«أميرة» يناقش «أطفال الحرية» في فلسطين برؤية شكسبيرية

تارا عبود في لقطة من فيلم «أميرة» (مهرجان الجونة)
تارا عبود في لقطة من فيلم «أميرة» (مهرجان الجونة)
TT

«أميرة» يناقش «أطفال الحرية» في فلسطين برؤية شكسبيرية

تارا عبود في لقطة من فيلم «أميرة» (مهرجان الجونة)
تارا عبود في لقطة من فيلم «أميرة» (مهرجان الجونة)

خطف فيلم «أميرة» قلوب الجمهور عند عرضه في مهرجان «الجونة» السينمائي المصري ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي ينافس على إحدى جوائزها بقوة، حسب نقاد. شارك في إنتاج الفيلم كل من مصر والأردن والسعودية والإمارات، وكشف المنتج محمد حفظي المشارك في إنتاجه، أنّ ميزانيته تخطت 350 ألف دولار، وشاهده نحو 1500 شخص بكثير من التوتر والقلق، إذ طرح حلقة جديدة في سياق الأزمة الفلسطينية لم تتطرق إليها السينما من قبل، تتعلق بـ«أطفال الحرية» الذين يولدون عبر تلقيح صناعي من نطفة الآباء الذين يؤسَرون في المعتقلات الإسرائيلية لسنوات طويلة.
وسلّط الفيلم الضوء على هذه القضية من خلال «أميرة» المراهقة التي تتدفق حيوية، وتمارس هوايتها في التصوير الفوتوغرافي، تعيش مع الأم والجدة والعم في غياب الأب، تركّب «أميرة» صورة تجمعها بأبيها عن طريق الفوتوشوب، فهي لم تلتقِه منذ مولدها إلا خلال زيارات متكررة مع الأم تتم عبر حاجز زجاجي يفصل بينهم، يطمح الأب في إنجاب طفل آخر، وبعد رفض من الزوجة توافق، لكن أزمة تتفجر بهذه الخطوة حين يكتشف الأطباء عقم الزوج ووجود عيب خلقي يَحول دون إمكانية إنجابه في الماضي والحاضر، فتطال الاتهامات الجميع، وتواجه «أميرة» أزمة إثبات هويتها، وتتشكك في كل شيء بعدما تتم مساءلتها، تتحول «أميرة» من مراهقة صغيرة إلى فتاة ناضجة تصر على معرفة هويتها وتسير في طريق محفوف بالمخاطر والأسئلة الشائكة.
يعد الفيلم ثالث الأفلام الطويلة للمخرج محمد دياب بعد فيلميه «676» الذي تناول قضية التحرش ونال 20 جائزة دولية، و«اشتباك» الذي افتتح قسم «نظرة ما» في مهرجان «كان» عام 2016. وعبّر دياب عن سعادته بهذا الاستقبال الحافل للفيلم في عرضه الأول بالشرق الأوسط بعد مشاركته في مهرجان «فينسيا» خلال دورته الفائتة ضمن برنامج «آفاق» وحصوله على ثلاث جوائز هي «لانتيرنا ماجيكا»، و«إنترفيلم» إضافةً إلى جائزة «لجنة تحكيم Cict - UNESCO».
دياب ذكر خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد له على هامش عرض الفيلم في «الجونة»، أنّ فكرة الفيلم جاءته بعدما طالع خبراً في إحدى الصحف عام 2012 جاء فيه أنّ الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية قرروا الإنجاب عن طريق تهريب النطف الخاصة بهم خارج السجن لتُلقّح في رحم الزوجة، وسموا هذه العملية «أطفال الحرية» ورأيت أنّ هذه القضية يمكن طرحها في فيلم برؤية شكسبيرية.
قدم المخرج رؤية بصرية رائعة للفيلم بحساسية فائقة، وإيقاع متصاعد لم يفلت منه، وأداء صادق لأبطاله: الممثل الفلسطيني علي سليمان الذي يجسد شخصية الأب، والفنانة الأردنية صبا مبارك التي لعبت دور أم لشابة تحاصرها الاتهامات، إلى جانب الممثلين زياد بكري ووليد زعيتر، والممثلة الشابة تارا عبود، الأردنية من أصول فلسطينية، التي تتحمل جانباً كبيراً من عبء الفيلم، وتعبّر ببراعة عن الشخصية التي تمر بانفعالات متباينة، بين الضحك والبكاء والصدمة والانهيار، والتحدي الذي يسكنها مع النهاية الميلودرامية التي تصدم الجميع.
وأكدت الممثلة تارا عبود في تصريحات لـ«لشرق الأوسط» أنّ ترشيحها للفيلم جاء من خلال الفنانة صبا مبارك التي شاركت بالتمثيل معها في المسلسل الأردني «عبور» الذي عُرض في شهر رمضان الماضي، وهي من قامت بترشيحها للمخرج محمد دياب الذي كان يبحث بدوره عن ممثلة بمواصفات معينة لشخصية «أميرة».
وأضافت عبود: «سعيدة جداً لاختياري لهذا الدور الذي يناقش قضية تؤرق المجتمع الفلسطيني وهي قضية (تهريب النطفة) للمسجونين ويسلط الضوء على فلسطينيين يقضون أعمارهم وراء القضبان، إذ تظل القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعاً».
وبشأن استعدادها لأداء الشخصية التي تعيش مشاعر متضاربة تقول: «ساعدني المخرج محمد دياب كثيراً، على المستويين الفني والشخصي، فقد عاملني مثل شقيقته الصغرى، وكان يوجّهني في أثناء التصوير وساعدني في التحضير للدور، كما اختار لي أفلاماً أشاهدها قبل بدء التصوير لأستفيد منها، بالتأكيد كنت أشعر بالتوتر والقلق لأقدم أفضل أداء وكنت أفكر قبل كل مشهد كيف سأقدمه بطريقة مختلفة، كما شعرت بالثقة لوجود الفنانة صبا مبارك بجانبي وتجسيدها دور أمي».
مشيرةً إلى أنّها أحبت شخصية «أميرة» لأنها رغم كل الظروف الصعبة التي عاشتها، إنسانة قوية، ترغب في اتخاذ قراراتها وتحمل مسؤوليتها.
وعلى الرغم من أنّها تواصل دراستها للطب في الأردن، فإنّ تارا عبود تؤكد حبها للتمثيل وتأمل في أن تجمع بين التمثيل الذي تحبه والطب الذي تتطلع لممارسته، حسبما تقول: «سأجمع بين الاثنين، هذا ما أقوم به حالياً، لكن لا أعرف ما الذي سيصير في المستقبل، فقد أضطر لاختيار أحدهما»، ونوهت تارا عبود إلى أنهم صوّروا 13 نهاية للفيلم، لكن الجميع تحمس لهذه النهاية لصدقها رغم صدمتها.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.