أمير الكويت يفتتح أعمال البرلمان وسط توقعات بـ«ربيع سياسي»

جهود المصالحة تبشر بتبريد التوتر وتسريع الإصلاحات الاقتصادية

أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خلال افتتاح الفصل التشريعي الحالي لمجلس الأمة (البرلمان) أمس (كونا)
أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خلال افتتاح الفصل التشريعي الحالي لمجلس الأمة (البرلمان) أمس (كونا)
TT

أمير الكويت يفتتح أعمال البرلمان وسط توقعات بـ«ربيع سياسي»

أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خلال افتتاح الفصل التشريعي الحالي لمجلس الأمة (البرلمان) أمس (كونا)
أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح خلال افتتاح الفصل التشريعي الحالي لمجلس الأمة (البرلمان) أمس (كونا)

افتتح أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمس، أعمال مجلس الأمة «البرلمان» في وقت تأمل الحكومة أن تثمر جهود المصالحة مع المعارضة البرلمانية في تمرير حزمة إصلاحات اقتصادية خلال الفصل التشريعي الحالي.
وخلال كلمته في افتتاح مجلس الأمة، بحضور أمير البلاد، أشاد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أمس، بدعوة الأمير إلى الحوار بين السلطتين «كبادرة ساهمت بكسر الجمود والركود السياسيين»، مثنياً في الوقت ذاته على التجاوب السريع والفوري لممثلي الأمة من مختلف الأطياف والتوجهات مع هذه الدعوة.
وأكد الغانم أهمية تفعيل مبادئ الحوار والتوافق وسياسة المائدة المستديرة والنقد البناء لحل المشكلات المصيرية بدلاً من وصفات التصارع والاشتباك السياسي والطعن والتشكيك والتخوين.
وقال الغانم: «يا صاحب السمو لا أحد فينا يُنكر حالة عدم الرضا التي تكتنف قلوبنا جميعاً، عدم الرضا من الجمود الذي اعترى العمل السياسي في الكويت، والمراوحة -إن لم أقل التراجع- على صعيد التعاطي السياسي مع قضايانا الوطنية».
والشهر الماضي دعا أمير الكويت إلى حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية لتنقية الخلافات بين السلطتين. وسعياً لطي صفحة الخلاف، كلّف أمير البلاد رؤساء السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضاء اقتراح ضوابط وشروط للعفو عن مطلوبين للقضاء تمهيداً لاستصدار مرسوم بالعفو عنهم.
وأضاف الغانم: «بعد إضاعة الكثير من الوقت، وبعد أن فوّتنا العديد من الفرص المواتية، للبدء في العمل الجماعي البنّاء، جاءت دعوة سموكم إلى الحوار بين السلطتين، كتدخل سامٍ من قِبلكم، وكبادرة ساهمت في كسر الجمود والركود، فكان أن رد ممثلو الأمة، من مختلف الأطياف والتوجهات، على هذه الدعوة بالتجاوب السريع والترحيب الفوري».
وخاطب أمير البلاد بالقول: «عقب الانتهاء من بعض ملفات هذا الحوار استمعتم إلى مرئياته، وأعطيتم مباركتكم لكل خطوة من شأنها تحقيق الاستقرار السياسي وإشاعة مناخ التعاون والإنجاز».
وأضاف: «لأن سيرتكم وسيرة من سبقوكم، هي سيرة التسامي والتسامح والترفع، أعلنتم، تفعيل المادة 75 من الدستور والمتعلقة بالعفو الخاص، وكلّفتم رؤساء السلطات الثلاث باقتراح الضوابط والشروط، المتعلقة بهذا الملف، ليتحقق التلاقي المحمود بين الإرادة الأميرية والرغبة الشعبية وفق الأطر الدستورية المتعارف عليها».
وشدد الغانم: «لا التصارع، ولا الاشتباك السياسي الموتور، ولا الطعن، ولا التشكيك، ولا التهديد، ولا الوعيد، ولا التخوين، سبل ناجحة لوضع مشكلاتنا على طريق الحل».
وقال الغانم: «أريد أن أقول هنا وبكل وضوح... لقد أخطأنا جميعاً، ومن دون استثناء، فلا نكابر، وقد كانت هناك ومنذ الجلسة الأولى لدور الانعقاد الأول، أفعال وردود أفعال، وشد وجذب».
مضيفاً: «إن تحقيق الاستقرار السياسي لا يعني عدم المحاسبة، أو التحصين، كما يُشاع من البعض، وإنما يتم تحقيق الاستقرار السياسي بالاستخدام الحصيف والصحيح والحكيم للأدوات الدستورية، كما رسمه آباؤنا المؤسسون».
وأشار الغانم: «لقد جرّبنا التصارع كثيراً، وأضعنا الكثير من الوقت، واستنزفنا الكثير من الطاقات والجهود، فماذا جنينا؟ ما زال الشعب يشتكي من ملف التعليم والملف الصحي، وما زالت الأسر الكويتية تنتظر حلولاً عملية لمشكلة الإسكان، وما زال الملف الاقتصادي وإصلاحه معطلاً وجامداً، وما زال النفط مصدر دخلنا الوحيد، ونحن للأسف، غافلون عن تلك الاستحقاقات».
بدوره دعا رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، إلى إقرار منهج إصلاحي شامل. وتعهد في كلمته خلال افتتاح أعمال الدور التشريعي لمجلس الأمة، أمس، بالتعاون مع البرلمان، وقال: «أتعهد لسمو الأمير بأن التلاحم والتعاون بين المجلس والحكومة سيظل رائداً بين الجميع لبذل مزيد من الجهد والعمل ليكون دور الانعقاد هذا حافلاً بإنجازات تنسجم مع آمال وتطلعات أهل الكويت».
وتوجه صباح الخالد للنواب بالعمل خلال الفترة المقبلة على «تقديم المصلحة الوطنية تكريسا للتعاون الجاد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وترسيخاً لقواعد العمل المشترك البنّاء في التصدي لمختلف التحديات وتذليل الصعوبات لتحقيق الإنجازات المأمولة». وقال إنه بناءً على توجيه الأمير «انطلق الحوار بين ممثلي السلطتين التشريعية والتنفيذية لمناقشة سبل تحقيق المزيد من الاستقرار السياسي وتهيئة الأجواء لتعزيز التعاون بين السلطتين وفقاً للثوابت الدستورية، ولقد ثمّن الجميع هذا التوجيه السامي مع التطلع لإنهاء حدة الاحتقان والتوتر السياسي الذي ساد دور الانعقاد الماضي».
وأضاف: «أثمر هذا الحوار عن التوافق على مد يد التعاون بين السلطتين تحقيقاً للمصلحة العليا للبلاد»، مشيراً إلى أن غالبية أعضاء المجلس أكدوا من خلال الالتماس المرفوع إلى أمير البلاد «العفو عن بعض أبناء الكويت المحكوم عليهم في قضايا تحكمها ظروف حدوثها وتوقيتها، وذلك بالعمل على تحقيق الاستقرار السياسي الدائم وقواعد تعاون بنّاء بين الأطراف كافة في مجلس الأمة وخارجه تفتح صفحة بيضاء لكويت جديدة».
مضيفاً: «إعمالاً لما جُبل عليه الشعب الكويتي (...) من تسامح ومحبة وتسامٍ، وحرصاً من الأمير على المحافظة على الوحدة الوطنية وحل الملفات التي تشكل عائقاً... فقد قرر سموه استخدام صلاحياته الدستورية المقررة بالمادة (75) من الدستور».
ودعا صباح الخالد لإصدار قوانين الإصلاح الاقتصادي لمعالجة «الاختلالات الهيكلية» التي يعانيها الاقتصاد الكويتي، وقال: «إن العالم يمر بتحديات اقتصادية نتيجة الآثار المترتبة على الجائحة وتقلبات الأسواق العالمية، الأمر الذي يتوجب على السلطتين التعاون باتخاذ خطوات جادة لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية لمعالجة الاختلالات الهيكلية التي يعانيها اقتصادنا الوطني وفق برنامج زمني مدروس وعاجل».
مضيفاً: «من أهم الخطوات الحد من مظاهر الهدر وترشيد الإنفاق الحكومي وتنويع مصادر الدخل، وإعادة النظر في سياسة تسعير الخدمات وسياسة الدعم المالي للسلع والخدمات، بما يضمن وصوله إلى مستحقيه الفعليين ودون المساس بأوضاع ذوي الدخل المحدود».
وأضاف: «سعياً لتأمين مقومات الإصلاح الاقتصادي تؤكد الحكومة ضرورة إعطاء القطاع الخاص دوره الفعّال في دفع عجلة التنمية وهو ما يستلزم المزيد من التعاون الواعي البنّاء بين مجلسكم الموقر والحكومة، لوضع أولويات العمل المشترك لإصدار مشروعات القوانين التي تحقق تلك الأهداف الوطنية».



من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
TT

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» خلال «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة، الذي تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد، وحتى 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، وبتنظيم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، وهيئة الحكومة الرقمية.

وعلى هامش المنتدى، أعلنت «منظمة التعاون الرقمي» التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرّاً لها، إطلاق المبادرة، بمصادقة عدد من الدول على بيان مشترك بهذا الإعلان وهي: السعودية، والبحرين، وبنغلاديش، وقبرص، وجيبوتي، وغامبيا، وغانا، والأردن، والكويت، والمغرب، ونيجيريا، وعُمان، وباكستان، وقطر، ورواندا.

وأكدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المبادرة التي تقودها وترعاها الكويت، وتم تقديمها خلال الجمعية العامة الثالثة لمنظمة التعاون الرقمي، تهدف إلى تعزيز احترام التنوع الاجتماعي والثقافي، ومكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت، من خلال جهود الوساطة والتنسيق بين الشركات والحكومات والجهات الأخرى ذات الصلة، مثل المنظمات الدولية والمجتمع المدني.

وتضمّن الإعلان، إنشاء «لجنة وزارية رفيعة المستوى» تتولّى الإشراف على تنفيذ مبادرة «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» التابعة للمنظمة، فيما جدّدت الدول المُصادقة على الإعلان، التزامها بالدعوة إلى «إنشاء اقتصاد رقمي شامل وشفاف وآمن يُمكن الأفراد من الازدهار».

وأكّد الإعلان على رؤية الدول إلى أن القطاع الخاص، وخصوصاً منصات التواصل الاجتماعي، «شريك في هذه الجهود لتعزيز التأثير الاجتماعي الإيجابي بدلاً من أن تكون وسيلة لنشر التأثيرات السلبية أو عدم الوعي الثقافي».

ودعا الإعلان، إلى بذل جهود جماعية من شأنها دعم القيم الوطنية، والتشريعات، وقواعد السلوك في منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تأكيد «منظمة التعاون الرقمي» التزامها بتحسين الثقة في الفضاء السيبراني من خلال معالجة التحديات الأخلاقية والخصوصية المرتبطة بالتقنيات الناشئة.

وفي الإطار ذاته شدّد الإعلان على الأهمية البالغة للحوار النشط والتعاون بين منصات التواصل الاجتماعي والدول التي تعمل فيها، وعَدّ التعاون القائم على الثقة المتبادلة «مفتاحاً لضمان احترام المشهد الرقمي لحقوق وقيم جميع الأطراف ذات الصلة».

من جهتها، أشارت ديمة اليحيى، الأمين العام لـ«منظمة التعاون الرقمي»، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن استطلاعات للرأي شملت 46 دولة، أظهرت أن أكثر من 59 في المائة قلقون من صعوبة التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف عبر الإنترنت.

وأضافت أن ما يزيد على 75 في المائة من مستخدمي الإنترنت قد واجهوا أخباراً زائفة خلال الأشهر الستة الماضية، وتابعت: «تنتشر المعلومات المضللة على المنصات الاجتماعية بمعدل يصل إلى 10 أضعاف سرعة انتشار الحقائق»، الأمر الذي من شأنه، وفقاً لـ«اليحيى»، أن يسلّط الضوء على مفارقة مزعجة بأن «المنصات التي أحدثت ثورة في الاتصال والتقدم أصبحت أيضاً قنوات للانقسام، وتزعزع الثقة، وتزيد من حالة الاستقطاب في المجتمعات».

ونوّهت اليحيى إلى أن المعلومات المضلّلة «لم تعد قضية هامشية، بل جائحة رقمية مخيفة تتطلب تحركاً عاجلاً ومشتركاً»، وأضافت: «الدراسات بيّنت أن المعلومات المضللة قد تؤدي إلى إرباك الانتخابات في العديد من الدول خلال العامين المقبلين، مما يهدد الاستقرار العالمي». على حد وصفها.

وعلى جانب آخر، قالت: «بالنسبة للأجيال الشابة، فإن التأثير مقلق بشكل خاص، إذ يقضي المراهقون أكثر من 7 ساعات يومياً على الإنترنت، ويؤمن 70 في المائة منهم على الأقل بأربع نظريات مؤامرة عند تعرضهم لها». وخلال جائحة كورونا «كوفيد - 19»، أدت المعلومات المضللة حول القضايا الصحية إلى انخفاض بنسبة 30 في المائة في معدلات التطعيم في بعض المناطق، مما عرض ملايين الأرواح للخطر.

وأردفت: «أكّدت خلال كلمتي أمام منتدى حوكمة الإنترنت على أننا في منظمة التعاون الرقمي ملتزمون بهذه القضية، بصفتنا منظمة متعددة الأطراف، وكذلك معنيّون بهذه التحديات، ونستهدف تعزيز النمو الرقمي الشامل والمستدام».

جدير بالذكر أنه من المتوقع أن يشارك في فعاليات المنتدى أكثر من 10 آلاف مشارك من 170 دولة، بالإضافة إلى أكثر من ألف متحدث دولي، وينتظر أن يشهد المنتدى انعقاد نحو 300 جلسة وورشة عمل متخصصة، لمناقشة التوجهات والسياسات الدولية حول مستجدات حوكمة الإنترنت، وتبادل الخبرات والمعلومات وأفضل الممارسات، وتحديد التحديات الرقمية الناشئة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني والقطاع غير الربحي.