مصدر عسكري بقوات التحالف الدولي: الضربات الجوية سمحت بكسر الجمود لاستعادة تكريت

«العفو الدولية» تحقق بمزاعم لانتهاك حقوق الإنسان قد تكون ارتكبت أثناء عملية التحرير

مصدر عسكري بقوات التحالف الدولي: الضربات الجوية سمحت بكسر الجمود لاستعادة تكريت
TT

مصدر عسكري بقوات التحالف الدولي: الضربات الجوية سمحت بكسر الجمود لاستعادة تكريت

مصدر عسكري بقوات التحالف الدولي: الضربات الجوية سمحت بكسر الجمود لاستعادة تكريت

أعلن مصدر عسكري كبير في قوات التحالف الذي نفذ ضربات جوية خلال عملية تحرير تكريت، اليوم (الخميس)، ان الدعم الجوي من قبل الولايات المتحدة سمح بكسر الجمود في العمليات لاستعادة المدينة التي كان يسيطر عليها تنظيم "داعش" المتطرف.
وقال المسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الدعم الجوي كان عاملا اساسيا في هذا الأمر"؛ في اشارة الى الهجوم وتحرير مدينة تكريت. واضاف ان "هذا ما مكننا مع الوسائل (القوات العراقية) المتوفرة على الارض، من العودة الى الزخم الذي قاد الى هذا النجاح" ضد المتطرفين الذين سيطروا على تكريت (160 كلم شمال بغداد) على مدى عشرة أشهر تقريبا.
واكد المسؤول نفسه ان القوات العراقية كانت ستتمكن من استعادة تكريت بدون هذا الدعم الجوي "لكن ذلك كان سيحتاج الى وقت أطول على الارجح".
وقدم التحالف الدولي الذي يضم ستين بلدا بقيادة واشنطن، دعما جويا في مناطق متفرقة من العراق منذ أغسطس (آب) 2014، للمساعدة في استهداف المتطرفين.
وكانت القوات العراقية من الجيش والشرطة وفصائل شيعة ممثلة بالحشد الشعبي ومدعومة من ايران، بدأت عمليتها لتحرير تكريت في الثاني من مارس (آذار).
وتمكنت القوات العراقية في غضون اسبوعين من تحرير المدن المحيطة بتكريت، لكنها تأخرت بعدها. وقال القادة ان هذا التأخير نجم عن الرغبة في تجنب وقوع ضحايا وإلحاق أضرار بالبنى التحتية للمدينة.
ووجهت حكومة رئيس الوزراء نوري العبادي طلبا الى التحالف الذي تقوده واشنطن بتوجيه ضربات جوية على تكريت.
وبدأت طائرات مقاتلة اميركية في 25 مارس، تنفيذ ضربات على تكريت، كما شاركت طائرات فرنسية في العملية. وأعلن التحالف انه نفذ اكثر من 36 ضربة جوية، لتحرير المدينة.
لكن ضربات التحالف الجوية، دفعت بعض الفصائل الشيعية التي لعبت دورا كبيرا في المعارك، الى تجميد مشاركتها في الهجوم على تكريت. غير انها موجودة وبشكل كبير في المديتة.
وقالت وزارة الدفاع الاميركية التي كانت قلقة من الدور الذي تلعبه ايران في العملية وحلفاؤها، إنها اشترطت تدخلها بتولي القوات النظامية (الحكومية) قيادة العملية.
وتم اخلاء شبه كامل لأهالي مدينة تكريت التي يسكنها حوالى 200 الف نسمة، قبل بدء العملية، ولايوجد اي مؤشر على بقاء البعض منهم خلال الايام الماضية.
وفي تطور لاحق، قالت منظمة العفو الدولية، اليوم، إنها تحقق في انتهاكات لحقوق الانسان قد تكون ارتكبتها القوات العراقية وحلفاؤها أثناء الهجوم لاستعادة مدينة تكريت شمال بغداد.
وقالت دوناتيلا روفيرا المسؤولة عن المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان ومقرها لندن "نحن قلقون جدا بشأن معلومات عن انتهاكات واسعة النطاق اثناء العملية العسكرية في المنطقة المحيطة بتكريت".
واستعادت القوات العراقية مدعومة بفصائل مسلحة وغارات التحالف الدولي بقيادة اميركية، الثلاثاء، السيطرة على المدينة التي ظلت لنحو عشرة أشهر محتلة من قبل مسلحي تنظيم "داعش".
وأضافت مسؤولة العفو الدولية "نحن نحقق في معلومات اشارت الى ان عددا كبيرا من السكان اعتقلوا بداية مارس ولا توجد معلومات عنهم حتى الآن. كما اشارت معلومات اخرى الى هجمات على منازل او متاجر تم تدميرها بالمتفجرات او حرقها من قبل ميليشيات". وأضافت "هناك ايضا معلومات عن عمليات اعدام جماعية لرجال قد يكونون تورطوا (او لم يتورطوا) في المعارك، لكنهم قتلوا بعد القبض عليهم وهم لا يقاتلون". وقالت ان حادثة من هذا النوع وقعت الاربعاء في تكريت وفق التقارير.
وحذرت الحكومة والأمم المتحدة ومدافعون عن حقوق الانسان مرارا من تجاوزات أثناء العمليات العسكرية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.