خسائر لبنان بملايين الدولارات نتيجة الأزمة مع دول الخليج

قطاعا الصناعة والزراعة أبرز المتضررين

لبنانيون يرفعون في بيروت يوم 30 أكتوبر أعلام السعودية والإمارات ومصر تضامناً مع الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج رداً على التصريحات المسيئة لوزير الإعلام اللبناني (أ.ب)
لبنانيون يرفعون في بيروت يوم 30 أكتوبر أعلام السعودية والإمارات ومصر تضامناً مع الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج رداً على التصريحات المسيئة لوزير الإعلام اللبناني (أ.ب)
TT

خسائر لبنان بملايين الدولارات نتيجة الأزمة مع دول الخليج

لبنانيون يرفعون في بيروت يوم 30 أكتوبر أعلام السعودية والإمارات ومصر تضامناً مع الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج رداً على التصريحات المسيئة لوزير الإعلام اللبناني (أ.ب)
لبنانيون يرفعون في بيروت يوم 30 أكتوبر أعلام السعودية والإمارات ومصر تضامناً مع الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج رداً على التصريحات المسيئة لوزير الإعلام اللبناني (أ.ب)

يستنفر القيمون على القطاعات الأساسية في لبنان للضغط على القوى السياسية اللبنانية باتجاه حل الأزمة مع دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. فخسائر لبنان تقدر بمئات ملايين الدولارات نتيجة قرار الرياض وقف حركة الاستيراد والتصدير مع بيروت، ما يترك تداعيات كبيرة على الاقتصاد اللبناني المتهالك أصلاً.
وبحسب الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، بلغ حجم صادرات لبنان إلى العالم 3.8 مليار دولار أميركي في عام 2020، لافتاً إلى أنه ما دام القرار الحالي يطال وقف الصادرات اللبنانية إلى المملكة العربية السعودية، فذلك يعني خسارة بقيمة 220 مليون دولار أميركي. ويوضح عجاقة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الخسارة تطال خصوصاً القطاع الزراعي بـ92 مليون دولار أميركي، والقطاع الصناعي بـ97 مليار دولار أميركي، وقطاع الأدوية بـ10 ملايين دولار أميركي»، مشيراً إلى أن «هذه الأرقام مرشحة إلى الارتفاع إذا ما تم توسيع رقعة العقوبات». ويعتبر عجاقة أن «المشكلة الأساسية هي في عدم إمكانية إيجاد أسواق بديلة لتصدير الصناعات والزراعات اللبنانية، باعتبار أن هذه المنتجات لا تستوفي مثلاً شروط الاتحاد الأوروبي رغم الاتفاقيات الموقعة معه».
ويُعتبر القطاع الصناعي من أبرز القطاعات التي ستضرر بعد النهضة التي شهدها في العامين الماضيين نتيجة تعثر عملية استيراد المنتجات من الخارج، بسبب شح الدولار، ما أدى إلى إنشاء عدد كبير من المصانع اللبنانية لتغطية النقص بالمنتجات المستوردة. ويقول خبراء اقتصاديون إنه نتيجة الأزمة المستجدة ستتوقف المملكة عن مد لبنان بجزء من المواد الأولية الأساسية لعدد من الصناعات ما سيؤدي لضرر كبير، باعتبار أن المصانع غير قادرة على استيراد هذه المواد من بلدان أخرى بأسعار معقولة نتيجة ارتفاع تكاليف الشحن.
وكان القطاع السياحي المحرك الأساسي في السنوات الماضية للاقتصاد اللبناني الذي يعتمد بشكل كبير على السائح الخليجي، إلا أنه ومنذ عام 2015، ومع منع الدول الخليجية رعاياها من زيارة لبنان لأسباب شتى أبرزها لأسباب أمنية، تم توجيه ضربة قاضية للقطاع، بحيث إنه، وفق ما يقول عجاقة، «كان السائح السعودي يتصدر الإنفاق على السياحة في لبنان بنسبة 16 في المائة من إنفاق السياح ككل».
أما بما يخص القطاع الزراعي، تفيد المعلومات بأن حركة الاستيراد من لبنان باتجاه المملكة متوقفة بالكامل منذ مايو (أيار) الماضي، علماً بأن الرياض كانت تحتل المرتبة الأولى من حيث استيراد الزراعات اللبنانية. ويصدّر لبنان ما نسبته 73 في المائة من حجم صادراته الزراعية إلى الخليج، أي بمعدل 450 إلى 500 ألف طن سنوياً، ويذهب نصف هذه الصادرات إلى السعودية بمعدل 175 ألف طن، بحسب الرئيس السابق لمجلس إدارة ومدير عام «مؤسسة تشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال)» نبيل عيتاني. من جهته، نبّه رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك من «أننا ذاهبون نحو الخراب، بعد القرار السعودي بوقف الواردات اللبنانية». وأشار في حديث تلفزيوني إلى أنه «لا أسواق جديدة للإنتاج الزراعي، لا سيما الحمضيات»، مؤكداً أن الكميات ستطرح بالأسواق اللبناني «فلا خيار لدينا لكن الأسعار ستنهار».
بدورها، رفعت الهيئات الاقتصادية الصوت، منبهةً بعد لقائها البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى حجم الخسائر الاقتصادية والصناعية تحديداً، كما الأضرار الإنسانية الناجمة عن القطيعة السعودية للبنان. وقال رئيس الهيئات محمد شقير لـ«الشرق الأوسط»: «منذ 9 سنوات ونحن نحذر مما يقترفونه بحق الاقتصاد اللبناني، باعتبار أنه لم يبقَ قطاع إلا وتضرر»، لافتاً إلى أننا «تخطينا اليوم مرحلة الخطر، خاصة أن القسم الأكبر من اقتصادنا قائم على دول الخليج». ونبّه شقير من أن «استمرار الأزمة الحالية مع دول الخليج من شأنه أن يوجه ضربة قاضية لقطاع الصناعة كونه سيؤدي لفقدان عشرات الآلاف وظائفهم وهجرة المزيد من المصانع إلى الخارج».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.