السياحة السعودية: آليات تحفيزية جديدة لأطراف صناعة السياحة المحلية

وزيرة السياحة المكسيكية من ملتقى السفر تؤكد أن المملكة تملك جميع المقومات لقطاع قوي

جانب من فعاليات معرض ملتقى السفر والاستثمار السياحي 2015 الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار ({الشرق الأوسط})
جانب من فعاليات معرض ملتقى السفر والاستثمار السياحي 2015 الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار ({الشرق الأوسط})
TT

السياحة السعودية: آليات تحفيزية جديدة لأطراف صناعة السياحة المحلية

جانب من فعاليات معرض ملتقى السفر والاستثمار السياحي 2015 الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار ({الشرق الأوسط})
جانب من فعاليات معرض ملتقى السفر والاستثمار السياحي 2015 الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار ({الشرق الأوسط})

أنهت العاصمة الرياض أمس الجمعة، عددا من المواضيع المتعلقة بتأسيس وإدارة الفنادق، وكيفية تسويق المنشآت السياحية، وتنمية مهارات مؤسسات تنظيم الرحلات السياحية، وإدارة وتطوير هويات الوجهات السياحية التي تضمنتها فعاليات معرض ملتقى السفر والاستثمار السياحي 2015 الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار بمشاركة مجالس التنمية السياحية والشركات والمعاهد العاملة في صناعة السياحة والفندقة والطيران وإدارة المدن الترفيهية، وبمشاركة عدد رجال الأعمال والمهتمين في السفر والسياحة في السعودية.
تأتي تلك التحركات، في الوقت الذي شهدت فيه السنوات الأخيرة صدور عدد من القرارات المهمة من الدولة لدعم قطاع السياحة والتراث الوطني، توجت بالموافقة على مشروع العناية بالتراث الحضاري، ودعم السياحة ماليا وإداريا، وصدور نظام السياحة، ونظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، إضافة إلى قراري الموافقة على برنامج إقراض المشروعات الفندقية والسياحية، والموافقة على شركات التنمية السياحية وغيرها من القرارات والأنظمة الرامية لإحداث نقلة نوعية وجذرية بارزة وغير مسبوقة في تطوير مسارات السياحة الوطنية.
من جهته، أكد لـ«الشرق الأوسط» حمد آل الشيخ نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار لشؤون التسويق والبرامج، أن هذا الملتقى أصبح من أهم قنوات التواصل بين أطراف صناعة السياحة في السعودية في الوقت الذي حقق الملتقى إلى حد كبير في عرض أبرز ملامح النظام الجديد للسياحة الذي سيبدأ التطبيق الفعلي له بعد شهرين من الآن، ووضعه بين أيادي أهل الاختصاص والمستثمرين ليكون بمثابة خارطة أو مرجع للعملية التطويرية لهذا القطاع.
وشدد آل الشيخ، على ضرورة وضع الخطط والاستراتيجيات الملائمة وعرضها بالتالي على أطراف صناعة السياحة وبالتالي الخروج بعدد من التوصيات والمسارات التنظيمية التي تخدم القطاع بشكل مباشر، مبينا أن اعتماد 3 جمعيات متخصصة بالسياحة والتي اعتمدتها الهيئة مؤخرا من شأنه خلق صناعة حقيقية وقوية وتكون حلقة وصل بين جميع أطراف صناعة السياحة في البلاد.
وقال: «أكد المشاركون في ملتقى السفر على أهمية النظر في إنشاء لجنة وطنية للفعاليات والمهرجانات كنواة أولية لتأسيس جمعية تنظيم الفعاليات لوضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لتطوير المجال»، مؤكدا أن تنمية قطاع الفعاليات ذات أهمية بالغة بالنسبة لهيئة السياحة، لافتا إلى أن تأسيس جمعية تنظيم الفعاليات ضرورة لتوفير غطاء تنظيمي لأكثر من ألف منظمة أو جمعية.
ويتضمن مسار «تطوير السياحة والاستثمار بالمملكة» تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة لتطوير القطاع السياحي ليصبح قطاعا اقتصاديا حيويا يزخر بمنتجات وخدمات ووجهات ونشاطات وفعاليات ذات جودة وقيمة عالية تحظى برضا السياح مما يساهم في تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات وزيادة مصادر الدخل وتوفير فرص العمل للمواطنين، إضافة إلى تطوير البيئة النظامية والاستثمارية التي تحفز نمو وتنويع استثمارات جديدة تلبي متطلبات وتطلعات السياح.
وصادف الملتقى وجود وزيرة السياحة المكسيكية السابقة التي أكدت بدورها أن السعودية تتمتع بثقافة أصيلة ومقومات أثرية وطبيعية متنوعة، مشيرة إلى أن الطرق البحرية في البحر الأحمر والخليج العربي والصحاري وجهات سياحية تتطلب تضافر جهود القطاعين العام والخاص لتطويرها وتهيئتها لاستقبال سياح المنطقة.
وأكدت جلوريا جيوفارا خلال ورشة عمل حول «تطوير الوجهات السياحية لتنمية اقتصادية واجتماعية (تجربة المكسيك)» أقيمت ضمن فعاليات معرض ملتقى السفر أن حجم قطاع السياحة اليوم يقدر بنحو 7 تريليونات دولار، بما في ذلك حركة أكثر من مليار سائح سنويا في جميع أنحاء العالم، وأن 2014 سجل نحو 277 مليون وظيفة، كقطاع يمثل 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويمثل وظيفة من إجمالي 11 وظيفة في جميع أنحاء العالم.
واستعرضت جيوفارا تجربة بلادها في تطوير مدينة كانكون كوجهة سياحية، وذلك بتحالف الحكومة مع القطاع الخاص، مشددة على أن دور القطاع الخاص أساس في بناء وتأهيل الوجهات السياحية، مشيرة إلى أنه في 2008 تأثرت صناعة السياحة في المكسيك بسبب الأزمة المالية العالمية والتي اعتبرت الأسوأ من نوعها، من هنا قررت الحكومة بعد مداولات تأهيل كانكون سياحيا بالتعاون مع القطاع الخاص والذي حصل بدوره على قروض تمويل من البنوك، وقد تم الاستعانة بمنظمي الرحلات السياحية، ودراسة السوق للتعرف على الفئة المستهدفة، وتأهيل بعض المعالم فضلا عن تدريب الشركاء، وإطلاق حملات إعلانية.
وأوضحت وزيرة السياحة المكسيكية أن كانكون الآن غدت إحدى أهم الوجهات السياحية في العالم، وهي تستقبل نحو 140 مليون سائح من مختلف أنحاء العالم، وتتناقل أخبار الوجهة السياحية نحو 8 ملايين موقع في شبكة الإنترنت.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.