عادت الأزمة الإثيوبية وصراع الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إلى الواجهة، وصعدت إلى سطح المشهدين الإقليمي والدولي، بعد فترة هدوء كسرتها القوات الحكومية بهجمات جوية على عاصمة الشمال ميكلي - معقل جبهة تيغراي - بالتزامن مع حملة عسكرية كبرى لإخراج قوات الجبهة من شمال وجنوب مقاطعة «وولو» بإقليم أمهرة المجاور الذي كانت الجبهة الشعبية تتوغل فيه لأشهر. لكن، وبشكل مفاجئ ارتدت وضعية المبادرة العسكرية على مسرح العمليات من القوات الحكومية إلى المتمردين، الذين تحرروا من وضعية التوهان في متاهة التوغل بإقليم أمهرة، لتقوم جبهة تيغراي بتحقيق كسب كبير باجتياحها عاصمة مقاطعة ولو مدينة «ديسي»، وهو النصر العسكري الأكبر لتيغراي في حصيلة معاركها في إقليم أمهرة؛ بسبب الموقع الجغرافي المتميز والاستراتيجي للمدينة التي يتمكن المتحكم فيها من السيطرة على وضعية تمكنه من التقدم شرقاً إلى تخوم الحدود مع جيبوتي، وغرباً إلى «غوندر» عاصمة أمهرة، وبالضرورة شمالاً بالصعود إلى «ميكلي» حاضرة تيغراي.
وضعت السيطرة على «ديسي» قوات جبهة تحرير تيغراي على الطريق السريعة المؤدية إلى العاصمة أديس أبابا، وبعد التقدم إلى منطقة «كومناشو» صار التهديد حال العبور شرقاً يطال الطريق الرابطة بين أديس أبابا وجيبوتي، والذي يعد الشريان الحيوي لأديس أبابا، وعلى الأرجح أن حال قطع تلك الطريق أن تتقدم القوات المهاجمة إلى مدن «ميتلي» أو «باتي». وحال الوصول للطريق القارية الرابطة مع جيبوتي تكون العاصمة الإثيوبية قد انعزلت بإغلاق المسار القادم من «مغلي كوبو» نزولاً إلى ديسي وميرسي جنوباً، بل ويمكن اعتبار الطريق الواصلة إلى العاصمة أديس أبابا عبر إقليم أمهرة من «غوندر» و«أديس زمان» غرباً، و«رتا ديبر تابور»، «ديبر زبيت ميرسي» إلى «ديسي» قد أصبحت خارج نطاق سيطرة الحكومة، بما يهدد بقطع خطوط الإمداد،
وسد الرئة التي تتنفس بها الحكومة المركزية، ولا يمكن لها أن تعود للتنفس إلا عبر طريق سريعة تمتد عبر بحر دار عاصمة أمهرة هبوطاً بغرب وجنوب أمهرة، بعيداً عن خط سير التقدم التيغراوي، إلى «ديبرا مارقوس وديبرا لايبون» ثم أديس أبابا العاصمة، أو بالاعتماد على الطريق القادمة من جنوب إثيوبيا صعوداً من الحدود مع كينيا، عند نقطة «موالي»، ثم «ميجا وشاشمني وصولاً ديبرازت وأديس أبابا».
وتشير التطورات العسكرية المتسارعة على المسرح الإثيوبي، بجلاء إلى اقتراب ساعة الحسم بين الأطراف المتصارعة، ويرجح تفعيل التحالف بين جبهة تحرير تيغراي وجبهة تحرير أرومو المنشقة عن حركة تحرير أرومو، مع احتمال التحاق مجموعات وقوى أخرى بالتحالف، وهي الفرضية التي تثير مخاوف بعض الدوائر الغربية، من احتمالات تقدم قوات المتمردين إلى العاصمة أديس أبابا، وإعادة إنتاج نسخة اجتياح 1991، التي أطاحت نظام العقيد منغستو هايلي مريم، ووضعت جبهة تحرير تيغراي في الحكم. وقد كانت الولايات المتحدة الأميركية تعارض هذا الاجتياح وقتها، وكانت ترعى مفاوضات الساعات الأخيرة بين قادة جبهة تحرير تيغراي وحكومة العقيد منغستو، لكن أديس أبابا سقطت وواشنطن تقود تلك المفاوضات.
(تحليل إخباري) إثيوبيا: واشنطن تخشى تكرار اجتياح 1991 لأديس أبابا
(تحليل إخباري) إثيوبيا: واشنطن تخشى تكرار اجتياح 1991 لأديس أبابا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة