استمتع سوربا توماس بلحظة أخرى لا تُنسى في رحلة صعوده المذهل في عالم كرة القدم، حين شارك كبديل في أول مباراة دولية له مع منتخب ويلز أمام منتخب جمهورية التشيك في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، بعد تسعة أشهر من الانتقال من بورهام وود إلى هيدرسفيلد تاون في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا.
يقول لي برومبي، رئيس عمليات كرة القدم في هيدرسفيلد: «في أول لقاء عقدناه معه، سألناه عن الأهداف التي يسعى لتحقيقها في مسيرته الكروية، فقال إنه يريد اللعب مع منتخب ويلز.
لقد كان متحمسا كثيرا لذلك وقال إنه يريد أن يلعب لمنتخب ويلز بسبب والدته». وأمضى توماس – الذي يحق له اللعب لمنتخب ويلز بسبب والدته، جيل، المولودة في مدينة نيوبورت الويلزية - جزءًا كبيرًا من الصيف وهو يجري على الشاطئ في مدينة بورثكاول الويلزية في محاولة لرفع لياقته البدنية وتقديم مستويات جيدة هذا الموسم.
وانضم توماس إلى تدريبات نادي هيدرسفيلد تاون استعدادا للموسم الجديد قبل البداية الرسمية لفترة الاستعداد بأسبوعين، وبالتالي كان يتدرب مع الفريق الرديف لنادي هيدرسفيلد، بينما كان معظم لاعبي الفريق الأول لا يزالون في إجازة.
وفي أغسطس (آب) الماضي، كان الجناح الويلزي - الذي صنع ستة أهداف ولا يتفوق عليه سوى نجم مانشستر يونايتد بول بوغبا من حيث صناعة أكبر عدد من الأهداف في الدوريات الأربعة الأولى في إنجلترا حتى الآن هذا الموسم – قد حصل على جائزة أفضل لاعب في الشهر في دوري الدرجة الأولى. يقول برومبي عن ذلك: «كانت هذه لحظة استثنائية بالنسبة لي، لأنها كانت بمثابة إعلان مهم عن أنه يأخذ الأمور على محمل الجد حقًا وأنه استوعب كل شيء. لقد عاد وهو أقوى وأفضل من الناحية البدنية من أي لاعب آخر».
وقد حدث الشيء نفسه في نادي بورهام وود قبل ثلاث سنوات، حين بدأ توماس في لفت الأنظار وتقديم مستويات استثنائية. يقول لوك غارارد، مدير أعماله في بورهام وود: «كنت أتحدث دائمًا إلى اللاعبين الصغار بأكاديمية الناشئين حول المشاركة في تدريبات الفريق الأول.
لقد شارك سوربا في تدريبات الفريق الأول وكان من الواضح للجميع أن لديه إصرارا هائلا على أن يثبت للجميع أنه سيواصل اللعب مع الفريق الأول. لقد كان لائقًا من الناحية البدنية وقويًا، ولم يكن الناس ينظرون إليه على أنه لاعب ناشئ، بل كانوا ينظرون إليه على أنه لاعب من الفريق الأول».
وتحول توماس إلى بطل بين عشية وضحاها في ويلز. لقد جذب قلوب الجماهير بعدما أظهر حماسا هائلا في كل المقابلات الصحفية التي أجراها منذ ذلك الحين، سواء كان ذلك من خلال استعراض قميصه الذي وقع عليه زملاؤه في منتخب ويلز، أو كيف كان يحفظ بحماس النشيد الوطني لمنتخب ويلز، أو كيف أصيب بالذهول عندما فتح باب غرفته بالفندق ليرى آرون رامزي.
يقول توماس عن ذلك: «في بعض الأحيان لم أكن أصدق أن هذا هو آرون رامزي! إن الرجال الذين اعتدت على مشاهدتهم على شاشات التلفزيون أو اللعب معهم في الفيفا أصبحوا الآن أمامي!» وإذا احتفظ توماس بمكانه في قائمة منتخب ويلز الشهر المقبل، فمن المحتمل أن يلعب بجانب غاريث بيل، الذي غاب عن هذا المعسكر بسبب الإصابة.
وخلال الأسبوع الماضي، قال توماس، بابتسامته العريضة المألوفة، إنه كان يأمل أن يطلب من بيل الحصول على جواربه وبدلته الرياضية.
يقول غارارد: «قبل سبع سنوات، كان سوربا يلعب في أكاديمية للناشئين في القسم الجنوبي بويلز، وكان بيل في طريقه للفوز بدوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد. وكان سوربا يسافر بالقطارات والحافلات ويستيقظ في ساعات مبكرة ويعود إلى المنزل متأخرا ليلا.
لقد كان لديه الحافز والشغف، كما كانت لديه رؤية واضحة بشأن ما يريد تحقيقه والوصول إليه، ولم يسمح لأي شخص أن يعترض طريقه. إنه دليل واضح على أنه إذا عملت بجد في مهنتك، فستحصل على فرصتك بكل تأكيد».
انضم توماس إلى بورهام وود وهو في السادسة عشرة من عمره بعد فترة اختبار ناجحة، بعدما تخلى نادي وستهام عن خدماته، وهو الأمر الذي دفعه إلى إلقاء وساداته وأحذيته في سلة المهملات آنذاك! لقد وقع توماس للانضمام إلى برنامج التعليم الرياضي التابع لبورهام وود، حيث التحق بدورة تدريبية شخصية ثم دورة في البناء الحجري في الكلية، لكنه كان يعمل في الوقت نفسه في شركة «دي جي سبورتس» حتى يتمكن من تحمل تكاليف السفر إلى التدريب. يقول غارارد ضاحكًا: «سيخبرك بنفسه أنه يستطيع أن يقيم حفل شواء وأنه يستطيع أن يبني منزلا، لكنه لا يستطيع بناء السقف».
وخلال العام الماضي، تم استدعاء توماس لصفوف المنتخب الإنجليزي للهواة للعب ضد ويلز، قبل أن تلغى هذه المباراة بسبب الوباء. كما شهدت المسيرة الكروية لتوماس تطورا هائلا بانتقاله من دوريات الهواة للعب في دوري الدرجة الثالثة، وبالتالي أصبح توماس يتدرب خمسة أيام أو ستة أيام في الأسبوع، بدلا من ثلاثة، بالإضافة إلى أن برنامج التطوير الفردي في نادي هيدرسفيلد تاون، والذي يقدم الدعم للاعبين على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، بدءا من علم النفس وصولا إلى العلوم الرياضية، مما جعل توماس يعمل بشكل وثيق مع اختصاصي التغذية في النادي.
يقول برومبي: «لم يكن يأكل الأشياء الصحيحة ليكون لاعبًا دوليًا، لكن بسبب انفتاحه ورغبته في التعلم، ربما يكون لديه الآن أفضل معدل دهون في الجسم هنا».
ويضيف: «كان يجب أن أوافق على طلبات الطعام حتى أتمكن من رؤية الطعام الذي كان يأكله في أول أسبوعين. عندما جاء لأول مرة، كان هناك عدد قليل من طلبات الطعام في الفندق، وربما كانت مثل الطلبات العادية التي نطلبها أنا وأنت من خدمة الغرف، وليس طلبات وجبات تناسب لاعب كرة قدم محترفا. أنا أعرف الآن تماما أنه لن يطلب مثل هذه الوجبات الآن بعدما أصبح لاعبا دوليا، وهو الأمر الذي يظهر أنه قد تحسن على جميع المستويات».
ويتابع: «لا أعرف كيف يدير المدير الفني، كارلوس كوربران، مثل هذه الأشياء، لكنني أعتقد أنه يسير على نهج المدير الفني الكبير مارسيلو بيلسا نفسه ويزن اللاعبين يوميا.
عندما تلعب في دوري الدرجة الأولى، يتعين عليك أن تكون قويًا من الناحية البدنية، وهو الأمر الذي جعل سوربا يقضى أوقاتا طويلة في صالة الألعاب الرياضية من أجل التحسن». وباعترافه الشخصي، فإن توماس، الذي شارك مع منتخب ويلز مرة اخرى أمام إستونيا، يريد أن يكون الاسم الذي يتردد على شفاه الجماهير وهي ترحل عن الملعب. يقول غارارد: «نحن نشعر بالسعادة بسبب هذا الصبي.
إننا دائما ما نردد الشعار الذي يقول إنه يتعين على كل اللاعبين أن يلعبوا المباراة وكأنها آخر مباراة في مسيرتهم الكروية، لكن الحقيقة هي أن توماس يجسد هذا الشعار تماما، حيث يبذل قصارى جهده دائما داخل الملعب، إن رحلته المذهلة هذا العام إلى المسرح الدولي أذهلت كثيرا من الناس».
سوربا توماس... من أندية الهواة مروراً بهيدرسفيلد وصولاً إلى منتخب ويلز
أصبح بطلاً بين عشية وضحاها بعد ظهوره على المسرح الدولي للمرة الأولى
سوربا توماس... من أندية الهواة مروراً بهيدرسفيلد وصولاً إلى منتخب ويلز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة