مقتل 70 طالبًا على الأقل في هجوم لحركة الشباب على جامعة كينية

اعتقال أحد العناصر المسلحة ومقتل 4 إرهابيين

قوات الأمن الكينية في محيط جامعة غاريسا شمال شرقي كينيا بعد إحكام الحصار عليها إثر هجوم حركة الشباب أمس على الجامعة (أ.ب)
قوات الأمن الكينية في محيط جامعة غاريسا شمال شرقي كينيا بعد إحكام الحصار عليها إثر هجوم حركة الشباب أمس على الجامعة (أ.ب)
TT

مقتل 70 طالبًا على الأقل في هجوم لحركة الشباب على جامعة كينية

قوات الأمن الكينية في محيط جامعة غاريسا شمال شرقي كينيا بعد إحكام الحصار عليها إثر هجوم حركة الشباب أمس على الجامعة (أ.ب)
قوات الأمن الكينية في محيط جامعة غاريسا شمال شرقي كينيا بعد إحكام الحصار عليها إثر هجوم حركة الشباب أمس على الجامعة (أ.ب)

أعلن وزير الداخلية الكيني أن 70 طالبا على الأقل قتلوا، أمس، عندما هاجم مسلحو حركة الشباب الإسلامية جامعة غاريسا شمال شرقي كينيا، في أسوأ هجوم تشهده البلاد منذ تفجير السفارة الأميركية في نيروبي 1998.
وصرح وزير الداخلية، جوزيف نكاسيري، للصحافيين «نحن نمشط المنطقة»، مضيفا أن 4 مسلحين قتلوا بعد أن شنت القوات الكينية هجوما على المبنى الأخير الذي تحصن داخله المسلحون لأكثر من 12 ساعة. وأضاف: «للأسف فقدنا عددا من الأشخاص، ولم نتأكد تماما، ولكن العدد هو 70 طالبا تقريبا، كما أصيب 79 آخرين، إصابة 9 منهم خطيرة».
وقال نكاسيري للصحافيين في غاريسا إن نحو 500 من بين 815 طالبا بات مصيرهم معروفا بينما قتل 4 من مقاتلي حركة الشباب وإن 90 في المائة من الخطر قد زال. غير أنه حذر من أن: «العملية مستمرة وأن أي شيء يمكن أن يحدث». وبدأ مسلحون مقنعون هجومهم قبل فجر أمس، واستخدموا القنابل لتفجير بوابات الجامعة الواقعة في بلدة غاريسا الشمالية الشرقية القريبة من الحدود مع الصومال، وهاجموا الطلاب أثناء نومهم».
وأضاف الوزير أنه «تم القضاء على 90 في المائة من تهديد الإرهابيين.. ونستطيع أن نؤكد مقتل 4 إرهابيين»، مضيفا أن القوات الأمنية تقوم بتفتيش حرم الجامعة نظرا لأن عدد المسلحين غير معروف، مؤكدا أن العملية الرئيسية انتهت. وأضاف: «نحن نمشط المنطقة، وسنكشف عن آخر حصيلة للضحايا»، مشيرا إلى أنه تم فرض حظر على التجول من الفجر حتى المغرب على كثير من مناطق شمال وشرق كينيا». وأعلنت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن الهجوم. وكانت الحركة أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على مركز «ويست غيت» للتسوق في نيروبي في سبتمبر (أيلول) 2013، عندما قام 4 مسلحين بقتل 67 شخصا على الأقل في مجزرة استمرت 4 أيام وشهدت كينيا سلسلة من الهجمات بالقنابل والرشاشات ألقيت مسؤولية معظمها على المتعاطفين مع حركة الشباب. واستهدفت الهجمات في بعض الأحيان أهدافا للشرطة منذ دخول الجيش الكيني إلى جنوب الصومال في 2011 للهجوم على قواعد المسلحين.
وقال متحدث باسم الشباب إن المهاجمين أفرجوا عن المسلمين واحتجزوا غير المسلمين رهائن.
وتحدث وزير الخارجية الكيني جوزيف نكاسيري بعد الظهر عن مقتل 15 شخصا موضحا أن أحد المهاجمين أوقف. وأشار الصليب الأحمر الكيني إلى سقوط 65 جريحا أصيب معظمهم بالرصاص.
ومن جانبه، قال وزير الداخلية الكيني، جوزيف نكاسيري، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إنه تم اعتقال أحد العناصر المسلحة بالجامعة. وكان الصليب الأحمر الكيني قد أعلن في وقت سابق، أمس، أن عددا غير معروف من الطلاب احتجزوا كرهائن داخل جامعة غاريسا في شرق كينيا على بعد نحو 150 كيلومترا من الحدود الصومالية عقب هجوم عليها وقع، فجر أمس، من قبل مسلحين. وكان المعتدون الذين لم يعرف عددهم شنوا الهجوم على الحرم الجامعي قرابة الساعة 5.30 (2.30 بتوقيت غرينتش)، وفتحوا النار على حارسين عند مدخل الجامعة ثم أطلقوا النار عشوائيا قبل الدخول إلى المبنى السكني الجامعي الذي يقيم فيه مئات الطلاب. وسمع دوي انفجار أيضا. وقال متحدث باسم المجموعة الإسلامية، شيخ علي محمد راج، في اتصال هاتفي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «كينيا في حالة حرب مع الصومال. رجالنا لا يزالون في الداخل ومهمتهم هي قتل كل الذين هم ضد الشباب». وأضاف: «عندما وصل رجالنا أفرجوا عن المسلمين وما زلنا نعتقل الآخرين رهائن».
وتقع غاريسا على بعد 150 كلم من الحدود مع الصومال حيث تقاتل قوة كينية الشباب منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2011.
وأشار الصليب الأحمر إلى «عدد غير محدد من الطلاب رهائن» في الحرم الجامعي. وأضاف المصدر نفسه أنه «أفرج عن 50 طالبا» من دون تحديد ظروف ذلك، في حين كانت قوات الأمن تسعى ظهرا إلى إخراج المهاجمين من المبنى بعد 8 ساعات على بدء الهجوم. ولم يعرف على الفور عدد الطلاب أو الأساتذة المحتجزين. وقال وزير الداخلية، دون تفاصيل، إن 280 من أصل 815 طالبا مسجلين وأفراد الطاقم التعليمي الستين «تبين أنهم موجودون» خارج الجامعة، مشيرا إلى أن السلطات تحاول معرفة أماكن وجود الآخرين. وذكر الصليب الأحمر أن 5 من الجرحى «في حالة حرجة» ونقلوا جوا إلى نيروبي على بعد نحو 350 كلم، ودعا إلى التبرع بالدم. وقال قائد الشرطة الكينية جوزيف بوانيه في بيان: «اقتحم المهاجمون جامعة غاريسا بإطلاق النار على الحراس عند مدخل المبنى عند قرابة الساعة 5.30»، ثم «فتحوا النار عشوئيا داخل الحرم الجامعي» قبل الدخول إلى مبنى سكن الطلاب. وقال الصليب الأحمر إن «المبنى الذي استولى عليه المهاجمون هو سكن الطلاب». وقال جافيت موالا، وهو طالب، نجح في الفرار من حرم الجامعة: «كنا نائمين عندما سمعنا دوي انفجار قوي تلاه إطلاق نار، وبدأ الجميع يهربون». وأضاف: «لكن كثيرين لم يتمكنوا من مغادرة المبنى الذي كان المهاجمون يتقدمون باتجاهه وهم يطلقون النار».
وذكر طلاب أن شائعات عن هجوم قريب على الجامعة سرت خلال الأسبوع. وقال أحدهم نيكولا موتوكو: «لم يأخذ أحد ذلك على محمل الجد»، بينما قالت طالبة تدعى كاترين إنها اعتقدت أنها كذبة الأول من أبريل.
وأكدت وزارة الداخلية الكينية على «تويتر» أنه «تم إخلاء 3 أرباع المبنى»، دون مزيد من التفاصيل. وأضاف: «تحصن المهاجمون في أحد المباني والعمليات مستمرة» لاستعادة السيطرة على الحرم الجامعي. وفرض طوق أمني حول المنطقة المحيطة بالحرم الجامعي الذي يضم 20 مبنى ويقع على بعد كيلومتر من وسط مدينة غاريسا ولم يسمح للإعلام بالاقتراب.
وضاعف الإسلاميون الصوماليون في حركة الشباب الاعتداءات على الأراضي الكينية منذ 2011 ووصلوا إلى نيروبي ومومباسا الميناء الرئيسي في شرق أفريقيا.
وأعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عن الهجوم في سبتمبر 2013 على مركز ويست غايت في نيروبي الذي أوقع 67 قتيلا وسلسلة هجمات دامية على بلدة على الساحل الكيني في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) 2014 تم خلالها إعدام 96 شخصا على الأقل بدم بارد.
والمناطق الكينية الواقعة على طول الحدود مع الصومال على 700 كلم، خصوصا مانديرا ووجير (شمال شرق) وغاريسا، غالبا ما تتعرض لهجمات.
وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أعدمت حركة الشباب 28 راكبا كانوا في حافلة معظمهم أساتذة، قرب مانديرا، أوصت نقابات الأطباء وأطباء الأسنان والأساتذة العاملين في هذه المجالات مغادرة المناطق الحدودية مع الصومال طالما أن السلطات الكينية عاجزة عن ضمان أمنهم.
وفي فبراير (شباط) يظاهر 200 أستاذ يعملون في شمال شرقي كينيا، في نيروبي للمطالبة بنقل مراكز عملهم بعد أن «صدموا» بالهجمات المتكررة. وقال أحدهم «لا نعرف أبدا متى سيشنون (الشباب) هجوما».
وأول من أمس، أكد الرئيس الكيني أوهورو كيناتا، أن «كينيا بلد آمن كأي بلد آخر في العالم»، بعد أن وجهت لندن تحذيرات جديدة لرعاياها تتعلق بالأمن في كينيا. وقتل 200 شخص على الأقل وأصيب عدد مماثل بجروح في كينيا في 2014 في هجمات أعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عنها أو نسبت إليها، وفق حصيلة لوكالة الصحافة الفرنسية.



كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
TT

كيف يهدد سقوط الأسد استراتيجية روسيا في أفريقيا؟

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)
بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

قال تقرير لوكالة «بلومبرغ» للأنباء إن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا يُهدد قاعدة «حميميم» الجوية، التي اعتمدت عليها روسيا لفرض نفوذها في مختلف أنحاء أفريقيا.

وبحسب التقرير، تستخدم موسكو القاعدة لإرسال أفراد وإمدادات عسكرية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وكل هذه الدول شهدت انقلابات مؤخراً، وقطعت علاقاتها مع الغرب، في حين تقترب من موسكو التي مكّنها هذا الجسر الجوي من إعادة بناء بعض نفوذها الذي اكتسبته في حقبة الحرب الباردة في القارة، خصوصاً في أماكن، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان.

وسمحت قاعدتا «حميميم» الجوية و«طرطوس» البحرية، اللتان تستقبلان الوقود والإمدادات الروسية بتنفيذ توسع رخيص وفعال لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في أفريقيا، والآن قد تحتاج الشبكة التي تدعم عمليات روسيا في القارة، والتي تملأ الفراغ الذي خلفته القوات الغربية المغادرة، إلى إصلاح شامل.

استقبال جندي روسي لبشار الأسد خلال زيارته قاعدة «حميميم» العسكرية في اللاذقية 27 يونيو 2017 (أ.ف.ب)

قال أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مركز أبحاث مقره ليبيا: «من دون جسر جوي موثوق، تنهار قدرة روسيا على فرض قوتها في أفريقيا، والاستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر الأبيض المتوسط ​​وأفريقيا مُعلقة بخيط رفيع».

وقال القماطي إنه وفي حين أن روسيا، التي دعمت السلطات في شرق ليبيا، لديها قدرات تشغيلية في 4 قواعد جوية ليبية (الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ) فإن هذه القواعد ستكون بعيدة جداً، بحيث لا يمكن استخدامها في جسر مجدد من موسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وقال رسلان بوخوف، رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات ومقره موسكو، إن القاعدة الجوية السورية ستكون «خسارة كبيرة» للعمليات الأفريقية؛ حيث «كانت جميع الإمدادات تمر عبر (حميميم)، وهذا مهم بشكل خاص لبلد من دون ميناء، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى».

وبدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في أفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة «فاغنر» المرتبطة بالكرملين في جمهورية أفريقيا الوسطى غير الساحلية، للدفاع عن رئيسها المحاصر ضد هجوم المتمردين.

وفي عام 2019، لعب المقاتلون دوراً رئيساً في محاولة من قِبَل الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين، أرسلت مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، جنباً إلى جنب مع الأسلحة، ما أدّى إلى زيادة أكبر لبصمتها العالمية خارج الكتلة السوفياتية السابقة.

الرئيس الروسي يلقي كلمة في قاعدة «حميميم» في اللاذقية على الساحل السوري يوم 12 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

وهذا الدعم في خطر؛ لكن المقربين من تلك الحكومات يزعمون أن روسيا ستجد طريقة لمواصلة مساعدتهم.

وقال فيديل غوانجيكا، مستشار رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، إن روسيا «ستكون لديها خطة بديلة»، حتى تظل طرق إمدادها إلى أفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق أكثر قوة، أو الوصول إلى جمهورية أفريقيا الوسطى عبر المواني في الكاميرون أو الكونغو، و«لن تكون هناك عواقب على جمهورية أفريقيا الوسطى».

وأضاف غوانجيكا أن أفريقيا الوسطى مستعدة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر.

وأعرب إبراهيم حميدو، رئيس إدارة الاتصالات لرئيس الوزراء علي الأمين زين، الذي عيّنه المجلس العسكري في النيجر عام 2023، عن الأفكار نفسها، وقال: «سقوط الأسد لن يُغير علاقاتنا، ويمكن لروسيا أن تجد طرقاً أخرى، من خلال تركيا على سبيل المثال، لدعم النيجر».

وفي حال سمحت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عبر مجالها الجوي، فلا يوجد اقتراح فوري بأنها ستعمل بديلاً للجسر الجوي السوري لموسكو، خصوصاً أن مصالح الثنائي في أفريقيا غالباً ما تتباعد.

واقترحت مونيك يلي كام، وهي سياسية في بوركينا فاسو، تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، ليبيا خياراً لمساعدة موسكو على «الحفاظ على نفوذها في القارة».

كما لعبت روسيا دوراً رئيساً في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً؛ حيث ألقت مؤخراً بثقلها خلف الجيش في قتاله ضد «قوات الدعم السريع»، كما تواصل الضغط من أجل إنشاء قاعدة على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم طويل الأمد، من شأنه نظرياً أن يوسع شبكتها اللوجستية.

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومع ذلك، فإن الاحتفاظ بشبكة النفوذ الروسية مترامية الأطراف في أفريقيا لن يكون سهلاً، وفقاً لأولف ليسينغ، مدير برنامج الساحل في مؤسسة «كونراد أديناور»، وهي مؤسسة بحثية ألمانية.

وقال: «إن سقوط الأسد سيعيق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في أفريقيا، وكانت جميع الرحلات الجوية لتوريد المرتزقة، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة، تمر عبر سوريا. إنها مسافة بعيدة للغاية للطيران بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى أفريقيا، وسيتعين على روسيا تقليص مشاركتها في أفريقيا وسيكون ذلك أكثر تكلفة بكثير».