«الخريطة الوبائية» تكشف تباين المشهد اللقاحي في العالم

بعد عامين على ظهور الجائحة في الصين

أعداد كبيرة تصطف للحصول على اللقاح قرب الحدود بين هندوراس ونيكاراغوا (أ.ف.ب)
أعداد كبيرة تصطف للحصول على اللقاح قرب الحدود بين هندوراس ونيكاراغوا (أ.ف.ب)
TT

«الخريطة الوبائية» تكشف تباين المشهد اللقاحي في العالم

أعداد كبيرة تصطف للحصول على اللقاح قرب الحدود بين هندوراس ونيكاراغوا (أ.ف.ب)
أعداد كبيرة تصطف للحصول على اللقاح قرب الحدود بين هندوراس ونيكاراغوا (أ.ف.ب)

بعد عامين تقريباً على ظهور الإصابة الأولى المسجّلة بكوفيد 19 منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) في الصين وانتشار الوباء الذي أوقع حتى الآن قرابة خمسة ملايين ضحيّة، ما زالت قيادة الحرب العالمية ضد الجائحة مرهونة باللقاحات التي تمّ تطويرها بسرعة غير مسبوقة وتوزّع منها إلى اليوم 6.8 مليون جرعة.
لكن «الخريطة الوبائية» التي تتابع منظمة الصحة العالمية على أساسها وتحيّنها كل أسبوع، ترسم صورة متفاوتة جداً للمشهد اللقاحي في العالم: من جهة أميركا الشمالية وأوروبا الغربية وبعض بلدان الشرق الأوسط حيث تجاوزت التغطية اللقاحية 75 في المائة من مجموع السكان، ومن جهة أخرى أفريقيا وروسيا ومعظم بلدان أوروبا الشرقية حيث لا تزال هذه التغطية دون المستويات المطلوبة لمنع ظهور موجات وبائية ومتحورات فيروسية جديدة. وتتقدّم البرتغال على شركائها في الاتحاد الأوروبي بنسبة 88 في المائة، بينما ما زالت التغطية اللقاحية تراوح عند 65 في المائة في الولايات المتحدة. وتفيد بيانات منظمة الصحة أن 3.8 مليار شخص تلقّوا في الأقل جرعة واحدة من اللقاح، فيما بلغت نسبة الذين تناولوا الدورة الكاملة 38 في المائة من مجموع سكان العالم.
أما بالنسبة لعدد الجرعات الموزّعة حسب البلدان، تحتلّ الصين المرتبة الأولى بعد توزيعها 2.2 مليار جرعة، تليها الهند التي احتفلت مؤخراً بتوزيع مليار جرعة على سكانها، والتي تتصدّر قائمة البلدان المنتجة للقاحات. وتذكّر منظمة الصحة في تقريرها الأخير المرفق بهذه الخريطة الوبائية، بأن العالم لم يستخلص العبرة من ظهور متحوّر دلتا، وأن التغطية اللقاحية العالمية الشاملة هي وحدها الكفيلة بالسيطرة كليّاً على الوباء ومنع ظهور متحورات جديدة. بلدان مثل إريتريا وكوريا الشمالية مثلاً، لم توزّع لقاحاً واحداً بعد، فيما وزّعت بوروندي الجرعة الأولى يوم الخميس الفائت، ولا يزال متوسط نسبة التلقيح في القارة الأفريقية دون 4 في المائة من السكان ولا يتجاوز 3 في المائة في 15 بلداً.
وكانت منظمة «أوكسفام» ندّدت بأن الدول الغنيّة سبق وتعهدت التبرّع بما يزيد على 1.8 مليار جرعة إلى الدول الفقيرة، لكنها لم تقدّم حتى الآن سوى 261 مليون جرعة، معظمها من اللقاحات التي قرّرت عدم توزيعها على سكانها مثل لقاح أسترازينيكا. وفي تعليقه على التقرير دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تادروس ادحانوم غيبريسوس البلدان الأعضاء في مجموعة العشرين، التي ستعقد قمتها المقبلة في روما نهاية الأسبوع الجاري، إلى الوفاء بالالتزامات التي قطعتها، فيما أشار سفير المنظمة للصحة العالمية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق غوردون براون إلى «أن برنامج كوفاكس ما زال بحاجة إلى نصف مليار جرعة لقاح لبلوغ هدف تلقيح 40 في المائة من سكان جميع البلدان بحلول منتصف العام المقبل، بينما يزيد عدد الجرعات غير المستخدمة في البلدان الغربية على 240 مليوناً».
واللافت أن الدولة الوحيدة التي استثناها المدير العام للمنظمة من الانتقاد والتلميح إلى عدم الوفاء بالتعهدات المقطوعة، هي الولايات المتحدة التي شكرها على «دورها القيادي في تقاسم اللقاحات معه البلدان الفقيرة»، وذلك رغم التوتر الذي يسود العلاقات بين واشنطن والمنظمة بسبب أداء الأخيرة تجاه الصين في بداية الجائحة.
ويذكر أن الولايات المتحدة قدّمت حتى الآن 200 مليون جرعة، معظمها من فايزر، إلى برنامج كوفاكس، كما حصلت على نصف مليار جرعة من شركات الأدوية الكبرى لتوزيعها على البلدان الفقيرة. وكانت واشنطن عادت وطلبت يوم الخميس الفائت تعليق العمل ببراءات اختراع اللقاحات ضد كوفيد، الذي ما زالت تناقشه منظمة التجارة العالمية منذ يونيو (حزيران) الفائت من غير أن تتوصّل بعد إلى نتيجة بسبب تمنّع بعض الدول الغربية وشركات الأدوية.
وتجدر الإشارة إلى أن العقبة الرئيسية التي تحول دون إنتاج كميات كبيرة من اللقاحات المطورة بتقنية RNA، هي التكنولوجيا المتطورة والمعرفة الفنية التي ترفض شركات الأدوية تقاسمها مع أي جهة، نظراً للمكاسب المالية الضخمة التي من المنتظر أن تجنيها من إنتاج اللقاحات ضد كوفيد وتطوير لقاحات وأدوية أخرى في المستقبل. ويذكر أن منظمة الصحة العالمية حاولت تذليل هذه العقبة بتكليفها مركزين في جنوب أفريقيا للبحوث البيوتكنولوجية استنساخ أسرار اللقاح، لكن من غير المتوقع أن تظهر نتائج المحاولة في القريب المنظور كما أفاد أحد خبراء المنظمة.
وكانت الإدارة الأميركية سرّبت مؤخراً إلى كبريات الصحف ووسائل الإعلام استياءها من تصرّف شركة مودرنا، بعكس شركة فايزر، التي ما زالت تتردد في التبرّع بجرعات إلى البلدان الفقيرة. وكان 12 عضواً في الكونغرس الأميركي وجّهوا رسالة إلى الشركة يذكّرون فيها بأنها حصلت على 10 مليارات دولار من الخزينة الفيدرالية لتطوير لقاحها، فيما هي اليوم ترفض تقاسم هذه التكنولوجيا التي طورّتها بفضل المال العام. ويذكّر أعضاء الكونغرس في الرسالة بأن الحكومة مخوّلة كشف الأسرار الصناعية للشركة، لكن يستبعد الخبراء أن تلجأ الإدارة إلى مثل هذه الخطوة.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.