تونس: قنوات حوار جديدة بين «اتحاد الشغل» والحكومة

TT

تونس: قنوات حوار جديدة بين «اتحاد الشغل» والحكومة

ضمن سلسلة من المشاورات التي شرع «اتحاد الشغل» التونسي (نقابة العمال) في تنظيمها مع ممثلي الحكومة الجديدة، أعلن سامي الطاهري المتحدث باسمه عن برمجة لقاء مساء الأربعاء المقبل بين رئيسة الحكومة نجلاء بودن ورئيس الاتحاد نور الدين الطبوبي، وهو أول لقاء يعقد بين الطرفين منذ تكليف بودن من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد بتشكيل الحكومة الجديدة التي خلفت حكومة هشام المشيشي.
وكانت القيادات النقابية قد عقدت نهاية الأسبوع الماضي عدة لقاءات ثنائية شملت وزارتي الاقتصاد والشؤون الاجتماعية وطالبت النقابة من الحكومة إطلاعها على مشروع الميزانية التكميلية للسنة الحالية وميزانية السنة المقبلة. كما سبق للجهة النقابية نفسها عقد لقاءات مع وزراء النقل والبيئة والشؤون الدينية في إطار استئناف الحوار مع الحكومة الجديدة وهي خطوة اعتبرت بمثابة فتح قنوت الحوار من جديد مع الحكومة حول عدد من الملفات الشائكة من بينها اتفاقيات نقابية تعود إلى سنوات خلت، والانطلاق من جديد في الحوار حول زيادات محتملة في الأجور نتيجة ارتفاع تكلفة المعيشة. وكان الطاهري قد اعتبر في تصريحات سابقة أن تشكيل الحكومة الجديدة سيساهم في سد الفراغ الحكومي ويعيد دوران دواليب الدولة التي تعطلت منذ نحو ثلاثة أشهر حين اتخذ الرئيس التونسي قراراً بتفعيل الفصل 80 من الدستور وتنفيذ التدابير الاستثنائية في تونس.
وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الحالية المحسوبة على رئيس الجمهورية مدعوة لتنسيق أعمالها مع اتحاد الشغل الطرف الاجتماعي القوي في تونس، ولا يمكن بالتالي إقرار هدنة اجتماعية فعلية دون تشريك القيادات النقابية. ومن المنتظر أن تكون العلاقة بين الحكومة والاتحاد خاضعة للكثير من الشد والجذب نتيجة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس على حد تقديره. وتوقع العرفاوي أن تعتمد رئاسة الحكومة قدراً كبيراً من التفهم والليونة في علاقتها مع نقابة العمال وأن تسعى لإقناع الطرف النقابي بصعوبة المرحلة الحالية حتى تقطع الطريق أمام عدد من التحالفات الأخرى التي قد تعيد بعض الأطراف السياسية إلى الواجهة.
في غضون ذلك، أعلن حزب التيار الديمقراطي المقرب من الجهات النقابية عن انتخاب سامية عبو رئيسة للمجلس الوطني، وذلك خلال المجلس الوطني للحزب المنعقد يومي 23 و24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بمدينة الحمامات (60 شمال شرقي العاصمة التونسية). وقد خصص هذا المجلس للتداول حول الوضع العام في البلاد وفي الوضع الداخلي للحزب استعداداً لتنظيم مؤتمره الثالث الذي سيفرز قيادة سياسية جديدة في ظل الظرف السياسي الاستثنائي الذي تعيشه تونس.
على صعيد آخر، أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد أربع بطاقات إيداع بالسجن في حق أربعة متهمين منهم مندوب جهوي سابق ومهندس أول إلى جانب رئيسي مصالح بالمندوبية، وأعلن الإفراج عن 10 متهمين في قضية الفساد بالمندوبية الجهوية للشباب والرياضة بسيدي بوزيد (وسط) التي انطلق التحقيق فيها منذ الأسبوع الماضي.
وكانت النيابة العامة التونسية قد أذنت يوم الجمعة بإيقاف خمسة رؤساء مصالح بالمندوبية الجهوية للشباب والرياضة وإدراج ثلاثة آخرين في التفتيش وإحالة أربعة آخرين في حالة تقديم من أجل تهم تتعلق بالفساد المالي والإداري وذلك بعد تلقيها لبلاغ عن شبهة فساد وقد أحالت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد الملف لفرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بسيدي بوزيد التي باشرت البحث وقامت باستنطاق المتهمين ومن ضمنهم وزيرة الشباب والرياضة السابقة ومدير الديوان مع متفقدين بالوزارة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».