ترقب كردي ـ سنّي لـ {اختبار القوة} بين الصدر وخصومه

المرجعية الشيعية لم تدخل على خط الأزمة

TT

ترقب كردي ـ سنّي لـ {اختبار القوة} بين الصدر وخصومه

دخل اختبار القوة بين الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر وقوى الإطار التنسيقي بزعامة عدد من القيادات الشيعية البارزة أسبوعه الثاني، ولا يوجد هناك أفق لتسوية محتملة. وبينما كان المتوقع أن يصدر عن مرجعية النجف خلال خطبة الجمعة في كربلاء أمس، ما يمكن عده بمثابة خريطة طريق لطرفي النزاع تؤدي في النهاية إلى تسوية بين الطرفين، لم يصدر أي موقف عن المرجعية الدينية.
وبينما يفسر المراقبون السياسيون صمت المرجعية بأنه عدم رضا من قبلها عما يجري، فإن الجانب الآخر من الصورة هو أن المرجعية كانت أصدرت بياناً قبيل الانتخابات البرلمانية بأيام دعت فيه الناس إلى المشاركة في تلك الانتخابات، لكن بقيت المشاركة رغم تلك الدعوة دون المستوى المطلوب. الاستثناء الوحيد كان جمهور التيار الصدري الذي يستجيب في العادة لأوامر زعيم التيار مقتدى الصدر أكثر مما يستمع إلى أي مرجعية دينية سواه، رغم أن الصدر أعلن قبل أيام أنه لا يزال طالباً حوزوياً، وأن انهماكه بالشأن العام جعله يتأخر في دراساته الدينية.
نتائج الانتخابات التي بدت مفاجئة هي التي فجرت هذا الصراع الشيعي - الشيعي، لكنه تحول إلى صراع من نوع آخر يتمثل في محاولة عزل الصدر من قبل الإطار التنسيقي لتكوين كتلة أكبر عبر التفاهم مع السنة والأكراد. الصدر من جانبه والذي حاز على المرتبة الأولى بعدد المقاعد (73 مقعداً) لا يزال يحتكم إلى الدستور الذي يمنحه حق تشكيل الحكومة المقبلة.
الكرد والسنة لا يزالون ينتظرون نهاية هذا النزاع بين الأطراف الشيعية الذي يبدو شديد التعقيد بسبب تناقض المواقف حتى داخل أطرافه، الأمر الذي يجعل الشريكين السني والكردي لا يجازفان في التفاهم مع أي طرف على حساب الطرف الآخر بصرف النظر عن طبيعة المكاسب التي يمكن الحصول عليها.
قيادي سني بارز تحدث إلى «الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، قال: «السنة لا يزالون الطرف الأضعف في المعادلة، كون أن حدود التعامل معهم من قبل الشريك الشيعي يحددها عدد المقاعد السنية في البرلمان التي لها أسعارها على صعيد المناصب السيادية، بدءاً من الرئاسات إلى الوزارات إلى باقي تفاصيل المناصب والمواقع»، مبيناً أن «العرب السنة حاولوا طوال كل الانتخابات الماضية أن يرتقوا في صيغة الحكم بالعراق من المشاركة في السلطة إلى الشراكة في صنع القرار، لكنهم فشلوا، وبالتالي فإنه ليس من مصلحتهم المجازفة الآن في أن يكونوا مع هذا الطرف الشيعي ضد ذاك أو العكس». وأضاف: «كل ما يمكن للسنة عمله هو الانتظار حتى يتفاهم الشيعة، وهو أمر يلوح في الأفق رغم التصعيد، وبالتالي يجلسون على طاولة الحوار لتسلم مواقعهم طبقاً لاستحقاقهم الانتخابي لا أكثر».
وأوضح أن «الوضع بالنسبة للكرد يختلف، لأن لديهم إقليماً يحكمونه حتى قبل 2003، ويكون لديهم إطار للسلطة ومؤسسات لا تملك بغداد إلا التفاهم معهم بشأنها بصرف النظر عن الحاكم أو صاحب القرار الشيعي في بغداد، لا سيما أن بين الطرفين الشيعي والكردي تحالفات قديمة، كما أن لدى الكرد مطالب دستورية تتعلق بالمناطق المتنازع عليها، وكذلك التفاهم على طبيعة التعامل بين المركز والإقليم، وهذه كلها تجعل من التفاهم الكردي - الشيعي أمراً مختلفاً عن التفاهم الشيعي - السني». وأشار إلى أنه «في الوقت الذي لم تعلن فيه السنة أي موقف حتى الآن مما يجري، فإن لدى الكرد تصريحات ورسائل تكاد تكون يومية لشركائهم الشيعة، فحواها: إننا موجودون ولنا حقوقنا غير القابلة للتصرف».
في السياق نفسه، فإنه على الرغم من انتظار اختبار القوة بين القوتين الشيعيتين (الصدر والإطار التنسيقي)، فإن رهان الشريكين الكردي والسني، اللذين يعرفان أن الحكومة القادمة لن تتشكل إلا بوجودهما كليهما، هو على تماسك الصدر من جهة وعدم تماسك قوى الإطار التنسيقي من جهة أخرى. ففيما يبدو من السهل التفاهم مع الصدر بوصفه قوة واحدة، فضلاً عن امتلاكه الأغلبية، فإن الإطار التنسيقي لا يجمعه الآن سوى هدف واحد هو الوقوف بوجه الانفراد الصدري من بوابة النتائج غير المعترف بها من قبلهم.
وطبقاً لتوزيع الخسائر بين أطراف قوى الإطار التنسيقي، فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي لا يعد من الخاسرين، بل هو الفائز الشيعي الثاني بعد الصدر. ومع أن المالكي خارج معادلة الخسارة فإن وقوفه مع ما يبدو إجماعاً شيعياً ضد الصدر ينطلق من حاجته إلى أصوات الأطراف الخاسرة من أجل إضافتها إلى أصواته (33 معقداً)، لكي يكون كتلة موازية للصدر يستطيع عبرها المناورة مع السنة والكرد لتشكيل الكتلة الأكبر، تمهيداً لتشكيل الحكومة المقبلة. باقي الأطراف الخاسرة وفي مقدمتها الفتح (بدر بزعامة هادي العامري والعصائب بزعامة قيس الخزعلي)، هي التي تصر على معادلة التصعيد انطلاقاً من عدم الاعتراف بالنتائج والمطالبة بإعادة العد والفرز اليدوي.
في مقابل ذلك، فإن هناك طرفين خاسرين؛ وهما رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي (مقعدان) وعمار الحكيم (مقعدان)، وهما يعرفان أن مقعديهما لم يغيرا من النتيجة لصالحهما. لكنه في الوقت الذي يبدو فيه العبادي صامتاً ربما بانتظار أن تطرحه قوى الإطار التنسيقي مرشح تسوية لرئاسة الوزراء بوصفه الأضعف بينهم على صعيد الوزن الانتخابي انطلاقاً من تجربته في الحكم سابقاً كرئيس وزراء، فإن الحكيم بدأ يستخدم ثقله السياسي خارج إطار معادلة الربح والخسارة من أجل القيام بدور الوساطة والتهدئة. فالحكيم في النهاية هو الأكثر مقبولية من كل الأطراف، سواء كانت قوى الإطار التنسيقي نفسها أو بعضها على الأقل، أو حتى الصدر، فضلاً عن مكانته المرموقة لدى الكرد والسنة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).