«كان ياما كان»... سرد بصري لحكايات من جنوب مصر

معرض فني يضم 25 لوحة لعمر عبد الظاهر

الفنان عمر عبد الظاهر (الشرق الأوسط)
الفنان عمر عبد الظاهر (الشرق الأوسط)
TT

«كان ياما كان»... سرد بصري لحكايات من جنوب مصر

الفنان عمر عبد الظاهر (الشرق الأوسط)
الفنان عمر عبد الظاهر (الشرق الأوسط)

في أرض الجنوب يجد المنبع الأصيل لصياغاته التشكيلية الروائية، وفي باطن الحياة الشعبية يجد المناخ الملائم لمزاجه الفني، وفي لفحة الشمس الأسوانية وسطوح التلال المحيطة بشريط الوادي الأخضر يعثر على صحو ألوانه، وتوهجها، فتأتي لوحات الفنان عمر عبد الظاهر مُحملة بالنبض اليومي للحياة المصرية.
لا ينشغل عبد الظاهر كثيراً بتجسيد شخوصه من الداخل، فربما يرى أن تلك هي مهمة المتلقي الذي يترك له تفسير المكنونات والمشاعر العميقة لهم كيفما يشاء، وبما يتوافق مع رؤاه وأحاسيسه، فنادراً ما تجده مهموماً بتأمل الناس من داخلهم وكشف أسرارهم، إذ ينصب اهتمامه الأكبر على التعبير عنهم في تجمعاتهم ونشاطاتهم وممارساتهم لطقوسهم في حياتهم اليومية ومناسباتهم المختلفة، ما يصبغ أعماله بأصالة حقيقية يستمدها من بيئته، وهو أسلوب فني يتبعه الكثير من الفنانين حول العالم الذين يتخذون من مجتمعاتهم مادة خصبة وملهمة لإبداعاتهم التي تعكس ديناميكية الحياة وتنوع دراماتها ولحظاتها.
وفي معرضه الجديد المستمر حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) بغاليري «سفر خان» بعنوان «كان ياما كان»، يواصل الفنان القادم من قرية صغيرة بأسوان حكي مشاهد من الحياة الريفية في جنوب مصر، وتقديم صور للبيئة الشعبية المحلية وعاداتها وتقاليدها، مثل الخبيز ورقص الخيل، والعمل في الحقل والمحراث، ونعيش أجواءً تفصيلية لمناسبات مختلفة مثل «ليلة الحنة» و«ليلة الدخلة» و«الصباحية»، كما يصوغ الفنان كذلك نسيجاً روائياً تصويرياً محكماً يمتزج فيه تراث البيئة بحاضرها مثل صيد الأسماك وحركة الصيادين وملابسهم وتعاونهم، وكذلك جني التمر، فنستعيد معه عبر لوحاته مشهد «طالع النخل» وهو يتسلق الشجرة بقدمين ثابتتين حافيتين تتعلقان بجذعها بقفزة رشيقة، معلقاً عينيه في أعلى نقطة يراها ليصل إلى البلح - طعام الفقير وحلوى الغني وزاد المسافر والمغترب، كما وصفه أمير الشعراء أحمد شوقي - بينما يجمع الأطفال والشباب ما تساقط منه، وعلى جانبي الطريق وبطوله تجلس السيدات على الأرض يقمن بدورهن في العمل.
وحين ننتقل إلى أعمال أخرى نكتشف أنه حتى حين يقدم الفنان بعض شخوصه بشكل فردي في بعض اللوحات، فإنما تمثل في النهاية روح الجماعة وملامح هوية المجتمع مثل إحساس المرأة بالوحدة في غرفتها أو شاعرية الرجل في الريف. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»، «أهتم كثيراً بالقرية المصرية، خصوصاً في الجنوب، حيث ولدت ونشأت، ورغم إقامتي الآن في القاهرة إلا أن معظم أعمالي عن مسقط رأسي، حيث الذكريات القديمة التي عشتها». ويتابع: «لذا اخترت عنوان (كان ياما كان) لمعرضي، فهو إلى حد كبير يعتمد على الذاكرة ويمثل سرداً بصرياً لأشياء وشخوص لا أنساها، حتى أن بعض اللوحات هي لمناظر ومواقف عشتها منذ أكثر من ثلاثين سنة».
والجنوب بالنسبة لأي فنان، وفق عبد الظاهر، يعد «مخزوناً كبيراً ونبعاً لا ينضب مليء بتفاصيل الحياة اليومية، التي يمكن التعبير عنها بصياغات وأساليب فنية مختلفة، فما بالنا حين يكون الفنان ابن الجنوب؟ إنه محظوظ للغاية لأنه يستطيع تجسيد كل هذه التفاصيل حتى فيما يتعلق بداخل البيوت والغرف المغلقة، وهو شيء مهم للغاية يصعب على أي فنان آخر تناوله بسبب صرامة العادات والتقاليد التي لا تسمح بدخول غرباء للمنازل، ولذلك لم يستطع على سبيل المثال الفنان الكبير بيكار حين تناول بيوت النوبة سوى عرضها من الخارج على عكس فناني النوبة أو الفنانات السيدات مثل المبدعة تحية حليم».
يبلغ عدد الأعمال في المعرض 25 لوحة تكتسب جانباً أساسياً من تميز طابعها من تحررها من المحاكاة التعبيرية والأكاديمية على السواء، فهو رغم احتفائه بالواقع إلا أنه لا يقدم استنساخاً له، إذ تنتمي أعماله إلى التعبيرية الاجتماعية، كما أن الفنان الحاصل على الدكتوراه في فلسفة الفن من كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان عام 2006، يتخلص من كل القيود والقواعد المتعالية، وساعد على ذلك بلا شك، انتماؤه إلى المكان، ويبدو في خطوطه وألوانه كما لو أنه فنان فطري من فرط قوة إحساسه بالبيئة، وبلون الطمي، وبملمس الجدران الرطبة وبملامح الوجوه السمراء التي جسدها ببساطة متناهية من دون استعراض لأي مهارات أسلوبية تشوبها المبالغة.
ولم تفلح كذلك الحياة الشعبية التي يجسدها وما تخللها من مشاهد فلكلورية في توريطه في حفنة من الزخارف أو العناصر أو ضجيج الألوان غير المرغوب فيها، فجاءت أعماله هادئة في إطار من الوقار اللوني، وحتى حين كرر اللون الأحمر ومنحه مساحات لافتة في لوحاته فقد جاء ذلك في نغمات رصينة غير صاخبة.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.