زيارة نجم الراي الجزائري لأصيلة المغربية تصنع الحدث

الشاب خالد التقى بن عيسى ووهبي وأكد إعجابه بالمدينة

الشاب خالد في أصيلة يتوسط محمد بن عيسى (يمين) والوزير عبد اللطيف وهبي
الشاب خالد في أصيلة يتوسط محمد بن عيسى (يمين) والوزير عبد اللطيف وهبي
TT

زيارة نجم الراي الجزائري لأصيلة المغربية تصنع الحدث

الشاب خالد في أصيلة يتوسط محمد بن عيسى (يمين) والوزير عبد اللطيف وهبي
الشاب خالد في أصيلة يتوسط محمد بن عيسى (يمين) والوزير عبد اللطيف وهبي

صنعت الزيارة التي قام بها الشاب خالد، نجم الراي الجزائري، رفقة زوجته وأبنائه، لمدينة أصيلة المغربية، أول من أمس، الحدث، وذلك لعدة اعتبارات، من بينها أنها تزامنت مع توتر بين البلدين، وإعلان الرئاسة الجزائرية في نفس يوم زيارة الفنان الجزائري للمدينة المغربية، «تعرض 3 رعايا جزائريين لاغتيال في قصف لشاحناتهم أثناء تنقلهم بين نواكشوط (موريتانيا) وورقلة»، في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، ونسبت الهجوم، الذي وصفته بـ«الجبان»، إلى قوات مغربية بواسطة «سلاح متطور»، دون أن تحدد موقعه بالضبط.
وعلى عكس التصعيد الرسمي الجزائري والهدوء المغربي الملحوظ في التعاطي مع الموضوع، جاءت زيارة الشاب خالد لأصيلة، وما رافقها من «لقاءات ضاحكة» مع عدد من المغاربة، بينهم مسؤولون بارزون في البلد، لتنقل لمفارقة تعكس طبيعة العلاقة التي حكمت العلاقات المغربية - الجزائرية.
وعبّر الشاب خالد لعدد ممن التقاهم عن إعجابه بأصيلة التي يزورها لأول مرة، مشيداً بما تزخر به من معالم سياحية وعمرانية وحدائق وساحات وبنايات أثرية، على غرار مكتبة الأمير بندر بن سلطان، والأبواب التاريخية كباب البحر وباب القصبة وباب الحومر ومتنزه القريقية المطل على الأطلسي، فضلاً عن السور البرتغالي وبرج القمرة.
وهذه أول مرة يزور فيها الشاب خالد مدينة أصيلة رغم تردده الدائم على المغرب، وكانت الزيارة مناسبة التقى فيها في مكتبة الأمير بندر بن سلطان، محمد بن عيسى، وزير الخارجية المغربي الأسبق، ورئيس بلدية أصيلة والأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، وعبد اللطيف وهبي وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي حل بالمدينة لتقديم ورقة افتتاحية لندوة منتدى أصيلة الثانية في موضوع «أي مستقبل للديمقراطية الانتخابية؟».
ويحظى الفنانون الجزائريون بعشق لافت لدى المغاربة، حتى إن منهم مَن يقضي أغلب السنة بالمغرب من دون أن يحس بغربة أو ضيق. ومن بين الفنانين الذين يستمتع بهم المغاربة أو دأبوا على زيارة المغرب، والإقامة فيه، نجد، فضلاً عن الشاب خالد، الشابة الزهوانية، والشاب فضيل، والفنان الكوميدي عبد القادر سكتور، والشاب بلال، والشاب مامي، والشاب رضا الطلياني.
أما على المستوى الرياضي، فيكفي الحديث عن المدرب الحالي لمولودية وجدة نبيل نغيز، وعلاقة المدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة بعدد كبير من الفرق المغربية التي دربها، من قبيل الدفاع الحسني الجديدي والرجاء البيضاوي واتحاد طنجة والمغرب التطواني ومولودية وجدة، والتقدير اللافت الذي يحظى به بين مسؤولي وعشاق الكرة في المغرب. بل إن عدداً من نجوم المنتخب الجزائري الحالي كان يمكن أن يكونوا أسوداً للأطلس، والعكس صحيح، بالنظر إلى أصولهم، من جهة الأم أو الأب.
ولا يترك الشاب خالد مناسبة دون الحديث عن عشقه للمغرب، قيادة وشعباً، وهو عشق ظل يترجمه خلال أكثر حفلاته بالمغرب، برفع العلمين المغربي والجزائري، تأكيداً لأواصر الأخوة التي من المفترض أن تجمع بلدين شقيقين.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس، تقديراً منه للفن ورجالاته وتأكيداً منه على دور الفن في التقريب بين الشعوب، قد منحه الجنسية المغربية.
وتزامنت زيارة الفنان الجزائري لأصيلة مع تنظيم الندوة الثانية من برنامج جامعة المعتمد في دورتها الـ35، ضمن برنامج الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الـ42، وهي الندوة التي نسق فعالياتها لويس أمادو، وزير الدولة وزير الخارجية البرتغالي الأسبق، وتميزت بكلمات كل من بن عيسى، وميغيل أنخيل موراتينوس، الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات، ووزير الخارجية والتعاون الإسباني السابق، ولويس غونزاليس بوصادا وزير الخارجية البيروفي السابق، ومصطفى حجازي المختص في الاستراتيجية السياسية والمستشار السياسي السابق لدى رئاسة الجمهورية المصرية، ومحمد نبيل بنعبد الله الوزير السابق والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي (المعارض)، وإدريس الكراوي رئيس الجامعة المفتوحة للداخلة بالمغرب.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».