راشد الماجد... ازرع جميلاً يعود لك

حاوره نيشان في «جلسة عمر» واحترم خصوصيته

راشد الماجد بعد غياب لعشرين عاماً عن الحوارات
راشد الماجد بعد غياب لعشرين عاماً عن الحوارات
TT

راشد الماجد... ازرع جميلاً يعود لك

راشد الماجد بعد غياب لعشرين عاماً عن الحوارات
راشد الماجد بعد غياب لعشرين عاماً عن الحوارات

نيشان نفسُه، غمره عزٌّ مضاعَف ممزوج بالمفاجأة، وهو يرحّب بضيفه النادر الإطلالات راشد الماجد. هوّنها على الناس: «من سابع المستحيلات أن يوافق على الحضور في لقاء. ندرة حواراته تجعله منتظراً كالعيد». ضيف ثمين، يسير بحذر بين الكلمات. يتربّص لها عوض أن تتربّص له. ويباغتها قبل مباغتته. لا يمنح ثقته للعابرين ويؤمن بالخصوصية الفردية.
قدّمه مُحاوِره على أنه «حالة استثنائية في الحب والحياة والفن»، فأكد حديثه الوصف. يضع الأمور في نصابها: «أنا ضعيف في الكلام وأشعر بالرعب»، فيأتي إلى «جلسة عمر» (إم بي سي) بعالمه المحصّن وسياجه. مبدأه في الحياة: «قلة الكلام تحميني». يقولها بصراحة، وهو يشعر بذنب التقصير في التواصل. إلى أن عوّضت «السوشيال ميديا» شيئاً من ثقل الغياب عن الحوارات لعشرين سنة، فسدّد بعض الديْن لأحبّته.
قد يلام نيشان على حواره فناناً كراشد الماجد باختراق خجول لدواخله، لكنه مشى معه بجانب الحائط، وخاف عليه كخوفه على نفسه. لم يحاوره بكونه فناناً كبيراً فقط، بل أيضاً بكونه صديقاً عزيزاً. وقد سرد خلال اللقاء فصلاً من الفضل، حين كان المُحاوِر ساعياً وراء تحصيل علمه، فتكفّل الضيف بتسديد القسط، دعماً للموهبة وإيماناً بالحق في تحقيق الأحلام.
ينطلق نيشان في الحوار كعارف بالشاردة والواردة. يعلم أين حدوده وأين يتجاوز الحدود. يعلم متى يتقدّم ومتى يتراجع. وكيف يتجرأ وكيف يفضّل احترام الخصوصية على الجرأة والسَّبق. راشد الماجد أمام الإعلامي - الصديق، ومع ذلك ظلّ يشعر بالخوف. هنا يلعب نيشان لعبة الميزان العادل. لا يغلّب كفة على كفة، ولا يبالغ في الأوزان. يدوزن الكفتين: مسؤوليته تجاه الحوار ومسؤوليته تجاه الضيف. فإن كان ضيفه من الصنف الحذر، فسيشعر بالإزعاج لو جرّب أحدهم استفزاز حذره، ولو كان صديقاً عتيقاً كنيشان. وإن كان صنفه مكشوفاً، وقصّر المُحاوِر في استخراج البقايا المُخبّأة، فهنا المجال يتشرّع على الملامة. هكذا تصبح المعادلة: حضور راشد الماجد في ذاته سَبق. وبدهاء إعلامي، يُجمّل نيشان الأسئلة لتصبح بعضاً من رائحة الشِّعر، فيعوّض ما لا تخوّله خصوصية الضيف اقتحامه. ميزان وأخلاقيات.
أكثر من ثلاثين سنة في الفن الفريد، «والآن أستطيع القول إنني تعلّمتُ كثيراً». بدت الحلقة بمثابة استعادة للدروس، خرج منها راشد الماجد مُراكماً مزيداً من الأرباح في سجله. لم يُرد ومُحاوِره ترك ثغرات خلفهما. راحا يعممان الحديث، وفي آن يجرّانه إلى الشخصي. العِبرة الأولى: «أستدير وأمشي. أطنّش لأرتاح نفسياً». هذا تمرين صعب. فالبشر عموماً ميّالون إلى الثأر. لكن الفنان الكبير، ليس فحسب كبيراً بفنه ورقي المسيرة. الأهم، كبير بأخلاقه واتّساع القلب.
الماجد لم يفوّت ثمراً في الحلقة إلا وقطفه: بإعلائه قيمة الغفران، ولو تسبب أعزّاءٌ بالأذى. بالنظرة الإيجابية إلى المستقبل والأهداف. برفض السلبيات وتجاوُز الطعنات. بالفخر بـ«رشّودي» الذي كان صغيراً حين بدأ الغناء، وبعد ثلاثين سنة، أصبح يدرك عظمة الصبر، والإصغاء قبل الكلام، واستخلاص القوة من أكثر أصناف الغدر تسبباً بشلّ الروح وهدمها. «حان وقت الحصاد»، يقولها بثقة وهو يستعيد حماسة الصبي الذي كانه، مُقبلاً على الفرص، متسلّحاً بدعاء الأم ونصيحة الأب، مسافراً وراء الأحلام، مصمماً على افتراسها.
فنان يبلغ مرتبة الشبع، أسمى المراتب. لا يزال متحمّساً كالبدايات، متمسّكاً بالنجاح بكامل إرادته، طامحاً، حالماً، ساعياً، وعنيداً؛ لكن مقابل الشعلة الداخلية، هناك الشمس التي يتّسع دفؤها للجميع خارج الأنانيات. راح يتحدث عن كبار الفنانين بالوهج ذاته حين يتحدث عن فنه ونفسه. هو، باعترافه، رجل دبلوماسي؛ إنما ما عكسه هنا تحديداً، رفعة التربية وصدق الأدب. وفيما آخرون يصغرون بالحسد والتحطيم، ذكّر راشد الماجد بفلسفة «الكارما»: «ازرع جميلاً ليعود لك».
منطقُه أنّ الفنان لا يمكنه الإصغاء إلى أغنياته طوال الوقت. سيُصاب بالملل. ثم إنّ إبداع كبار كمحمد عبده ورابح صقر وعبد المجيد عبد الله وماجد المهندس، سيحفّز على ولادة مزيد من الإبداع، ويحرّك في داخله رغبة تقديم «الفن المختلف». «أتؤمن بالحسد؟»، يردّ على نيشان بأنه موجود، لكنه ليس هاجسه: «التفكير به وتحميله مسؤولية ما يجري، يسلبان منّا الطاقة الخلاقة. أفضّل التركيز على الأهداف».
طريفٌ، لطيف، وهو يعترف بأخطر سرّ: «أحب الطعام كثيراً!». «غيرُ الطعام؟»، يلحّ مُحاوِره على دسّ الملح في الجرح: «الطعام فقط!»، يردّ ضيفه من دون اكتراث للجروح المملّحة. ويضيف كشيء من سرد النكات على الذات: «رأسي ثقيل من خدودي! إنها تكبر، خصوصاً في شهر رمضان»! لكنّ نيشان تلقّاه: «يدفعون المال لتكبير الخدود. عليك أن تفرح!».
وبفرح، تحدث عن السعودية، موطنه: «أرى فيها مستقبلاً جميلاً ومشرقاً»، وعن همّة حكامها: «الإصرار هائل على النجاح وتطبيق الرؤية. حلم كل سعودي يتحقق». رقيق الحوار، رقّة ضيف يغمره السلام الداخلي. «هل أنت سعيد؟»، يختصر نيشان رحلة العمر بسؤال. «أنا راضٍ. الحمد لله». برَّ والديه واحترم فنه وترك في الناس أصدق انطباعات. الرضا مكافأة السماء.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.