أوباما يواجه معضلة في إقناع الكونغرس بالاتفاق مع إيران

الجمهوريون يصرون على قرار يحتم مراجعة مجلس الشيوخ الصفقة النهائية

صورة ضوئية لصحيفتي {نيويورك تايمز} و{لوس أنجليس تايمز} بشأن تغطية الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية
صورة ضوئية لصحيفتي {نيويورك تايمز} و{لوس أنجليس تايمز} بشأن تغطية الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية
TT

أوباما يواجه معضلة في إقناع الكونغرس بالاتفاق مع إيران

صورة ضوئية لصحيفتي {نيويورك تايمز} و{لوس أنجليس تايمز} بشأن تغطية الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية
صورة ضوئية لصحيفتي {نيويورك تايمز} و{لوس أنجليس تايمز} بشأن تغطية الجولة الأخيرة من المفاوضات النووية

توالت ردود الفعل حول الخطوط العريضة للاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى، الذي أعلن التوصل إليه في لوزان السويسرية، أول من أمس، ما بين انتقادات من الحزب الجمهوري، ومحاولة تفاؤل من الحزب الديمقراطي، لكن اتفق الحزبان على رغبتهما القوية في أن يلعب الكونغرس دورا أكبر في مناقشة تفاصيل الصفقة النهائية التي من المرتقب التوصل إليها 30 يونيو (حزيران) المقبل.
وسارع عدد كبير من الجمهوريين للإعلان عن اعتراضاتهم حول الصفقة، كما أبدى كبار الديمقراطيين في الكونغرس عدة تساؤلات وانتقادات للصفقة.
وتركزت أغلب الانتقادات على النقاط في الاتفاق الخاصة بوضع قيود زمنية على إيران في مجال تخصيب اليورانيوم لمدة 10 سنوات، وفرض قيود على مخزونات اليورانيوم لمدة 15 عاما، وبقاء منشاة فوردو للتخصيب مفتوحة، إضافة إلى الاعتراضات على السماح لإيران بتشغيل الآلاف من أجهزة الطرد المركزية، وأن تفكيك بعض المعدات النووية أو المنشآت النووية الإيرانية هو توقيف مؤقت، وليس بشكل دائم. وخلال الأيام المقبلة، من المتوقع أن تسعى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لحشد الاتفاق والدعم بين أعضاء الكونغرس لصالح تأييد الصفقة التي تم التوصل إليها مع إيران. وتعهد أوباما في خطابه، أول من أمس، أن يعطي للكونغرس إحاطة شاملة حول تفاصيل الاتفاق الإطاري. وتحذر الإدارة من خطورة أن يقوم الكونغرس الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري، بخطوات تقوض الجهود أو تعرقل التقدم المحرز. وهدد أوباما باستخدام حق الفيتو ضد أي تشريع بفرض عقوبات جديدة ضد إيران. لكن يبدو أن اعتراضات أعضاء الكونغرس وانتقاداتهم لبعض نصوص الاتفاق ستتزايد خلال الأيام المقبلة خاصة حول الأطر الزمنية وتدابير التفتيش والتحقق من التزام إيران بتعهداتها.
وأعلن الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ أنهم سيمضون قدما في شن تشريع يعطي للكونغرس حق الموافقة على أي اتفاق نهائي يتم التوصل إليه بين إيران والقوى الست الكبرى في يونيو (حزيران) المقبل. وكثيرا ما لوح الجمهوريون في الكونغرس الأميركي بفرض عقوبات جديدة صارمة ضد إيران للضغط عليها للتخلي عن برنامجها النووي وطموحاتها لتصنيع قنبلة نووية، لكن يبدو أن الاتجاه العام في الكونغرس يسير نحو تمرير تشريعات تعطي للكونغرس حق الموافقة على أي اتفاق نهائي يتم التوصل إليه. ووصف جون بوينر، رئيس مجلس النواب الأميركي، الصفقة بأنها «إنذار بالخطر من الأهداف الأولية للبيت الأبيض»، مطالبا بأن يصر الكونغرس على ضرورة مراجعة تفاصيل أي اتفاق بشكل كامل قبل أن يتم رفع أي عقوبات عن إيران. وقال بوينر: «سيكون من السذاجة الاعتقاد أن إيران لن يستمر في تطوير برنامجه النووي، وأن رفع العقوبات عن إيران سيؤدي إلى زيادة زعزعة استقرار المنطقة».
وتعامل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بحذر في العليق على الصفقة دون أن يقبلها أو يرفضها بشكل صريح، مطالبا بالحصول على مزيد من التفاصيل. وقال: «تبعات صفقة سيئة مع إيران لا يمكن تصورها لأمننا الوطني وللمنطقة ككل وحلفائنا، ونحن ببساطة لا يمكن أن نعتمد على تصريح الرئيس بأن الخيار بين هذه الصفقة أو الحرب».
ووصف السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، وهو أحد المرشحين الجمهوريين لسباق الرئاسة، الصفقة بأنها مقلقة للغاية. وقال: «البيت الأبيض فشل في كبح جماح إيران في منطقة الشرق الأوسط وهذه الصفقة هي محاولة لإظهار الفشل الدبلوماسي على أنه نجاح، وهو أحدث مثال على نهج هذه الإدارة في التعامل بهزل مع إيران».
وبدوره، طالب السيناتور الجمهوري تيد كروز، الذي أعلن ترشحه رسميا لخوض سباق الرئاسة، بأن يناقش الكونغرس كافة تفاصيل الاتفاق. وقال: «الخطوة الأولى لأي اتفاق سواء كان جيدا أو سيئا هو تقديمه إلى الكونغرس، وأن يقرر الكونغرس والشعب الأميركي ما إذا كان الاتفاق في صالح الأمن القومي للولايات المتحدة».
أما السيناتور الجمهوري توم كوتن، الذي ساند وروج لرسالة التحذير التي وقعها الجمهوريون لإيران، وحذروا فيها من إمكانية إلغاء أي اتفاق مع مجيء رئيس أميركي جديد، فقد وصف الاتفاق بأنه خطير جدا. واعتبر كوتن أنه يقدم تنازلات في الوقت التي تمضي فيه إيران على طريق صنع قنبلة نووية. وقال: «الشيء الوحيد الذي حققته هذه الصفقة هو المضي بعيدا بدلا من فرض عقوبات جديدة وإبرام صفقة أكثر صرامة».
وبدا القلق أيضا داخل الحزب الديمقراطي الذي تمسك عدد كبير من أعضائه بضرورة موافقة الكونغرس على أي صفقة نهائية مع إيران. وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ هاري ريد: «الآن هو الوقت المناسب للنظر بتمعن وأخذ نفس عميق لدراسة التفاصيل وإعطاء أهمية كبيرة للأمر». وأضاف: «علينا أن نظل يقظين دائما على الهدف، وهو منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وليس هناك شك أن الحل الدبلوماسي هو أفضل البدائل».
ودعا بوب مننديز السيناتور الجمهوري البارز والمعارض للاتفاق مع إيران إلى دور للكونغرس في الصفقة، وقال: «لقد تفاوض الدبلوماسيون لمدة عامين حول هذه الصفقة، ومن حق الكونغرس فترة لمراجعة اتفاق من شأنه أن يحدث تغييرا جوهريا في علاقاتنا مع إيران». وامتنع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري بوب كروكر عن التعليق على الاتفاق مع إيران، مشيرا إلى أنه ملتزم بخططه لإجراء تصويت في لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس في الرابع عشر من أبريل (نيسان) الحالي (بعد عودة الكونغرس من إجازة الربيع) على مشروع قرار يمنح الكونغرس سلطة مراجعة الصفقة قبل أن تصبح نافذة.
وقال كروكر: «هناك تأييد كبير من الحزبين لضرورة أن يقوم الكونغرس بمراجعة الاتفاق النووي، وأنا واثق أن التصويت سيكون لصالح قانون لمراجعة الاتفاق النووي الإيراني عندما تعقد لجنة العلاقات الخارجية جلسة للتصويت عليه في الرابع عشر من أبريل».
وأضاف كروكر: «يجب أن نظل يقظين بشأن استمرار مقاومة إيران لتقديم تنازلات، ولإيران تاريخ طويل من الأنشطة السرية المتعلقة بالأسلحة النووية ودعم الإرهاب ولها دور حاليا في زعزعة استقرار المنطقة. ويجب أن يكون هناك فرص لتقييم الصفقة وضمان أنها ستقضي على خطر البرنامج النووي الإيراني».
وحذر كروكر من تجاوز الكونغرس وأخذ الصفقة مع إيران مباشرة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي (كما تخطط الإدارة الأميركية). وأشار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، النائب الجمهوري إد رويس، إلى أن لديه العديد من الأسئلة حول الكيفية التي سيتم بها تنفيذ الصفقة، موضحا أن هذا هو السبب في المطالبة بأن يكون للكونغرس القول الفصل في الموافقة على الاتفاق.
وأبدى رويس قلقه من عدة نقاط في الصفقة، وقال: «ما قدر البحوث والتطوير المسموح لإيران إجراؤها على أجهزة الطرد المركزي المتقدمة فهذا سؤال جوهري في مدى قدرتها على تحقيق تقدم في برنامجها النووي». وتابع: «ما توصيف الانتهاكات والكيفية التي يمكن بها وصف أن هناك انتهاكا قد تم من جانب إيران؟»، مطالبا بألا يكون هناك أي قدر من التسامح مع «محاولات الغش» من جانب إيران وضرورة تمكين المفتشين الدوليين من القيام بالتفتيش في أي وقت وفي أي مكان.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.