«ميتافيرس»... فضاء رقمي هائل مشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي

عمالقة التقنية يسعون إلى بنائه

«ميتافيرس»... فضاء رقمي هائل مشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي
TT
20

«ميتافيرس»... فضاء رقمي هائل مشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي

«ميتافيرس»... فضاء رقمي هائل مشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي

تدعي شركات مايكروسوفت وفيسبوك وغيرهما أن مستقبل الإنترنت سيكون عبارة عن عالم جديد مبني بتقنية الواقع الافتراضي. لذا فإنها تتحدث عن بناء عالم «ميتافيرس» Metaverse، الكلمة التي تتكون من شقين الأول «meta» (بمعنى ما وراء) والثاني Verse» » (مشتق من كلمة «الكون universe»).
ووفق الويكيبيديا فإن هذا المصطلح يستخدم عادةً لوصف مفهوم الإصدارات المستقبلية للإنترنت، المكون من مساحة ثلاثية الأبعاد ثابتة ومشتركة ومرتبطة مع كون افتراضي مدرك.
وقد أعلنت فيسبوك الأسبوع الماضي عن توظيف أكثر من 10 آلاف شخص في مشروع «ميتافيرس» الأوروبي. وكانت الشركة قد اقتربت من هذه الرؤية أكثر في الأسابيع الماضية بكشفها عن بيئة عمل افتراضية لموظفيها الذين يعملون عن بعد. وتعمل الشركة أيضاً على إنتاج سوار ذكي لليد ونظارات واقع افتراضي، وتستثمر حالياً مليارات الدولارات في هذه الجهود.
وكان فيلم الخيال العلمي «ريدي بلاير وان» (2018) قدم لمحة عما تتنبأ شركات التقنية أنه سيكون الخطوة العظيمة المقبلة للإنترنت.
تتحدث قصة الفيلم المستوحى من رواية لإيرنست كلاين (2011) عن طفل يتيم يهرب من وجوده الكئيب في العالم الحقيقي عبر الانغماس في خيال باهر في عالم افتراضي. ويضع بطل الفيلم على رأسه جهازاً يشبه نظارات غوغل ويهرب إلى كون افتراضي اسمه «أواسيس».
في الإعلان الترويجي للفيلم، يقول البطل: «يأتي الناس إلى أواسيس لوفرة الأشياء التي يمكنهم القيام بها، ولكنهم يبقون فيه لكثرة الأمور التي يمكنهم أن يصبحوا فيها».

- عالم تفاعلي
يقول عدد من الرؤساء التنفيذيين في الشركات المطورة لتقنيات تشبه الخيال العلمي إن البشر، وفي يوم قريب، سيمضون أوقاتهم في عالم تفاعلي من الواقع الافتراضي، مليء بالألعاب والمغامرات والتبضع والعروضات الفريدة القادمة من عالم آخر، كما الشخصيات التي نشاهدها في الأفلام.
ولكنهم يطلقون على هذا العالم اسم «ميتافيرس» أو «كون الواقع الافتراضي» عوضاً عن «أواسيس». ويختلف الميتافيرس عن الواقع الافتراضي الموجود اليوم الذي يقدم لمستخدمه تجارب معزولة وبعض فرص اللعب مع أشخاص آخرين بواسطة إكسسوارات ثقيلة للرأس وأجهزة أخرى.
ويأتي الميتافيرس على شكل فضاء رقمي هائل ومشترك يربط الواقعين المعزز والافتراضي ببعضهما، ويتيح للشخصيات الافتراضية القفز من نشاط إلى آخر دون أي عوائق.
اعتبر مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، في حدث في يوليو (تموز) الماضي، أن فيسبوك يجب أن تسمى «شركة الميتافيرس»، لافتاً إلى أن هدف شركته هو زيادة رواد هذا العالم الافتراضي وجذب مستخدمين جدد عبر تقديم إكسسوارات زهيدة للرأس.
لم يصبح الميتافيرس حقيقةً بعد ولا يوجد تاريخ واضح لذلك خصوصاً وأن تقنيتي الواقعين الافتراضي والمعزز تحتاجان إلى توسيع جمهورهما، فضلاً عن أن سماعات الرأس لا تزال تفتقر إلى الشعبية رغم أن زوكربيرغ تعهد عام 2017 بجذب مليار مستخدم لنظارات «أوكيولوس».
ولكن فيسبوك ليست الشركة الوحيدة التي تراهن جدياً على «ميتافيرس». ففي مايو (أيار)، قالت شركة مايكروسوفت إنها «تتمتع بمكانة خاصة» لتقديمها مجموعة من أدوات الذكاء الصناعي والواقع المختلط لمساعدة الشركات على البدء بتطوير «تطبيقات الميتافيرس اليوم». بدورها، أطلقت مجموعة من الشركات المصنعة لألعاب الفيديو وفي طليعتها «إيبيك غيمز» المالكة للعبة «فورتنايت» الشهيرة، برامج محاكاة وخدمات واقع افتراضي للميتافيرس.

- «الميتافيرس»
• ما هو الميتافيرس؟ ابتكر هذا المصطلح الكاتب نيل ستيفنسون عام 1992 في روايته الخيالية «سنو كراش». يرمز الميتافيرس في هذه الرواية إلى بيئة رقمية انغماسية يتفاعل الناس فيها على شكل شخصيات افتراضية. وسمى هذا الكون الجديد من كلمتين: الأولى هي «ميتا» وتعني ما وراء، والثانية هي «فيرس» وهي مشتقة من كلمة «الكون». وتستخدم شركات التقنية هذا المصطلح لتوصيف عالم ما بعد الإنترنت، والذي قد يعتمد أو لا يعتمد على نظارات الواقع الافتراضي.
يمكنكم أن تتخيلوه كتجسيد للإنترنت تعيشون داخله بدل النظر إليه من الخارج. ولكن هذا العالم الرقمي الجديد لن يكون محصوراً بالأجهزة، إذ أنه سيتيح للشخصيات الافتراضية التحرك في أرجاء فضاء سيبراني كما يتحرك الناس في العالم الحقيقي، وسيسمح لمستخدميه بالتفاعل مع أشخاص على الجانب الآخر من الكوكب وكأنهم في الغرفة نفسها.
يتطلب العالم الافتراضي المتمكن من الجميع أن يكون قادراً على استخدام وشراء إكسسوارات الواقع الافتراضي الخاصة بالرأس. ويجب أن تكون التقنية عصرية وصغيرة الحجم لجذب الناس، ومتطورة بما يكفي للعمل دون مشاكل... وهذا الأمر لم يحصل بعد.
حتى اليوم، اصطدمت إكسسوارات الرأس اللاسلكية المتطورة بالكثير من المشاكل. فقد تميزت نظارة «أوكيولوس كويست 2» من فيسبوك بتصميم جميل ولكن نوعية الصور التي تعرضها كانت رديئة جداً رغم أن سعرها (299 دولاراً) هو الأفضل في السوق؛ أما نظارة «فايف برو 2» من إتش.تي.سي.، فلم تنجح بسبب حجمها المزعج وافتقارها للكثير من قوتها الكومبيوترية دون أسلاكها، فضلاً عن أن سعرها يبدأ من 799 دولارا دون احتساب ثمن أداة التحكم.
• كيف يعمل الميتافيرس؟ نظرياً، يلج المستخدم إلى «الميتافيرس» كما يلج إلى الإنترنت، إلا أنه يجب أن يستخدم إكسسواراً يثبت على رأسه وليس شاشة لرؤية المحتوى، بالإضافة إلى أداة للتتبع الحركي تشبه سوار المعصم الذي تعمل فيسبوك عليه للإمساك بالأشياء.
للحصول على كون افتراضي كامل، لا يمكن لشركة واحدة أن تملك الميتافيرس، تماماً كما لم يمتلك أحد شبكة الإنترنت. ولكن الشركات قد تحاول احتكار زواياها الخاصة من الميتافيرس، كما يفعل بعض عمالقة التقنية اليوم في عالم المحتوى الرقمي عبر وسائل شبيهة بصناعة المال من خدمات الاشتراك بالتطبيقات وبطاقات التبضع والإعلانات.
دالفين براون الخبير الأميركي في التقنية في واشنطن، نقل عن دينيز وايت، مؤسسة شركة «بلاك إكس.آر». للتقنيات الانغماسية قولها: «سيكون هناك لاعبون أقوياء دون شك. فور وضع نظارات الواقع المعزز والبدء برؤية هذه الشخصيات الافتراضية تتجول في أرجاء هذا العالم، ستعرفون أنكم أصبحتم داخل الميتافيرس».
ولكن لم يتضح حتى اليوم كيف ستتحرك الشخصية الافتراضية الواحدة في ظل وجود الكثير من الأجهزة التي طورتها شركات عدة. تشير إحدى النظريات الناشئة إلى أن الميتافيرس سيعمل مثل محركات البحث. فكما يستطيع المستخدم التنقل بين مختلف المواقع الإلكترونية على هاتفه الذكي، سيكون بمقدور الشخصية الافتراضية القفز بين منصات مختلفة مطورة لتتوافق مع منتجات معظم الشركات، حسب ما أفاد دانيال ليبسكيند، الرئيس التنفيذي لمنصة «توبيا» للمحادثات عبر الفيديو.
ويضيف ليبسكيند: «يجب أن يتألف الميتافيرس من مجموعة من التقنيات والخلفيات والمقدمات التي تتفاعل جميعها بشكل جميل».

- لاعبو الميدان الجديد
• من هم اللاعبون الأقوياء في الميتافيرس؟ تتعدد الشركات التقنية الكبرى التي تسعى لحجز مكان لها في الميتافيرس.
فقد أطلقت فيسبوك أخيراً مجموعة منتجات جديدة لبناء مساحة اجتماعية ثلاثية الأبعاد، داعيةً بذلك إلى «نسيج تواصلي» يصل مختلف الخدمات مع بعضها البعض.
وفي مايو (أيار)، قال رئيس مايكروسوفت التنفيذي ساتيا ناديلا إن شركته تعمل لبناء «مشروع ميتافيرس». وفي الشهر الذي سبقه، كشفت «إيبيك غيمز» أنها جمعت مليار دولار لإنفاقها على خططها المرتبطة بالميتافيرس.
وأيضاً، دخل عملاق الحوسبة نفيديا ومنصة الألعاب الإلكترونية «روبلوكس» في سباق المشاركة في هذا العالم. وكانت شركة «سبيشال» قد أطلقت العام الماضي تطبيق واقع افتراضي يتيح للشخصيات الافتراضية الظهور في بيئة المستخدم في العالم الحقيقي.
بدورها، تحركت سنابتشات في هذا الاتجاه لسنوات، مقدمة لزبائنها شخصيات افتراضية ومرشحات تغطي العالم الحقيقي بالمحتوى الرقمي. وطبعاً، لا ننسى آبل وطموحها القديم الجديد فيما يتعلق بالواقع المعزز.
وكانت شركة «ماجيك ليب» من أوائل الشركات التي جذبت الاهتمام لهذا الفضاء بعيد إطلاقها لتطبيق واقع معزز عام 2011، تبيع الحصة الأكبر منه اليوم للشركات التجارية، بحسب موقعها الإلكتروني.
ولكن المساحة لا تزال واسعة لانضمام المزيد من الشركات الناشئة على اعتبار أن العالم الرقمي سيتطلب كميات هائلة من المحتوى والأدوات والأماكن لرؤيته والتفاعل معه.
• هل سيصبح الميتافيرس حقيقةً فعلاً؟ هذا الأمر ليس واضحاً بعد. صحيح أن التطورات التقنية ساهمت في تخفيض وزن وسعر إكسسوارات الرأس المخصصة للواقع الافتراضي في السنوات القليلة الماضية، إلا أن هذه الأجهزة يستخدمها عدد محدد من الأشخاص أبرزهم محبو الألعاب الإلكترونية. ولكن معظم اللاعبين الإلكترونيين لا يملكون نظاماً للواقع الافتراضي، إذ كشفت أرقام جمعية البرامج الإلكترونية الترفيهية أن 29 في المائة فقط من 169 مليون لاعب إلكتروني في الولايات المتحدة يملكون واحداً منها.
وفي هذه اللحظة، لا تزال إكسسوارات الرأس للواقع الافتراضي تراوح مكانها كأدوات فرعية لمنصات الألعاب الإلكترونية ولا يوجد دليل مقنع على أنها ستتطور أكثر من ذلك. وتعد الألعاب الإلكترونية مجالاً تجارياً كبيراً، وهي تمثل مئات ملايين الأشخاص ولكن ليس المليارات منهم، وهذا يعني أنها ليست تجربة عالمية بعد.


مقالات ذات صلة

نهاية احتكار «أبل»؟ فورتنايت تعود و«إيبيك» تقترح تسوية عالمية

تكنولوجيا المحكمة الأميركية تُقيد سيطرة «أبل» على متجر التطبيقات و«إيبيك» تعرض إنهاء النزاع وعودة «فورتنايت» مقابل تطبيق القرار عالمياً (فورتنايت)

نهاية احتكار «أبل»؟ فورتنايت تعود و«إيبيك» تقترح تسوية عالمية

في حكم تاريخي، أُدينت «أبل» بانتهاك أمر قضائي يمنعها من تقييد المطورين بتوجيه المستخدمين نحو وسائل دفع خارج متجر التطبيقات.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص لا تزال كلمات المرور نقطة ضعف رئيسة في البنية الرقمية للمؤسسات (شاترستوك)

خاص في اليوم العالمي لكلمات المرور: أمن الهوية الرقمية مهدد في عصر الأجهزة الذكية

تزداد التهديدات مع انتشار أجهزة xIoT (الإنترنت الممتد للأشياء) بينما تبقى كلمات المرور الافتراضية والأخطاء البشرية ثغرات خطيرة تتطلب أتمتة وتوعية

نسيم رمضان (لندن)
خاص «فيراري» و«آي بي إم» تطلقان تطبيقاً جديداً يعزز تجربة مشجعي «فورمولا 1» من خلال الذكاء الاصطناعي (آي بي إم)

خاص «فيراري» و«آي بي إم» تُطلقان تجربة رقمية جديدة لعشاق «فورمولا 1»

التطبيق الجديد المدعوم بالذكاء الاصطناعي يقدم محتوى تفاعلياً ومخصصاً ويعيد تعريف تجربة مشجعي «فورمولا 1» رقمياً وعلى مدار الساعة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يفيد مستخدمون بأن الإصدار الجديد من «شات جي بي تي» أصبح يبالغ في الإطراء ويبدو مفرط الحماسة حتى في أبسط التفاعلات (أدوبي)

هل بات «تشات جي بي تي» متملقاً أكثر من اللازم؟ جرّبناه لنكتشف

شكاوى من مستخدمين وحتى سام ألتمان بأن ردود «GPT - 4o» أصبحت أشبه بتحفيز مفرط وابتسامة رقمية لا تختفي، حتى في المواقف التي لا تستدعي ذلك.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد حفل إدراج الشركة العام الماضي بالسوق المالية السعودية (تداول)

صافي ربح «رسن» السعودية يقفز 216.7 % في الربع الأول

حققت «رسن لتقنية المعلومات» نمواً بصافي الربح بنسبة 216.7 % بالربع الأول من 2025 إلى 30 مليون ريال بدعم الإيرادات والكفاءة التشغيلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نهاية احتكار «أبل»؟ فورتنايت تعود و«إيبيك» تقترح تسوية عالمية

المحكمة الأميركية تُقيد سيطرة «أبل» على متجر التطبيقات و«إيبيك» تعرض إنهاء النزاع وعودة «فورتنايت» مقابل تطبيق القرار عالمياً (فورتنايت)
المحكمة الأميركية تُقيد سيطرة «أبل» على متجر التطبيقات و«إيبيك» تعرض إنهاء النزاع وعودة «فورتنايت» مقابل تطبيق القرار عالمياً (فورتنايت)
TT
20

نهاية احتكار «أبل»؟ فورتنايت تعود و«إيبيك» تقترح تسوية عالمية

المحكمة الأميركية تُقيد سيطرة «أبل» على متجر التطبيقات و«إيبيك» تعرض إنهاء النزاع وعودة «فورتنايت» مقابل تطبيق القرار عالمياً (فورتنايت)
المحكمة الأميركية تُقيد سيطرة «أبل» على متجر التطبيقات و«إيبيك» تعرض إنهاء النزاع وعودة «فورتنايت» مقابل تطبيق القرار عالمياً (فورتنايت)

في حكم تاريخي قد يُغيّر ملامح متجر التطبيقات (App Store) بشكل جذري، قضت محكمة أميركية بأن شركة «أبل» (Apple) قد انتهكت أمراً قضائياً سابقاً يعود لعام 2021، الذي يمنعها من تقييد المطورين في كيفية توجيه المستخدمين نحو وسائل دفع خارج متجرها الرسمي. هذا القرار جاء ضمن النزاع القضائي الطويل مع شركة «إيبيك غيمز» (Epic Games)، مطوّرة لعبة فورتنايت (Fortnite).

تفاصيل الحكم

أصدرت المحكمة الفيدرالية للمنطقة الشمالية من كاليفورنيا حكماً قضائياً مهماً يقيد ممارسات شركة «أبل» داخل متجر التطبيقات، ويمنح المطورين مزيداً من الحرية في خيارات الدفع والترويج لها.

ينص الحكم على السماح للمطورين بالترويج لخيارات الدفع خارج التطبيق، سواء من خلال روابط أو أزرار أو نصوص داخل التطبيق، دون تدخل من «أبل».

كما يقضي بمنع «أبل» من فرض أي رسوم أو عمولة على المشتريات التي تتم خارج متجرها، بما في ذلك العمولة السابقة التي كانت تصل إلى 27 في المائة.

ويشمل الحكم أيضاً حظر استخدام الشاشات التي تُعرف بـ«شاشات التخويف» والتي تحذر المستخدم عند محاولته مغادرة التطبيق، حيث يجب على «أبل» الالتزام برسائل حيادية فقط.

ويُسمح كذلك باستخدام الروابط الديناميكية التي تنقل المستخدم مباشرة إلى صفحة المنتج في حال كان مسجلاً دخوله. وأخيراً، يمنع الحكم استثناء أي فئة من التطبيقات أو المطورين من الاستفادة من هذه التغييرات، ما يضمن تكافؤ الفرص لجميع الأطراف.

وقد وصفت المحكمة محاولات «أبل» بالتلاعب و«عرقلة الامتثال» لحكم 2021، كما أحالتها إلى الجهات المختصة لاحتمالية توجيه تهم جنائية بازدراء المحكمة بعد أن تبيّن أن أحد كبار مسؤولي الشركة أدلى بشهادة غير صحيحة تحت القسم.

وعبر حسابه على موقع «X»، قال الرئيس التنفيذي لشركة «إيبيك غيمز»، تيم سويني إن «لا رسوم على المعاملات عبر الويب. لقد انتهت لعبة ضريبة (أبل). رسوم (أبل) غير المبررة التي تتراوح بين 15 في المائة و30 في المائة أصبحت الآن ميتة في الولايات المتحدة الأميركية، تماماً كما هي في أوروبا بموجب قانون الأسواق الرقمية. غير قانونية هنا، وغير قانونية هناك. 4 سنوات و4 أشهر و17 يوماً».

رد «إيبيك غيمز» وعرض السلام لإنهاء النزاع

عقب صدور الحكم، أعلنت شركة «إيبيك غيمز» (Epic Games) عن «انتصارها» في المعركة القضائية ضد «أبل»، وطرحت ما وصفته باتفاق سلام لإنهاء الخلاف بين الطرفين. ويتضمن هذا الاتفاق المرتقب إعادة لعبة فورتنايت (Fortnite) إلى متجر التطبيقات على أجهزة آيفون داخل الولايات المتحدة خلال الأسبوع المقبل، ما يمهد الطريق لعودة واحدة من أكثر الألعاب شهرة إلى مستخدمي iOS. كما أعلنت «إيبيك» عن استعدادها لإنهاء جميع الدعاوى القضائية المرفوعة ضد «أبل» في مختلف أنحاء العالم، في خطوة تهدف إلى طي صفحة النزاع القضائي. ورغم ذلك، قررت الشركة التخلي عن مطالبها السابقة بإنشاء متجر تطبيقات مستقل خاص بها على نظام iOS، لكنها أكدت في الوقت نفسه أنها ستواصل الضغط على الهيئات التشريعية لدفع «أبل» نحو مزيد من الانفتاح والتغيير في سياساتها.لكن الشركة اشترطت أن تطبّق «أبل» الحكم القضائي عالمياً، وليس فقط داخل أميركا.

ماذا بعد؟

من المتوقع أن تعود لعبة فورتنايت (Fortnite) إلى متجر تطبيقات «أبل» داخل الولايات المتحدة خلال الأسبوع المقبل، ما لم تقدم «أبل» على حظرها مجدداً. وإذا وافقت «أبل» على شروط شركة «إيبيك غيمز» وعممت التغييرات التي فرضها الحكم القضائي على مستوى عالمي، فقد يكون ذلك بمثابة نقطة تحول كبرى في صناعة التطبيقات، من حيث سياسات التوزيع وخيارات الدفع والقيود المفروضة على المطورين. ومع ذلك، لا تزال «أبل» تواجه تهديدات قانونية محتملة، إذ تبقى عرضة للعقوبات وربما حتى الاتهامات الجنائية، ما يضع ضغوطاً إضافية على الشركة لتعديل سياساتها بما يتماشى مع متطلبات الشفافية والتنافسية العادلة.

يمثل هذا الحكم انتصاراً كبيراً لشركة «إيبيك غيمز»، وضغطاً هائلاً على «أبل» لتغيير سياساتها الاحتكارية داخل متجر التطبيقات. وإذا استجابت «أبل» لعرض السلام، قد نكون أمام بداية مرحلة جديدة من المنافسة العادلة داخل نظام iOS.