رئيس الحكومة اللبنانية: نحن أمام منزلق... ومسار الأزمة يتخطى استقالة قرداحي

قال إن وزير الإعلام لم يتجاوب مع مناشدته لتغليب حسه الوطني

TT

رئيس الحكومة اللبنانية: نحن أمام منزلق... ومسار الأزمة يتخطى استقالة قرداحي

أقر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بأن لبنان «أمام منزلق كبير إذا لم نتداركه سنكون وقعنا فيما لا يريده أحد منا»، وذلك في رسالة منه إلى الوزراء عبر المجموعة الخاصة بهم في تطبيق «واتس آب»، كاشفاً أنه ناشد وزير الإعلام جورج قرداحي بأن يغلب حسه الوطني على أي أمر آخر لكن مناشدته لم تترجم واقعياً» وخاتماً إياها بالقول: «اللهم اشهد أنني قد بلغت…».
واعتراف ميقاتي بهذا المأزق بات يطرح أسئلة كثيرة أهمها، هل تكفي استقالة قرداحي لحل المشكلة المتفاقمة أم أن الأمور باتت في مكان آخر لا سيما مع إعلان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بشكل واضح «أن ما يحصل بين السعودية ولبنان ليس بأزمة دبلوماسية، مؤكداً أن «التعامل مع حكومة لبنان الحالية غير مثمر وغير مفيد في ظل استمرار هيمنة حزب الله على المشهد السياسي؟».
وانطلاقاً من هذا الموقف ومسار الأمور في أزمة تصريحات قرداحي وطريقة تعامل لبنان والسلطات الشرعية معها، باتت هناك قناعة لدى الجميع بأن هذه الاستقالة لا تكفي للتصحيح، بل إن الأمر قد يتطلب استقالة الحكومة بأكملها أو على الأقل تغيير النهج مع سيطرة حزب الله على القرار. وهذا ما يجمع عليه كل من سفير لبنان السابق لدى واشنطن رياض طبارة ومدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر.
ويقول طبارة لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أن الأزمة ليست نتيجة تصريحات قرداحي إنما هي تراكمية تنطلق من سياسة لبنان ونهج السلطة مروراً بالكبتاغون المهرب إلى المملكة ومن ثم سيطرة حزب الله على هذه الحكومة وقرارها وبالتالي فإن استقالة قرداحي لن تكون إلا باباً للحل». من هنا يضيف «المطلوب اليوم حل العقد تدريجيا من آخرها أي باستقالة أو إقالة قرداحي تمهيداً لفتح باب الحل وصولاً إلى العقدة الأهم والأكبر وهي سيطرة حزب الله، وذلك عبر تغيير نهج الحكومة التي إن لم يطلب استقالتها على الأقل لا بد من اعتمادها سياسة مختلفة تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية ومن ثم تشكيل حكومة جديدة».
ويرى طبارة أن طريقة تعامل لبنان ومسؤوليه مع تصريحات قرداحي فاقمت الأزمة، موضحاً «وزير الإعلام ومرجعيته السياسية لم يعترفا حتى بالخطأ ولم يعتذرا بل على العكس عادا وأكدا أنه عبر عن رأيه الشخصي رافضين كذلك تقديم استقالته، كذلك فإن رئيس الجمهورية ميشال عون، الواقع بين ناري تحالفه مع حزب الله وموقعه كرئيس دولة، لم يصدر أي موقف حاسم في هذا الإطار».
ولا يختلف رأي مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «التصحيح يبدأ على الأقل باستقالة قرداحي التي باتت في يد حزب الله ووضعها على الطاولة الإقليمية»، مذكراً بأن وزير الخارجية السعودي كان واضحاً في تحميله المسؤولية لحزب الله، وبالتالي فإن استقالة قرداحي، إذا حصلت قد تكون باباً لإعادة النظر فيما وصلت إليه الأزمة.
وفيما يعتبر نادر أن المطلوب من إيران اليوم خفض التصعيد ولا سيما في اليمن، يرى أن على السلطات اللبنانية أن تصدر موقفاً حاسماً ورافضاً على الأقل تجاه ما حصل والتأكيد على رسالة لبنان وانتمائه العربي وليس اللجوء إلى وسطاء بل الذهاب مباشرة إلى صاحب العلاقة أي الرياض.
وعما إذا كان المطلوب اليوم استقالة الحكومة التي باتت تعتبر حكومة حزب الله، يقول نادر: «لا حكومة أفضل من أي حكومة في ظل الواقع الحالي، ومجلس الوزراء الجديد خير دليل على ذلك بحيث أظهر أنه أسوأ من حكومة تصريف الأعمال السابقة وفاقم الأزمات على مختلف الصعد الداخلية والخارجية».
وعن الموقف من حزب الله الذي لطالما اعتبر المشكلة الأساسية في لبنان، يقول نادر: «على الأقل السلطة الشرعية في لبنان يمكنها أن ترفض أو تعتكف أو حتى تستقيل، مضيفاً «إما عليها اتخاذ موقف مبدئي وإما الانتقال إلى المعارضة إذا لم تكن قادرة على فعل شيء، وإلا تكون راضية أو يعني أنها تؤمن غطاءً لما يحصل».
وفي سياق الأزمة نفسها، قال الوزير السابق ريشار قيومجيان، إن الأزمة اليوم أبعد من موقف لوزير وليست وليدة اللحظة بل كانت هناك تحذيرات آخرها غداة ضبط رمان الكبتاغون ولم تتخذ الدولة الإجراءات الكافية لوقف عمليات التهريب، مضيفاً في حديث تلفزيوني «الموضوع الأساسي تحويل لبنان إلى قاعدة لتدريب الحوثيين ومنصة إعلامية لهم والوجود المباشر لحزب الله في اليمن عبر مدربين وخبراء، مؤكداً «لا يستطيع الحزب أن يستمر بممارساته».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.