إصدار أول مرجع قانوني عربي لسوق الفن التشكيلي

يمهّد لسن تشريعات تواكب ازدهار حركة البيع

TT

إصدار أول مرجع قانوني عربي لسوق الفن التشكيلي

حقول شائكة ومساحات لا بأس بها من التخبط وضياع حقوق المبدعين تواجه عالم حقوق الملكية الفكرية، لا سيما في مجال الفن التشكيلي الذي نادراً ما يتم التطرق إليه في مصر والعالم العربي. وفي خطوة جادة رائدة تُعد همزة الوصل بين الفن والقانون، وتقنين ممارساته ووضعها في قالب قانوني، صدر حديثاً كتاب «قضايا سوق الفن التشكيليِّ: من وحي سوق الفن وعوالم الملكية الفكرية»، للكاتب المحامي المصري ياسر عمر أمين المدرب المعتمد من المنظمة العالمية للملكية الفكرية بسويسرا (WIPO).
ربما لا يلتفت كثيرون إلى أنه أصبح للفن التشكيلي سوقاً نشطة وازنة تشهد حركات مستمرة من البيع والشراء والاقتناء والاستعارة، وأن هذه السوق لم تعد بمعزل عن الاقتصاد العالمي، إذ تمثل جزءاً مهماً منه يؤثر فيه هبوطاً وصعوداً، ولا يكف بدوره عن التفاعلِ المستمر مع القانونِ، سواءَ في مرحلة ولادة الأعمالِ الفنية أو في أثناء نموِها وتطورِها أو توثيقها وتسويقها، ما جعل منها كياناً لا يُمكن أنْ يُتخيلَ معه أن تبقى تلك السوق بمعزل عن التقنين، وهو ما شرحه ياسر أمين لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «ما دفعني لتأليف هذا الكتاب هو خلو المكتبة العربية من أي مرجع قانوني متخصص يواكب ويتناول قضايا سوق الفن التشكيلي التي أثيرت خلال الفترة الأخيرة، في الوقت الذي باتت فيه سوق الفن والفنانين التشكيلين ومهنيي سوق الفن، كالخبراء ودور المزادات والغاليري والمتاحف وهواة الاقتناء، في أمسّ الحاجة لوجود مؤلَّف مواكب لمثل هذه القضايا والإشكاليات كي يتناولها بالتحليل والفحص والتمحيص، في ضوء قانونية الملكية الفكرية وسوق الفن، ويكشف الكواليس الخفية لأشهرها، لا سيما أنّ ممارسات سوق الفن في الحقبة الأخيرة كانت تتمخض عنها في كل يوم إشكالية جديدة مستحدثة».
ويستمتع القارئ عند مطالعة الكتاب بأريج رحلة فنية إلى قضايا سوق الفن التشكيلي وعوالم الملكية الفكرِية، ويعيش بين روائع فنية مصرية وعربية لكبار التشكيليين، والحكايات والخبايا والأسرار المرتبطة بالمقتنيين وحركة المزادات وألغاز اختفاء وسرقة كثير من الأعمال الفنية الشهيرة. فالكتاب الصادر عن دار نشر «إيه آر غروب» (AR Group) في 336 صفحة الذي يرسخ لفكرة تأسيس قانون لسوق الفن العربي، وكذلك تعريب وتمصير تلك الفكرة في ضوء قانون الملكية الفكرية، هذا الكتاب بكل زخمه القانوني وثرائه المعرفي كان منتبهاً طوال الوقت إلى أنّه بصدد بعد آخر، هو الفن بنسيجه الحريري، فلم يقع في فخ الأسلوب الجامد المحشو بالمصطلحات والنظريات القانونية، إنّما قدم طرحاً لآرائه الشخصية المستندة إلى بحوث ودراسات عدة في المجالِ، وإقناعاً مدججاً بالحجج والقرائنِ والبراهين، عبر عرض يسير للقضايا التي تناولَها في سلاسة واضحة، مما يجعل الكِتاب يصل إلى كل القراء، وليس المتخصص وحده.
وفي السياق، يتميز الكتاب بتناوله حالات قانونية مختلفة لإثراء خبرة الفنانين والمقتنيين وأصحاب الغاليريهات والعاملين في مجال المزادات إزاء المشكلات المماثلة بشكل علمي محدد، بعيداً عن الآراء المطاطة والألفاظ مزدوجة الإيحاءات.
وساعد على ذلك أن المؤلف الذي ولد لأبوين أكاديميين لهما باع طويل في الثقافة الفرنسية كان لقاؤه الأولُ بالفن حينما اعتاد في صغرِه على تصفح كتبِ الأدب الفرنسي التي كانت تحفل بصور الأعمالِ الفنية، وفق قول الدكتورة أمل نصر أستاذة التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية في مقدمة الكتاب. فقد عاش المؤلف في فرنسا 8 سنوات من طفولته، تضوعَ خلالها عطر الفن. وبعد تخرجه في كلية الحقوقِ جامعة عين شمس، وحصوله بعد ذلك على الدبلومِ الجامعي للدراساتِ القانونية الفرنسية (DUEJF) من جامعة جان مولان، وعلى الماجستيرِ في «الملكية الأدبية والفنية»، وإعداده الآن لرسالته للحصولِ على درجة الدكتوراه من جامعة بواتييه، لم يفقد المؤلف صلته بالفنِ، فلا يزال أيضاً شغوفاً بزيارة المتاحِفِ والمعارض الفنية في العالم.
لكن لماذا اختار هذا المجال تحديداً ليكون قضية أساسية من أبحاثه، وموضوعاً لكتابه الأخير الذي يُعد الجزء الثاني من موسوعته: «الجامع الياسر في حق المؤلف وقانون سوق الفن في مصر وفرنسا»، يرد قائلاً: «أصبحت سوق الفن قطاعاً قائماً بذاته، وتمخضت عنها كثير من الإشكاليات القانونية، الأمر الذي جعل من المستحيل أن تبقى سوق الفن في معزل عن القانون، لا سيما منذ افتتاح دار (كريستيز) للمزادات العالمية فرعاً لها في دبي، وتمركز دار (سوثبي) في الدوحة، وتوسع نشاط سوق الفن في البلاد العربية، وازدهار حركة التعاملات بالمنطقة العربية، إذ أصبحنا بأمس الحاجة إلى وضع تنظيم وإطار قانوني حاكم لمختلف التعاملات بين مهنيي سوق الفن، وكان لا بد من اتخاذ التدابير القانونية المناسبة من أجل تنظيمها بدقة، والعمل على إرساء أسس قوية لقانون سوق الفن العربي».
ومن أكثر أقسام الكتاب حيوية وإثارة للجدل بعض الملاحق المهمة التي تنقل صورة صادقة عن واقع سوق الفن، منها على سبيل المثال بلاغه للنائب العام الذي تقدم به بشأن لوحة «للفنان الرائد محمود سعيد، وصورة من الحكم الصادر في أول قضية تزييف لوحات فنية للفنانين الرواد تطرح أمام القضاء المصري، بالإضافة إلى نماذج من شهادات توثيق صحة أعمال فنية منسوبة لبعض الفنانين الرواد».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.