أثارت دار «سوذبيز» عاصفة من التعليقات والصور في الشهر الماضي بعد عرضها لأهم قطعة في مزادها المقبل لفنون العالم الإسلامي والهند، وهي نظارات مغولية بعدسات من الماس والزمرد. والآن، تكشف الدار عن باقي محتويات المزاد الذي سيقام في الـ27 من الشهر الحالي، والذي يضم مجموعة من المصاحف النادرة والمجوهرات الهندية والمخطوطات، إضافة إلى قطع مملوكية تضمن الإقبال على متابعة المزاد، إما للشراء والاقتناء أو لمعرفة الأسعار التي ستحققها تلك القطع الخارجة من تاريخ غني حافل.
ويقدم المزاد عدداً من القطع المهمة، بما في ذلك تحفة معدنية تعود للقرن الثالث عشر، وعدد من المصاحف المهمة، والأدوات الفلكية، والمنمنمات الفارسية، وسجادة صفوية «بولونية» جميلة، إضافة إلى 3 لوحات للسلطان سليمان الأول وزوجته وابنته.
- المصاحف
بلا شك المصاحف التاريخية التي تحمل صفحاتها إبداع أمهر الخطاطين والرسامين تتصدر المزاد، ومن أجملها وأهمها مصحف من القرن السادس عشر مكتوب بماء الذهب، ويعود إلى بلاد فارس في حقبة الحكم الصفوي.
وبحسب بيان الدار، فالمصحف يعد واحداً من عددٍ قليلٍ جداً من المخطوطات الكاملة التي تعتمد على الخط الذهبي في كتابة الجزء الرئيسي من النص بالكامل. وبفضل الاستخدام الفاخر للذهب في المخطوطة بأكملها، وليس فقط للصفحة الافتتاحية المزدوجة والعناوين، فإن ذلك يعد ميزة نادرة، وتدل على مكانة مقتنيها وثروته الطائلة.
ومن القرن السابع عشر، نرى مصحفاً كاملاً من 30 جزءاً، كتبه محمود بن صابر من الصين، كل صفحة فيه مكونة من 5 أسطر مكتوبة بالخط الصيني بالحبر الأسود، والآيات مفصولة بزهيرات ذهبية، وعناوين السورة بخط ذهبي وملون، وسط نقوشات لأزهار ونباتات.
- السلطان سليمان والسلطانة روكسلانة
ومن التاريخ العثماني، يحمل المزاد لوحات للسلطان سليمان الأول، وزوجته السلطانة روكسلانة، وابنته السلطانة مهرماه.
ولوحة السلطان سليمان المعروضة في المزاد تعتمد على نقش للسلطان سليمان أنتجه في الأصل الفنان كلود فينون، وهو رسام فرنسي غزير الإنتاج مهم بشكل ملحوظ في القرن السابع عشر. وتعود الصورة إلى القرن السابع عشر أو الثامن عشر. أما السلطانة روكسلانة، وهي الزوجة الأسطورية للسلطان سليمان الأول، فهي موضوع الصورة التالية المعروضة للبيع ضمن المزاد بمبلغ تقديري يصل إلى 150 ألف جنيه إسترليني. والصورة بعنوان روكسيلانا (حسكي حريم سلطان، 1506-1558)، ورسمها أحد أتباع الفنان الإيطالي تيتيان (تيزيانو فيتشيلي) في شمال أوروبا، أواخر القرن السادس عشر أوائل القرن السابع عشر.
وكانت روكسيلانا الزوجة المفضلة للسلطان العثماني سليمان القانوني الأطول حكماً بين سلاطين آل عثمان (امتد حكمه من 1520 إلى 1566)، وأصبحت أقوى النسوة وأكثرهن نفوذاً في التاريخ العثماني، وارتبطت بعلاقة وثيقة للغاية مع زوجها السلطان العظيم، كما أنجبت له أربعة أبناء (مع أن الأعراف في ذلك العهد كانت تقضي أن تنجب محظية السلطان طفلاً واحداً فقط)، وكانت من أقرب المستشارين السياسيين له.
وتعد هذه اللوحة الفخمة واحدة من الأعمال الفنية القليلة التي تم إنتاجها خلال فترة حياة روكسيلانا، أو بعد وفاتها بفترة وجيزة، فضلاً عن كونها واحدة من أرقى الصور لسيدة عثمانية من القرن السادس عشر.
ولاستكمال ألبوم العائلة الشهيرة، يضم المزاد صورة ابنة السلطان سليمان الأول، مهرماه (محرمة)، التي رُسمت في القرن السابع عشر أو الثامن عشر.
- شمعدان مملوكي
ومن القطع التي تحظى بمكانة أثيرة في سوق الفن الإسلامي تلك التي تعود للعصر المملوكي، ومنها يقدم المزاد شمعداناً فخماً مصنوعاً من النحاس الأصفر، مطعَّماً بالذهب والفضة، يعود تاريخ صنعه إلى عام 1275 تقريباً.
ويعد هذا الشمعدان المتميز أجمل نماذج الأعمال المعدنية الإسلامية التي ظهرت في السوق منذ أكثر من 10 سنوات، ويوجد في المجموعة الخاصة ذاتها منذ ستينات القرن الماضي، وهي التي عرضت مؤخراً في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك.
وتجسد الزخارف التي نُقشت عليه موكباً فخماً يصور رجال الحاشية والموسيقيين لإظهار احتفالات البلاط في تلك الفترة، وربما إضاءة المكان بآلاف الشموع، في أجواء غامرة تصدح فيها أصوات الموسيقى الصاخبة والعروض الراقصة.
- سجادة بولونية
سجادة صوفية فاخرة من الحرير الصفوي والخيوط المعدنية صُنعت في بلاد فارس (يحتمل في مدينة أصفهان) أوائل القرن السابع عشر. وقد نُسجت هذه السجادة خلال العصر الذهبي للفن الصفوي، وتمت الزخرفة الفضية والذهبية بألوانها المتلألئة لهذا النوع الذي يُطلق عليه السجاد «البولوني» من خلال لف خيوط معدنية دقيقة للغاية على امتداد قطر القطعة، وحول خيوط من الحرير يمكن رؤية جانب منها.
وكانت السجادة في السابق ضمن مجموعة رجل الأعمال القاضي إلبرت غاري (1846-1927)، وهو أحد مؤسسي صناعة الصلب الأميركية. وكان قصره الفاخر بمدينة نيويورك يمتلئ بالأعمال الفنية التي قدمها التجار الذين توافدوا على نيويورك من جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط. وبيعت السجادة عندما تم بيع القصر في عام 1928، حيث حصل عليها جون دي روكفلر الذي أهداها لاحقاً لمؤسسة متحف أركنساس للفنون الجميلة. وتطرح الآن في المزاد العلني لأول مرة منذ قرن تقريباً للاستفادة من العائد في صندوق الاستحواذ.
- الخزف الإزنيقي
ونرى أيضاً طبقاً ضخماً من الخزف الإزنيقي مزيناً بأوراق وقطوف العنب، وقد تم إنتاجه في تركيا في عام 1530 تقريباً. ويعد الطبق نموذجاً رائعاً استثنائياً من الخزف الإزنيقي (نسبة إلى بلدة إزنيق غرب الأناضول) في أوائل القرن السادس عشر، وهو مستوحًى من التصميم الذي كان سائداً إبان حكم سلالة مينغ الصينية من بداية القرن الخامس عشر، حيث تم تقليده أيضاً من حيث الحجم الضخم. ويبلغ قطر الطبق 44.5 سنتيمتراً، وهو أكبر طبق إزنيقي تم تسجيله بتصميم يحمل زخارف ورق وقطوف العنب.
- مجوهرات هندية
ولا يخلو مزاد للفن الإسلامي من قطع المجوهرات التي كانت تمثل عنصراً مهماً في ملبس الرجال والنساء على السواء، وتتميز القطع التي تعود للهند بالصناعة المتقنة والنقوشات البديعة والأحجار الكريمة.
وتفتخر الهند بتقاليد الفنون الزخرفية التي لم تنقطع عن التطور على مدار خمسة آلاف عام على الأقل. وقد حدثت طفرة ملحوظة في فنون المجوهرات التقليدية في الهند أواخر القرن التاسع عشر، حيث شهدت هذه الفترة المزج بين المعرفة الحرفية التقليدية لشبه القارة الهندية وخطوط الموضة الأوروبية لتعكس مذاق العصر، ويبرز هذا الجانب جلياً في هذا العقد.
ومن المجوهرات البديعة، يقدم المزاد قلادة مغولية من الزمرد مثبت في أعلاها مينا يتخذ شكل الببغاء، وقد صُنعت في الهند في القرن التاسع عشر، وأُضيف إليها عقد من اللؤلؤ في فترة لاحقة. ويجسد هذا العقد الزمردي العشق الأزلي للنخبة المغولية تجاه الأحجار الكريمة، كما أنه يلقي الضوء على الرمزية المرتبطة بالزخارف، مثل الببغاوات والتأثير المستمر للمجوهرات المغولية على النهج الأوروبي.