عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> عبد الله ربيعة سعيد ربيعة، سفير مملكة البحرين المعين لدى جمهورية السودان، استقبلته أول من أمس، الأمين العام ل‍مجلس التعليم العالي نائب رئيس مجلس أمناء مجلس التعليم العالي الشيخة رنا بنت عيسى بن دعيج آل خليفة، في مكتبها، وخلال اللقاء هنأت الشيخة رنا السفير بالثقة الملكية السامية بتعيينه سفيراً للمملكة لدى السودان، متمنية له التوفيق في أداء مهامه في تطوير وتنمية العلاقات الأخوية بين البلدين في شتى المجالات، لما فيه خير وصالح شعبيهما الشقيقين.
> لويس دوما، سفير كندا لدى مصر، استقبله أول من أمس، الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري، والقائم بعمل وزير الصحة والسكان، بديوان عام وزارة الصحة والسكان، لبحث سبل التعاون في القطاع الصحي. وتوجه الوزير بالشكر للسفير لدعم الحكومة المصرية بشحنات من لقاحات فيروس كورونا من إنتاج شركة «موديرنا» التي تقدر بإجمالي 784 ألفاً و280 جرعة، مؤكداً أنه بوصول تلك الشحنة استطاعت مصر توفير جميع أنواع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في العالم.
> جانغ كيونغ ووك، سفير كوريا الجنوبية في بغداد، استقبله أول من أمس، وزير المالية العراقي علي عبد الأمير علاوي، لاستعراض أوجه التعاون المشترك، والتأكيد على تعزيز جانب الشراكة في المجالات الاقتصادية والتجارية وفتح آفاق جديدة للشراكة بين الشعبين الصديقين. واستعرض الوزير ما حققته وزارته من إصلاحات جوهرية ورفع مؤشرات النشاط التجاري في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة وأزمة جائحة «كورونا». فيما أشاد السفير بالأداء المتصاعد للاقتصاد العراقي، مبدياً توجه بلاده نحو رفع مستويات التعاون مع العراق.
> محمد الشناوي، سفير مصر لدى المجر، زار أول من أمس، مصنع دوناكاسي الذي يتم فيه إنتاج عربات قطار السكة الحديد، في إطار متابعة تنفيذ عقد توريد 1300 عربة قطار لصالح هيئة سكك حديد مصر بواسطة التحالف المجري الروسي، وكان في استقبال السفير نائب مدير شركة ترانسماش هولدنج، الممثلة للتحالف، ومدير المصنع، فضلاً عن عدد من المسؤولين المجريين والروس بالشركة، الذين قاموا باصطحاب السفير في جولة تفقدية لخط الإنتاج الخاص بالعربات المكيفة التي يجري تصنيعها لمصر حالياً.
> هاري فيروي، سفير هولندا في عمّان، استقبله أول من أمس، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردني اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، في مكتبه بالقيادة العامة. وبحث الطرفان خلال اللقاء أوجه التعاون والتنسيق المشترك، وسبل تعزيز علاقات التعاون الثنائي بما يخدم مصلحة القوات المسلحة في البلدين الصديقين.
> فهد عبيد محمد التفاق، سفير دولة الإمارات في أبوجا، التقى أول من أمس، بوزير خارجية جمهورية نيجيريا الاتحادية جيفري أونياما، بديوان عام وزارة الخارجية بالعاصمة أبوجا. وجرى خلال اللقاء بحث مجمل العلاقات الثنائية الوطيدة، كما ناقش الجانبان التحضيرات الجارية لانعقاد اللجنة المشتركة بين البلدين الصديقين، والمقرر انعقادها في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، والتي تعد فرصة مهمة لتعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات كافة، وتبادل الخبرات ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم الموقعة بينهما.
> دونيكا بوتي، سّفيرة كندا في عمّان، استقبلتها أول من أمس، وزيرة الدّولة للشؤون القانونيّة بالأردن وفاء بني مصطفى، في مكتبها بدار رئاسة الوزراء، وتناول اللّقاء التأكيد على عُمق العلاقات التاريخيّة التي تربط البلدين الصّديقين في مختلف المجالات، والمستوى المتميّز من التعاون القائم بينهما، والحرص المشترك على تطويره وتعزيزه. وبحث الجانبان أوجه تعزيز علاقات التعاون والشّراكة بين البلدين في العديد من المجالات، وآليّات إدامة التنسيق والتواصل بما يحقق المصالح المشتركة.
> فابيو كاسيزي، سفير إيطاليا لدى المملكة الأردنية، التقى أول من أمس، بوزير الأشغال العامة والإسكان الأردني يحيى الكسبي، لبحث سبل تعزيز التعاون في مجال الإنشاءات والمقاولات والإسكان. وأكد الوزير خلال اللقاء استعداد الوزارة لتبادل الخبرات بين البلدين الصديقين في المجالات كافة، مستعرضاً المشاريع التي أنشأتها الوزارة، ونسب الإنجاز في المشاريع قيد التنفيذ. من جهته، أشاد السفير بالمشاريع التي نفذتها الوزارة، معرباً عن استعداد بلاده لتعزيز آفاق التعاون بين البلدين في مجالات الإسكان والإنشاء والمقاولات.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)