تخوف لبناني من تداعيات خطيرة عقب تصريحات قرداحي

TT

تخوف لبناني من تداعيات خطيرة عقب تصريحات قرداحي

فجرت تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول الحرب في اليمن، التي وصفتها دول الخليج بـ«المسيئة» أزمات متعددة في الخارج والداخل اللبناني، في وقت تلوح فيه أجواء عاصفة قد تضرب العلاقات الخليجية – اللبنانية، كما ذكرت مصادر دبلوماسية عربية في بيروت لـ«الشرق الأوسط»، مشددة على ضرورة «المعالجة السريعة من قبل السلطات اللبنانية لهذه الأزمة لمنع تطور الأمور نحو الأسوأ»، بعد أن حاول لبنان التنصل من محتوى التصريحات بأنها لا تعبر عن موقف الحكومة اللبنانية، ولا عن رأي رئيس الجمهورية ميشال عون، بحسب ما قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وزاد ميقاتي بأن رئيس الجمهورية ميشال عون «أكد على هذا الموضوع»، مشدداً على «موقفنا الواحد من أن هذا التصريح لا يمثل رأي الحكومة، بل نابع من رأي شخصي عبر عنه الوزير قبل تشكيل الحكومة ولم نسمع به».
لكن تصريحات قرداحي أثارت عاصفة ردود محلية وعربية، إذ زار السفير اليمني لدى لبنان عبد الله عبد الكريم الدعيس وزارة الخارجية والتقى الأمين العام للوزارة السفير هاني شميطلي، وسلمه رسالة استنكار بشأن تصريحات قرداحي. وكان الدعيس استنكر بعد لقائه السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري تصريحات قرداحي فيما خص الأحداث في اليمن، معتبرا أن «بيان قرداحي ليل الثلاثاء زاد الطين بلة». وقال: «نحن نستنكر ما ورد، ونأمل ألا تؤثر تصريحاته على العلاقات الثنائية بين البلدين».
لكن عاصفة تصريحات جورج قرداحي لم تنحصر في الإطار المحلي؛ فقد شجب رئيس مجلس إدارة «مجموعة MBC»، الشيخ وليد بن إبراهيم آل إبراهيم، بأشد العبارات، المواقف الأخيرة التي أطلقها وزير الإعلام اللبناني، مستنكراً «ما ساقه من اتهامات مغرضة استهدفت المملكة العربية السعودية تحديداً، وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة». واعتبر آل إبراهيم تلك المواقف الصادرة عن قرداحي «مستغرَبة جداً وغير مقبولة بتاتاً، وهي لا تُعبّر إلا عن الآراء السياسية المنحازة والمنحرفة لمطلقيها، والمجحفة بحق ثوابتنا وتضحياتنا ومواجهتنا شبه اليومية للاعتداءات الإرهابية على أهلنا وأراضينا في المملكة، والعابرة للحدود والقيود، في لبنان واليمن والعراق وغيرها من الدول العربية التي تخضع لمنطق الإرهاب وسطوة السلاح».
وعقب موجة الاحتجاج رفض الوزير قرداحي في مؤتمر صحافي أمس الاستقالة أو الاعتذار لدول الخليج، الأمر الذي عقد مساعي المسؤولين اللبنانيين من التنصل من تلك التصريحات وآثارها على العلاقات اللبنانية – الخليجية ومع اليمن، في ضوء المواقف الحادة التي عبر عنها اليمن عبر سفيره في بيروت، وعلمت «الشرق الأوسط» أن اتصالات عالية المستوى جرت في لبنان قادها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للملمة تداعيات الموضوع، وأشارت مصادر وزارية لبنانية إلى أن ميقاتي طرح مع رئيس الجمهورية ميشال عون إقالة الوزير قرداحي، لكن الأخير رفض القيام بهذه الخطوة، معتبرا أن ما قاله قرداحي «تم قبل أن يكون وزيرا».
ورفض مسؤولون لبنانيون كلام قرداحي، إذ أكد وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي «حريصون على أفضل العلاقات مع السعودية وكل دول مجلس التعاون الخليجي». فيما شدد وزير البيئة ناصر ياسين على «حرصه على استقرار الدول العربية الشقيقة التي لم تتأخر يوما عن احتضان لبنان واللبنانيين في أزماتهم». وأضاف ياسين: «علاقة لبنان مع أشقائه العرب لن تغتابها هفوة من هنا وتعرضٌ من هناك. نقولها بلسان عربي مبين».
ورأى النائب نهاد المشنوق أن «هجوم قرداحي غير مبرر على السعودية والإمارات، وأكد حقهما في الدفاع عن أنفسهما، في سياق صراع معقد وخطير، ومن موقع الجهل المطلق بسياقات حرب اليمن ومقدماتها وأدوار اللاعبين فيها». واعتبر أن «تصريح قرداحي يؤكد مجددا على طبيعة الأزمة في علاقات لبنان بالعالم العربي، وهي أزمة إلغاء الهامش الذي كان موجودا بين الدولة والدويلة». وقال إن «سيطرة الدويلة على الدولة لم يعد بالإمكان كتمانه أو تمويهه بالتصريحات الرمادية، مثل أن قرداحي يعبر عن رأيه، ولا يعبر عن رأي الحكومة، أو عن رئيس الجمهورية». ولفت إلى أن «كلام الوزير هو ابن بيئة سياسية أشرفت على تشكيل هذه الحكومة، وأعطتها الثقة، من موقع يغلب عليه العداء العلني للعروبة. وكلامه قبل شهر من تسميته وزيرا، كان هو البيان السياسي الذي نصبه وزيرا». وختم: «الحل المؤقت هو استقالة الوزير قرداحي تخفيفا للضرر الذي يتم إلحاقه بلبنان من هذه البيئة وهذا المناخ. والحل النهائي هو باستعادة الهامش بين الدولة والدويلة».
فيما أكد النائب فريد هيكل الخازن «أننا ‏نحرص كل الحرص على أفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج»، بدورها قالت النائبة رولا الطبش: «مؤسف ما سمعناه من جورج قرداحي بحق السعودية والإمارات اللتين قدمتا الكثير للبنان بدفاعه عن الحوثيين وكلاء إيران في العدوان داخل اليمن وضد الجوار. حظ لبنان سيئ مع متسلقي سلطة يكنون حقدا أسود ضد العرب فيورطونه بأزمة تلو أزمة».
من جهته، قال رئيس حركة الاستقلال النائب المستقيل ميشال معوض: «تنصل رئيس الحكومة ووزراء من كلام وزير الإعلام ليس كافيا، وبيان جورج قرداحي مرفوض ولا يستطيع أن يبرر كلامه عن السعودية والإمارات بـ(حرص) مزيف. المطلوب لمرة من حكومة فاشلة إقالة وزير يسيء لعلاقات لبنان ومصالحه العربية، عوض التسبب بمزيد من الأزمات الدبلوماسية مع أصدقاء لبنان».



السيسي يقترح هدنة ليومين بغزة مقابل تحرير 4 رهائن إسرائيليين وسجناء فلسطينيين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)
TT

السيسي يقترح هدنة ليومين بغزة مقابل تحرير 4 رهائن إسرائيليين وسجناء فلسطينيين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

قدّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، مقترحاً جديداً لوقف إطلاق النار في غزة ليومين، مقابل الإفراج عن 4 رهائن إسرائيليين، وبعض الأسرى الفلسطينيين، من أجل تهيئة المجال لوقف كامل للحرب الدامية المستمرة بين إسرائيل وحركة «حماس» منذ أكثر من عام، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

واقترح السيسي - الذي تُعدّ بلاده إحدى دول الوساطة لوقف الحرب - «وقفاً لإطلاق النار لمدة يومين، يتم تبادل 4 رهائن مع بعض الأسرى الموجودين في السجون الإسرائيلية، ثم خلال 10 أيام يتم التفاوض على استكمال الإجراءات في القطاع، وصولاً لإيقاف كامل لإطلاق النار وإدخال المساعدات».

ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إثر هجوم غير مسبوق للحركة على جنوب إسرائيل، نجح الوسطاء في إبرام هدنة بين الطرفين لأسبوع واحد فقط أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، ومنذ ذاك الحين باءت بالفشل كل المساعي لوضع حدّ للحرب، أو حتى التوصل لهدنة قصيرة.

ومع مقتل رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار الذي كان يُنظَر إليه على أنّه عقبة أمام التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن المحتجزين في غزة، يسعى الوسطاء لإيجاد بعض الزخم لاستئناف المفاوضات المتعثرة.

ولم يوضح السيسي ما إذا طُرح مقترحه على إسرائيل و«حماس»، وأسفر هجوم «حماس» عن 1206 قتلى، حسب تعداد للوكالة يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية، بينهم رهائن قُتِلوا أو ماتوا في الأسْر، ومن أصل 251 شخصاً خُطفوا خلال الهجوم ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمِّرة، وعمليات برّية في قطاع غزة، تسبّبت بمقتل ما لا يقل عن 42924 فلسطينياً، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة التابعة للحركة، التي تَعُدُّها الأمم المتحدة موثوقة.

وأكّد السيسي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون أن «أشقاءنا في القطاع يتعرضون لحصار صعب جداً يصل إلى حد المجاعة، مهم جداً أن تدخل المساعدات في أسرع وقت ممكن».

وتُجمِع المنظمات الإنسانية على أن كمية المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة لا تزال ضئيلة جداً، على الرغم من إعلان إسرائيل اتّخاذ خطوات لتعزيز وصول المساعدات.

وتدخل أغلب الشاحنات التي تحمل إمدادات عبر معبر كرم أبو سالم على الحدود بين إسرائيل وجنوب قطاع غزة، وتخضع تلك الشاحنات لتفتيش دقيق من الجيش الإسرائيلي، وهو ما ترى فيه المنظمات الإنسانية سبباً رئيسياً لبطء تسليم المساعدات.

أما إسرائيل التي تفرض حصاراً مُطبِقاً على قطاع غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023، فتُلقي باللوم على عجز منظمات الإغاثة في التعامل مع المساعدات وتوزيعها.