الميليشيات تغلق في صنعاء مركز دراسات يتبنى الدعوة للسلام

TT

الميليشيات تغلق في صنعاء مركز دراسات يتبنى الدعوة للسلام

أغلقت الميليشيات الحوثية في صنعاء المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) والذي يعمل منذ أكثر من 14 سنة، وتتركز أنشطته في السنوات الأخيرة على دعوات إحلال السلام وتبني مبادرات محلية لفتح الطرقات المغلقة بين المحافظات، وحل مشكلة توقف صرف رواتب المتقاعدين المدنيين في مناطق سيطرة الميليشيات.
وفيما لم يستغرب ناشطون في صنعاء إقدام الجماعة الحوثية على إغلاق المركز كغيره من عشرات منظمات المجتمع المدني التي صادرتها أو قيدت عملها، لم تتضح على الفور الأسباب التي تقف وراء هذه الخطوة سوى قول أحد المحامين بأن القرار اتخذته شخصية نافذة في قيادة الميليشيات.
وبحسب المحامي اليمني محمد علي الشاوش، فإنه قبل نحو 10 أيام تم إغلاق مقر مركز منارات الواقع في حي الصافية أمام مبنى وزارة المالية بتوجيهات من شخصية نافذة محسوبة على القوة المسيطرة في صنعاء بعيدة عن الجهات المختصة وبعيدة عن الأنظمة والقوانين».
وأوضح المحامي أن هذا الإغلاق «كان مقروناً بتهديد القائمين على المركز بالسجن حال رفض أمر الإغلاق». ووصف هذه التصرفات بأنها بعيدة عن الجهات المختصة وبعيدة عن الدستور والقانون، وقال: «إن الألوان المختلفة لا يمكن أن تكون لوناً واحداً إلا في الظلام، والآراء المختلفة لا يمكن أن تكون رأياً واحداً إلا في ظل مصادرة الآراء وتكميم الأفواه والتعامل مع الناس كقطيع في ظل نظام ديكتاتوري».
وفي مقال له دافع المحامي الشاوش عن الفعاليات والأنشطة التي ينظمها مركز منارات وقال إنها «في معظمها ثقافة وسطية تقول إن اليمن بلد الجميع وإنه يجب أن نعود إلى السلم والسلام ونتخلى عن الثقافات والأفكار المتطرفة التي صنعت الحرب ونقبل بالآخر أياً كان رأيه طالما طرح هذا الرأي بطرق سلمية حضارية بعيداً عن العنف وفي إطار الدستور والقانون».
وأضاف «هذه هي الثقافة التي سيتم الرجوع إليها عاجلاً أو آجلاً إذا أردنا السلام وبدونها لن يحل السلام إطلاقاً، مستغرباً من أنه وفي القرن الحادي والعشرين وفي عصر السماوات المفتوحة وثورة المعلومات المختلفة لا يزال هناك أناس يفكرون بأساليب العصر الحجري» في إشارة إلى الحوثيين.
من جهتها أعلنت إدارة المركز توقف تنفيذ نشاطات البرنامج الفكري الثقافي للمركز معللة ذلك بأنه لإنجاز ترتيبات خاصة بالمركز يجب استكمال الجانب الفني مع الجهات ذات العلاقة.
وقالت الإدارة في الإعلان الموقع من المدير التنفيذي عبد الرحمن العلفي إنها تعلن توقف تنفيذ نشاطات المركز الفكرية والثقافية ابتداءً من 19 أكتوبر (تشرين الأول) وحتى إشعار آخر، دون الإشارة لحادثة الإغلاق والتهديد بحبس من يعترض عليه.
إلى ذلك ذكرت مصادر عاملة في المركز لـ«الشرق الأوسط» أن الإدارة تبذل جهوداً لدى سلطة الميليشيات لكنها ورغم مضي هذه الفترة لم تتلق استجابة.
وكان المركز قد نشط خلال السنوات الثلاث الأخيرة في مبادرات محلية هدفت إلى إقناع الحكومة الشرعية باستئناف صرف رواتب المتقاعدين المدنيين في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي وهو ما تم قبل أن تقدم هذه الميليشيات على منع تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية وحرمان عشرات الآلاف من المتقاعدين من رواتبهم.
وقاد المركز وحلفاء له مبادرات أخرى لإعادة فتح الطريق الرابط بين ميناء عدن ومناطق سيطرة الميليشيات لتسهيل حركة نقل البضائع، وعقد ثلاث اتفاقيات التزمت بها الحكومة وأفشلتها الميليشيات عند التنفيذ، كما قاد وساطة لإعادة فتح الطريق الرابط بين منطقة الحوبان ووسط مدينة تعز لكن المبادرة فشلت.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.