«حي جميل»... مجمع إبداعي جديد في جدة يطلق موسمه الافتتاحي 6 ديسمبر

«حي جميل» من تصميم «واي واي»
«حي جميل» من تصميم «واي واي»
TT

«حي جميل»... مجمع إبداعي جديد في جدة يطلق موسمه الافتتاحي 6 ديسمبر

«حي جميل» من تصميم «واي واي»
«حي جميل» من تصميم «واي واي»

أعلنت «مؤسسة فن جميل»؛ المؤسسة المستقلة التي تدعم الفنانين والمجتمعات الإبداعية، عن افتتاح موسم «حي جميل» في مدينة جدة بغرب السعودية ابتداءً من 6 ديسمبر (كانون الأول) 2021 وحتى 30 أبريل (نيسان) 2022.
يأتي هذا الافتتاح تتويجاً لـ75 عاماً من العمل الخيري العالمي لعائلة جميل. ويحتفي الموسم الافتتاحي في كل شهر بالعناصر المتنوعة لـ«حي جميل»، حيث يصادف شهر ديسمبر 2021 افتتاح أول معرض لـ«فنون حي» وإزاحة الستار عن مجموعة من التكليفات الفنية والمشاريع والأعمال التركيبية في جميع أنحاء المجمع الإبداعي تزامناً مع برامجي «تعليم حي» و«استوديو حي». كما سيشهد شهرا يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2022، إطلاق مساحات «سكان حي» التي تحتفي بريادة الأعمال الثقافية في جدة، يتبعه افتتاح «سينما حي» خلال شهري مارس (آذار) وأبريل 2022، واحتفالات «مجتمع حي» التي تتضمن مجموعة من البرامج وورشات العمل والعروض السينمائية وأنشطة رمضانية خاصة.
ويبدأ الموسم الافتتاحي لـ«حي جميل» من يوم 6 ديسمبر 2021 بالتركيز على الفنون البصرية، ويتميز البرنامج الافتتاحي التعاوني والمبتكر والمعتمد على البحوث طويلة الأمد بتدخلات مادية تشاركية تتراوح بين التركيبات الفنية المصنوعة من الشوكولاته، إلى الأعمال الضوئية الغامرة والهياكل السمعية البصرية المتجذرة في مدينة جدة والمواضيع العالمية الملحة. ويتضمن البرنامج أعمالاً لأكثر من 45 فناناً وباحثاً من نحو 20 دولة، ويتميز بأعمال قائمة حالياً وتكليفات حديثة لـ19 فناناً سعودياً.
صمم «حي جميل»؛ وهو مجمع ثقافي تبلغ مساحته 17 ألف متر مربع، «واي واي»، وهو استوديو تصميم حائز على جوائز عدة ومتعدد التخصصات في فن العمارة وتنسيق الحدائق والتصميم الداخلي والغرافيك والتصميم الحضري، وله مكاتب في دبي وطوكيو. وقد حاز تصميم المبنى على العديد من الجوائز المعمارية؛ بما في ذلك «الجائزة الذهبية» في حفل «جوائز هونغ كونغ للتصميم»، و«الجائزة الفضية» في حفل «جوائز نيويورك للتصميم»، وعلى «وسام الشرف للتصميم الاستثنائي» من «المعهد الأميركي للمهندسين المعماريين (فرع الشرق الأوسط)»، فضلاً عن ترشحه لـ«جائزة إيه 2 كونتينانتال للعمارة» و«جائزة لندن ديزاين». كما حصل المعماريان الرئيسيان وائل الأعور وكينيتشي تيراموتو مؤخراً على «جائزة الأسد الذهبي» عن إشرافهما الفني على جناح الإمارات العربية المتحدة في بينالي البندقية للعمارة لعام 2021.
يذكر أن «حي جميل» أول مبنى عام رئيسي يعملون عليه.
وقال فادي جميل، رئيس ومؤسس «فن جميل»: «لقد استغرق افتتاح (حي جميل) 20 عاماً، وهو اليوم يتزامن مع الاحتفال بما يزيد على 3 أرباع قرن من الأنشطة الخيرية والمجتمعية التي تتجلى في لحظة ديناميكية واستثنائية حماسية للحياة الثقافية في السعودية. إن شغف من يشكلون مجتمع حي يعكس جهود (فن جميل) والتزامنا بإحداث تغيير إيجابي وتحقيق إمكانات الناس وإمكانات مدينة مثل جدة. ولا يسعني سوى التعبير عن خالص شكري للجميع على عملهم الجاد وروحهم التعاونية، وأخص بالذكر شركاءنا الحكوميين، والفنانين... والمجتمع بأكمله».
كما أضافت أنطونيا كارفر، المديرة التنفيذية لـ«مؤسسة فن جميل»: «يأتي افتتاح (حي جميل) في وقت استثنائي للمشهد الفني السعودي، يتضمن إطلاق (بينالي الدرعية الأول للفن المعاصر)، و(مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي)، و(أسبوع مسك الفني)، و(ملتقى طويق الدولي للنحت)... وغيرها كثير.
ولطالما كان نموذج عمل (فن جميل)، ومنذ أيامه الأولى، تعاونياً وديناميكياً ومتعدد التخصصات ومكملاً للبنى التحتية الفنية الحالية، مع خلقه فرصاً للتوافق والتوسع. ويأتي افتتاح الحي في الوقت المناسب بالمدينة المناسبة، حيث يلتقي الفن المعاصر بتاريخ ساعد بتشكيله طرق التجارة والتراث الغني».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».