اتهامات يمنية للحوثيين بالوقوف خلف زعزعة الأمن في عدن

الميليشيا أكبر المستفيدين من استهداف المناطق المحررة

نيران تشتعل داخل سيارة انفجرت بمديرية التواهي في عدن (رويترز)
نيران تشتعل داخل سيارة انفجرت بمديرية التواهي في عدن (رويترز)
TT

اتهامات يمنية للحوثيين بالوقوف خلف زعزعة الأمن في عدن

نيران تشتعل داخل سيارة انفجرت بمديرية التواهي في عدن (رويترز)
نيران تشتعل داخل سيارة انفجرت بمديرية التواهي في عدن (رويترز)

على وقع التفجيرات والحوادث المتكررة في مدينة عدن اليمنية وغيرها من المناطق اتهم سياسيون يمنيون الميليشيات الحوثية بالوقوف خلف زعزعة الأمن في المدن والمحافظات المحررة، باعتبار أن الميليشيات الحوثية هي صاحبة المصلحة الأولى في إرباك الوضع الأمني وتصوير هذه المناطق على أنها غير مستقرة مقارنة مع المناطق الخاضعة للانقلاب.
وكانت مدينة عدن شهدت السبت الماضي تفجيرا بالقرب من إحدى بوابات مطارها ما نجم عنه مقتل وجرح 21 شخصاً على الأقل، وإحداث دمار واسع في المنطقة المحيطة ببؤرة الانفجار الذي رجحت السلطات الأمنية أنه تم بسيارة مفخخة.
وقبل هذا التفجير، كان محافظ عدن أحمد لملس ووزير الزراعة والثروة السمكية في الحكومة الشرعية سالم السقطري نجيا من تفجير آخر بسيارة مفخخة استهدفت موكبهما وهي العملية التي قتل خلالها خمسة أشخاص من مرافقي وحراس المحافظ.
- مصلحة حوثية
وفي هذا السياق، يؤكد الأكاديمي والمحلل السياسي اليمني فارس البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا مصلحة من إرباك المشهد في المناطق المحررة وعدن وإقلاق الأمن سوى للحوثيين، ذلك أن تشظي الشرعية واختلافاتها وانهيار الخدمات هو غاية ما يريده الحوثي، لأن كل ذلك يمنحه مدة بقاء أطول، فيكون بمنأى عن الهزيمة والضغط العسكري لتشتت القوى المناوئة له، ويستفيد من الصورة المنهارة في المناطق المحررة لصالحه، اقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً وحتى أمام المجتمع الدولي، وينعكس الأمر شعبيا لصالحه».
ويضيف البيل بالقول: «كما أن توحد القوى المناوئة للحوثي يعني توجههم جميعاً لقتاله وإخراجه من المشهد اليمني، لذلك يقتات الحوثي على أخطاء الشرعية وأطرافها، ويستمد قوته من ضعفها وانشغالها، وتزيد قدراته من غيابها، وتمتد سطوته وعبثه بفعل خفوتها وصراعاتها الوهمية، ولذلك وجدنا محاولات الحوثي في إفشال أي مشهد للتوحد والقوة في عدن وأشهرها قصف مطار عدن والاستهداف المباشر للحكومة في 30 ديسمبر (كانون الأول) 2020، ومثلها من قبل في قصفه قاعدة العند والتجمعات العسكرية».
ويعتقد الأكاديمي اليمني فارس البيل أنه «ليس خافياً هذا الإفشال المتعمد وبكل السبل الوحشية من الحوثي لأي فرصة تجمع القوة المضادة له».
ويتابع بالقول: «لكن ما ينبغي ليس مجرد إدراك هذا الأمر، إنما على الشرعية والجبهة المناوئة للحوثي أن تترجم هذا الأمر بشكل واقعي، فما دام الحوثي يخشى هذا التوحد، فهو البوابة الأساسية لهزيمته، وهو ما يستدعي من كل أطراف الشرعية الترفع عن خلافاتها وغاياتها الآنية والذاتية، والانتقال دون تلكؤ إلى جبهة واحدة بقرار واحد تحت لافتة واحدة لمواجهة الخطر الأكبر والعدو الأوحد للجميع وهو ميليشيا الحوثي، إذ من غير المنطقي أن تختلف هذه الأطراف على قضايا مستقبلية بينما يقف الحوثي بالأساس عائقاً أمام المستقبل».
ويحذر البيل الأطراف اليمنية المؤيدة للشرعية من «أن تبحث عن مصالح آنية بينما يذهب الحوثي بكل البلاد بالأساس إلى العدمية والاستحواذ الشامل». ويقول: «ما لم تتجه كل هذه الأطراف إلى إعادة ترتيب أولوياتها وهزيمة الحوثي أولاً واستعادة الدولة، فإن الحوثي سيلتهم الجميع بغاياتهم وأطماعهم باختلافاتهم وأمانيهم، وإذا لم يُدرك ذلك الآن فلن يترك الحوثي لأحد مساحة فيما بعد حتى لمجرد التمني».
- تخادم حوثي مع «القاعدة»
من جهته، يعتقد الإعلامي والمحلل السياسي اليمني محمود الطاهر بوجود ما وصفه بـ«التخادم» بين الحوثيين و«القاعدة»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك، أصبح الحوثيون ينفذون عمليات إرهابية بحق أبناء اليمن، كلما أتيحت لهم الفرصة، ويتشجعون على ارتكاب المزيد منها، عندما لا يجدون موقفا رادعا من قبل الحكومة اليمنية، إضافة لصمت المجتمع الدولي».
ويضيف: «هناك تخادم بين الحوثيين وتنظيم (القاعدة) وتبادل أدوار، لا سيما بعد إفراج الحوثيين وبشكل متقطع عن عناصر من التنظيم ومن تنظيم (داعش)، سواء من خلال ما سمته الجماعة تبادل الأسرى مع التنظيمين أو من خلال الإفراج بمناسبة عيد الميليشيات بذكرى اجتياح صنعاء».
ويرى الطاهر أن «تلك الخطوة متفق عليها، لقتال الجماعة والتنظيمين جميعاً ضد الدولة والمناطق المحررة وأبناء الشعب اليمني»، وأن «تلك الهجمات تنفذ بكل دقة على مسؤولين وقوات حكومية واستهداف مدنيين في المناطق المحررة».
ويتابع: «الأهم في ذلك أن بصمات تنظيمي (القاعدة) و(داعش) والحوثي، أصبحت معروفة، فإذا نفذت القاعدة عملية إرهابية أو (داعش)، يتم الاعتراف بها، بينما العمليات الإرهابية التي ينفذها الحوثيون لا يعلن عنها أحد من التنظيمات، لكن يستغلها الحوثيون بطريقتهم للتأثير على الرأي المحلي والدولي».
ويجزم محمود الطاهر بأن «العملية التي استهدفت محافظ عدن أحمد حامد لملس، والسيارة المفخخة التي انفجرت السبت الماضي بالقرب من مطار عدن، تحملان بصمات الحوثيين»، وأن «هذه العمليات الإرهابية تمهيد لحملة إعلامية حوثية قادمة، قد تستهدف المناطق المحررة كلها، نتيجة الصمت الدولي على أفعال الجماعة، ونشاط الدبلوماسية اليمنية المستجدي للسلام من جماعة إرهابية».
وينتقد الطاهر أداء الحكومة الشرعية ويقول: «الحوثيون يرتكبون العمليات الإرهابية بشكل متواصل، ويكون رد الحكومة اليمنية هو الإدانة فقط وهذا ما شجع الحوثيين أكثر، إذ لم نجد خطوطا حمراء وضعتها الحكومة اليمنية للحوثيين أو تحركات على الأرض لإنقاذ شعبها».
ويطالب الإعلامي اليمني محمود الطاهر الحكومة الشرعية «بتحمل مسؤوليتها تجاه شعبها، وإنقاذه من الصلف الحوثي، بكل الخيارات»، معتقداً أن الخيارات أمامها «لا تزال متاحة».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.