(تحليل إخباري) إثيوبيا: واشنطن تخشى تكرار اجتياح 1991 لأديس أبابا

TT

(تحليل إخباري) إثيوبيا: واشنطن تخشى تكرار اجتياح 1991 لأديس أبابا

عادت الأزمة الإثيوبية وصراع الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إلى الواجهة، وصعدت إلى سطح المشهدين الإقليمي والدولي، بعد فترة هدوء كسرتها القوات الحكومية بهجمات جوية على عاصمة الشمال ميكلي - معقل جبهة تيغراي - بالتزامن مع حملة عسكرية كبرى لإخراج قوات الجبهة من شمال وجنوب مقاطعة «وولو» بإقليم أمهرة المجاور الذي كانت الجبهة الشعبية تتوغل فيه لأشهر. لكن، وبشكل مفاجئ ارتدت وضعية المبادرة العسكرية على مسرح العمليات من القوات الحكومية إلى المتمردين، الذين تحرروا من وضعية التوهان في متاهة التوغل بإقليم أمهرة، لتقوم جبهة تيغراي بتحقيق كسب كبير باجتياحها عاصمة مقاطعة ولو مدينة «ديسي»، وهو النصر العسكري الأكبر لتيغراي في حصيلة معاركها في إقليم أمهرة؛ بسبب الموقع الجغرافي المتميز والاستراتيجي للمدينة التي يتمكن المتحكم فيها من السيطرة على وضعية تمكنه من التقدم شرقاً إلى تخوم الحدود مع جيبوتي، وغرباً إلى «غوندر» عاصمة أمهرة، وبالضرورة شمالاً بالصعود إلى «ميكلي» حاضرة تيغراي.
وضعت السيطرة على «ديسي» قوات جبهة تحرير تيغراي على الطريق السريعة المؤدية إلى العاصمة أديس أبابا، وبعد التقدم إلى منطقة «كومناشو» صار التهديد حال العبور شرقاً يطال الطريق الرابطة بين أديس أبابا وجيبوتي، والذي يعد الشريان الحيوي لأديس أبابا، وعلى الأرجح أن حال قطع تلك الطريق أن تتقدم القوات المهاجمة إلى مدن «ميتلي» أو «باتي». وحال الوصول للطريق القارية الرابطة مع جيبوتي تكون العاصمة الإثيوبية قد انعزلت بإغلاق المسار القادم من «مغلي كوبو» نزولاً إلى ديسي وميرسي جنوباً، بل ويمكن اعتبار الطريق الواصلة إلى العاصمة أديس أبابا عبر إقليم أمهرة من «غوندر» و«أديس زمان» غرباً، و«رتا ديبر تابور»، «ديبر زبيت ميرسي» إلى «ديسي» قد أصبحت خارج نطاق سيطرة الحكومة، بما يهدد بقطع خطوط الإمداد،
وسد الرئة التي تتنفس بها الحكومة المركزية، ولا يمكن لها أن تعود للتنفس إلا عبر طريق سريعة تمتد عبر بحر دار عاصمة أمهرة هبوطاً بغرب وجنوب أمهرة، بعيداً عن خط سير التقدم التيغراوي، إلى «ديبرا مارقوس وديبرا لايبون» ثم أديس أبابا العاصمة، أو بالاعتماد على الطريق القادمة من جنوب إثيوبيا صعوداً من الحدود مع كينيا، عند نقطة «موالي»، ثم «ميجا وشاشمني وصولاً ديبرازت وأديس أبابا».
وتشير التطورات العسكرية المتسارعة على المسرح الإثيوبي، بجلاء إلى اقتراب ساعة الحسم بين الأطراف المتصارعة، ويرجح تفعيل التحالف بين جبهة تحرير تيغراي وجبهة تحرير أرومو المنشقة عن حركة تحرير أرومو، مع احتمال التحاق مجموعات وقوى أخرى بالتحالف، وهي الفرضية التي تثير مخاوف بعض الدوائر الغربية، من احتمالات تقدم قوات المتمردين إلى العاصمة أديس أبابا، وإعادة إنتاج نسخة اجتياح 1991، التي أطاحت نظام العقيد منغستو هايلي مريم، ووضعت جبهة تحرير تيغراي في الحكم. وقد كانت الولايات المتحدة الأميركية تعارض هذا الاجتياح وقتها، وكانت ترعى مفاوضات الساعات الأخيرة بين قادة جبهة تحرير تيغراي وحكومة العقيد منغستو، لكن أديس أبابا سقطت وواشنطن تقود تلك المفاوضات.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.