المزمن.
- المصابون بمرض السكري (النوع 1 والنوع 2)، مرض فقر الدم المنجلي، اضطرابات النمو العصبي.
المصابون بضعف جهاز المناعة، أو تلقى علاجا مثبطا للمناعة، حالياً.

- معالجة مبكرة
> هل ينصح بالعلاج بالأجسام المضادة وحدية النسيلة حتى في حالة عدم الشعور بالمرض بعد؟
- لكي يكون العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة أكثر فاعلية، يجب أن يؤخذ في وقت مبكر من مسار المرض قدر الإمكان. لذلك، كلما كان ذلك أسرع كان ذلك أفضل - حتى لو لم تشعر بالمرض بعد. في المرضى المعرضين لمخاطر عالية، وتكون الأعراض لديهم أقل حدة، قد يساعد تلقي العلاج في وقت مبكر في منع تطور المرض الذي قد يتطلب العلاج في المستشفى.
> كيف يتم إعطاء العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة؟
- من الضروري ملاحظة أن هذا العلاج يحتاج إلى جرعة واحدة فقط. ويمكن إعطاؤه مرة أخرى لاحقاً إذا أصيب المريض مرة جديدة بالفيروس. ويعطى العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة من خلال الحقن الوريدي البطيء (IV infusion)، في أحد المراكز العلاجية المتخصصة، قد يستغرق الأمر حوالي ساعة، تليها ساعة أخرى من المراقبة.
ستظل الأجسام المضادة وحيدة النسيلة في الجسم لعدة أسابيع، ومن المتوقع أن تستمر لمدة 1 - 3 أشهر بحسب الجسم المضاد. نظراً لظهور متغيرات فيروسية مقاومة للعلاج، ستكون بعض الأجسام المضادة وحيدة النسيلة أقل فعالية، وبالتالي ينبغي تطوير أجسام مضادة وحيدة النسيلة بحيث تكون فعالة ضد المتغيرات الفيروسية الجديدة. وعند الاستخدام الوقائي للأجسام المضادة وحيدة النسيلة، فإنها تعطى بالحقن تحت الجلد.
> هل هناك آثار جانبية محتملة؟
- إن العلاج بالأجسام المضادة وحيدة النسيلة آمن بشكل عام، وظهور بعض الآثار الجانبية الخفيفة هو ردة فعل تحسسي لدى البعض، والتي عادةً ما تحدث فقط أثناء التسريب أو بعد ذلك بفترة وجيزة. ومن أهم العلامات الآتي:
- حمى و/ أو قشعريرة – غثيان - صداع الرأس - ضيق في التنفس– صفير - ضغط دم منخفض - انتفاخ الشفتين أو الوجه أو الحلق - آلام العضلات - حكة. في المحصلة، يقول الدكتور رازونابل: إن ما استنتجناه بشكل عام في هذه المرحلة هو أن الأجسام المضادة وحيدة النسيلة تعد خياراً مهماً في العلاج لتقليل تأثيرات فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) على المرضى مرتفعي الخطورة، لذلك عندما يصاب المرضى المعرضون لخطر كبير بسبب مجموعة من الأمراض المصاحبة، بحالة خفيفة أو متوسطة من كوفيد - 19، فإن هذا المزيج من الحقن وحيدة النسيلة يمنحهم فرصة للشفاء دون دخول المستشفى. وبالتالي أصبح بإمكانهم التعافي بأمان في المنزل.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال