«قمة روما» تنطلق اليوم وسط تدابير أمنية غير مسبوقة

البابا بحث مع الرئيس الأميركي قضايا المناخ والهجرة وحقوق الإنسان

لقاء جمع البابا وبايدن في الفاتيكان أمس (د.ب.أ)
لقاء جمع البابا وبايدن في الفاتيكان أمس (د.ب.أ)
TT

«قمة روما» تنطلق اليوم وسط تدابير أمنية غير مسبوقة

لقاء جمع البابا وبايدن في الفاتيكان أمس (د.ب.أ)
لقاء جمع البابا وبايدن في الفاتيكان أمس (د.ب.أ)

مرة أخرى، عادت كل الطرق تؤدي إلى روما التي استعادت أمس الجمعة لقبها التاريخي «Caput Mundi»، أي عاصمة العالم، عشية قمة مجموعة العشرين التي تنطلق اليوم، في ظل تدابير أمنية غير مسبوقة.
ويسهر ما يزيد عن خمسة آلاف من عناصر الأجهزة الأمنية، وعشرات الطائرات المسيرة والمروحيات، على القمة، بعد أن أُقفل المجال الجوي وانشلت حركة السير وسط المدينة والأحياء المحيطة بمكان اجتماع قادة الدول الصناعية والناشئة التي تضم 66 في المائة من سكان العالم و85 في المائة من ثرواته.
وفيما كانت وفود الدول المشاركة تتوافد إلى روما، تركزت الأنظار أمس على الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي وصل مطار روما فجراً، ليلتقي عند انتصاف النهار بالبابا فرنسيس، في رابع لقاء بين الكاثوليكيين الأوسع نفوذاً في العالم، والأول منذ انتخاب الرئيس الأميركي الجديد. وكان بايدن، وهو أول رئيس كاثوليكي يجلس في البيت الأبيض منذ جون كيندي، التقى البابا مرتين عندما كان نائباً للرئيس في عهد أوباما، ثم استقبله مرة في واشنطن عندما ألقى فرنسيس خطابه أمام جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب خلال زيارته إلى الولايات المتحدة عام 2015.
وإلى جانب الحفاوة التي خص بها الفاتيكان، الرئيس الأميركي، لم يُخفِ المسؤولون في الفاتيكان ارتياحهم لزيارة بايدن الذي أنهى وصوله إلى البيت الأبيض عهد دونالد ترمب، الذي كان تحول طيلة سنوات ولايته الأربع إلى «خصم سياسي وآيديولوجي» للبابا فرنسيس في القضايا المتصلة بالبيئة والهجرة وحقوق الإنسان.
وفيما تناولت المحادثات التي أجراها البابا وبايدن في مكتبة القصر الرسولي جملة من المواضيع التي تتطابق فيها مواقف الطرفين، مثل البيئة وتغير المناخ والهجرة، أعرب البابا للرئيس الأميركي عن اعتراضه على قانون الإجهاض الذي سبق لفرنسيس أن قال عنه «كمن يلجأ إلى سفاح لحل مشكلة».
ومن المواضيع الأخرى الحساسة التي تطرق إليها بايدن والبابا خلال لقائهما، التقارب بين الصين والفاتيكان بعد توقيع الطرفين اتفاقاً تاريخياً منذ عامين وضع الكنيسة الكاثوليكية ضمن إطار قانوني توافقي مع الحكومة الصينية، وشكل خطوة أولى نحو استئناف العلاقات الدبلوماسية المجمدة بين الفاتيكان وبكين منذ 70 عاماً. ويعتبر بايدن أن الفراغ الثقافي والديني الذي أحدثه أداء إدارة ترمب، هو الذي دفع الصين بقوة نحو هذه المفاوضات مع الفاتيكان، الذي يسعى منذ عقود لفتح ثغرة في العلاقات مع بكين تمكن الكنيسة الكاثوليكية في الصين من أن تنشط بحرية خارج دائرة الرقابة الرسمية. وقالت مصادر الوفد الأميركي إن بايدن أعرب للبابا عن عدم ارتياح الإدارة الأميركية للذهاب بهذا التقارب إلى ما يخدم المصالح الصينية.
وبعد لقائه مع البابا، انتقل بايدن إلى قصر كويرينالي، حيث استقبله رئيس الجمهورية الإيطالية سرجيو ماتاريلا، وأجريا محادثات مهدت للاجتماع المطول الذي عقده الرئيس الأميركي مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغ، وتناول، حسب مصدر حكومي إيطالي، مجمل القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة، وفي طليعتها جائحة «كوفيد - 19»، وقمة المناخ التي تبدأ في غلاسكو مطلع الأسبوع المقبل.
وقال مصدر حكومي إيطالي إن محادثات بايدن ودراغي، التي تناولت أيضاً الأزمة الليبية ورغبة إيطاليا في دور أكثر فاعلية فيها، ركزت على ضرورة إعادة العلاقات الأميركية - الأوروبية إلى النقطة التي كانت وصلت إليها خلال زيارة بايدن الأولى إلى بروكسل في يونيو (حزيران) الماضي، عندما شدد الرئيس الأميركي على دعمه النظام المتعدد الأطراف، وأطلق شعاره «أميركا عادت»، الذي أثار ارتياحاً واسعاً في الأوساط الأوروبية بعد أربع سنوات من التوتر الذي سادها في عهد ترمب.
لكن سرعان ما تبدد ذلك الارتياح وعم الاستياء عواصم القرار الأوروبي، أولاً بعد القرار الأميركي بالانسحاب من أفغانستان، ثم بعد اتفاق «أوكوس» الذي أبرمته واشنطن مع بريطانيا وأستراليا لتزويد هذه الأخيرة بغواصات نووية الدفع، والذي أدى إلى أزمة دبلوماسية بين باريس وواشنطن ما زالت الإدارة الأميركية تسعى لاحتواء تداعياتها إلى اليوم، وتطمين حلفائها الأوروبيين الذين أثارت الخطوة الأميركية عميق الاستياء في صفوفهم بسبب تهميشهم الكامل عن ذلك الاتفاق.
ومن اللقاءات الثنائية الأخرى المرتقبة خلال هذه القمة، الاجتماع المنتظر اليوم السبت بين رئيس الوزراء الإيطالي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي كانت الأوساط الإيطالية أول من تفاجأ بقراره حضور القمة بعد أن كانت العلاقات بين الطرفين بلغت أدنى مستوياتها عقب تصريحات أدلى بها دراغي، ووصف بها إردوغان بالديكتاتور، إثر حادثة الكرسي الشهيرة خلال زيارة رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إلى أنقرة.


مقالات ذات صلة

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

العالم تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا ووزير المالية البرازيلي فرناندو حداد ورئيس البنك المركزي البرازيلي روبرتو كامبوس نيتو يحضرون اجتماع افتتاح الدورة المشتركة لمجموعة العشرين والمسارات المالية في قصر إيتاماراتي في برازيليا (رويترز)

دول مجموعة العشرين تتفق على تجنب القضايا الجيوسياسية في قمة ريو دي جانيرو

قال ممثل البرازيل في مجموعة العشرين أمس (الجمعة) إن دبلوماسيي المجموعة اتفقوا على تجنب القضايا الجيوسياسية الشائكة خلال قمة أكبر الاقتصادات في العالم.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أوروبا عدد من زعماء العالم يجلسون للتحضير لجلسة عمل حول أفريقيا وتغير المناخ والتنمية في منتجع بورجو إجنازيا خلال قمة «مجموعة السبع» (أ.ف.ب)

«السبع» لدعم أوكرانيا بـ50 مليار دولار من الأصول الروسية

اتفق قادة «مجموعة السبع» خلال انطلاق قمتهم في جنوب إيطاليا، بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس (الخميس)، على دعم أوكرانيا بقرض قيمته 50 مليار دولار

شوقي الريّس (فازانو (إيطاليا)) «الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى نزوله من الطائرة على مدرج مطار خورخي نيوبيري في بوينس أيريس (أ.ب)

انتقادات متكررة لأميركا وسط مطالب الـ«20» بوقف النار فوراً في غزة

أدى بقاء السماعات مفتوحة خلال اجتماعات رفيعة مغلقة لمجموعة العشرين للدول الغنية في البرازيل إلى سماع انتقادات لواشنطن بسبت معارضتها وقف النار فوراً في غزة.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي خلال أحد الاجتماعات على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

البرازيل تؤكد وجود دعم واسع في مجموعة الـ 20 لحل الدولتين

أكد وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا، اليوم (الخميس)، وجود «إجماع» بين أعضاء مجموعة العشرين لدعم حل الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

الأمم المتحدة حذرة تترقب عودة ترمب لرئاسة أميركا

المدخل الرئيسي لمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة - 22 سبتمبر 2024 (رويترز)
المدخل الرئيسي لمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة - 22 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

الأمم المتحدة حذرة تترقب عودة ترمب لرئاسة أميركا

المدخل الرئيسي لمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة - 22 سبتمبر 2024 (رويترز)
المدخل الرئيسي لمقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة - 22 سبتمبر 2024 (رويترز)

تستعد الأمم المتحدة لعودة دونالد ترمب لرئاسة أميركا واحتمال تقليص الولايات المتحدة تمويل المنظمة والعمل معها، وهو ما قد يفعله الرئيس الأميركي المقبل في ولايته الثانية.

وقال دبلوماسي آسيوي كبير إن هناك شعوراً «بالتكرار وبعض الخوف» لدى المنظمة العالمية، التي تضم 193 دولة، بعد فوز الجمهوري ترمب في الانتخابات الأميركية على نائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وذكر الدبلوماسي، الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه، أن «هناك أيضاً بعض الأمل في أن تتعاون الإدارة المعنية بالمعاملات مع الأمم المتحدة في بعض المجالات، حتى لو ألغت تمويل بعض الملفات؛ ففي نهاية المطاف، هل هناك كيان في العالم أكبر أو أفضل من الأمم المتحدة؟».

وقد يفتح تراجع دور الولايات المتحدة في الأمم المتحدة الباب أمام الصين، التي تعزز نفوذها في الدبلوماسية العالمية.

ولم يقدم ترمب تفاصيل تذكر عن السياسة الخارجية التي سينتهجها في ولايته الثانية، لكن أنصاره يقولون إن قوة شخصيته ونهجه لإحلال «السلام من خلال القوة»، سيساعدان في إخضاع الزعماء الأجانب لإرادته؛ فقد تعهَّد بإنهاء الحرب في أوكرانيا، ومن المتوقَّع أن يقدم دعماً قوياً لإسرائيل في صراعيها مع حركة «حماس» في غزة وجماعة «حزب الله» في لبنان.

ومن بين أبرز مخاوف الأمم المتحدة ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقرر تقليل المساهمة المالية فيها، وإذا ما كانت ستنسحب من مؤسسات واتفاقيات رئيسية متعددة الجنسيات، مثل «منظمة الصحة العالمية»، و«اتفاقية باريس للمناخ».

ويُعد التمويل الأميركي مصدر القلق الرئيسي، لأن الولايات المتحدة أكبر مساهم في الأمم المتحدة؛ إذ تقدم نحو 22 في المائة من ميزانيتها الأساسية و27 في المائة من ميزانية عمليات حفظ السلام، تليها الصين.

وقد تتأخر أي دولة عن سداد مستحقاتها لمدة تصل إلى عامين، قبل أن تواجه العواقب المحتملة، وهي خسارة حق التصويت في الجمعية العامة.

واقترح ترمب في ولايته الأولى خفض نحو ثلث ميزانيات الدبلوماسية والمساعدات الأميركية، بما يتضمن تخفيضات حادة في تمويل عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وتمويل منظمات دولية، لكن الكونغرس، الذي يحدد الموازنة الاتحادية للحكومة الأميركية، رفض الاقتراح.

وقال متحدث باسم الأمم المتحدة في ذلك الوقت إن التخفيضات المقترحة كانت ستجعل من المستحيل مواصلة جميع الأعمال الأساسية.

وقال ريتشارد جوان، مدير شؤون الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية: «أدركت الأمانة العامة للأمم المتحدة طوال العام أنها قد تواجه عودة ترمب. وكان هناك تخطيط حكيم خلف الكواليس حول كيفية إدارة تخفيضات الميزانية الأميركية المحتملة».